كابول : صدرت مؤخرا رواية "ألف شموس ساطعة" للمؤلف خالد حسيني التي تروي مجموعة من الأحداث المتقلبة في أفغانستان، خلال الثلاثين عاما الماضية، بدءاً من الغزو السوفييتي، وحتى عهد طالبان، إلى إعادة البناء، في مرحلة ما بعد طالبان. تسرد الرواية قصة امرأتين ليلى ومريم وهما زوجتان لنفس الرجل واقترنتا به قسرا. ورغم الشكوك التي حملتها كل منهما تجاه الأخرى في البداية، فقد ربطتهما صداقة عميقة، تروى على خلفية ثلاثة عقود من التاريخ الأفغاني. إنها قصة مريم و ليلى، اللتين تعرضت حياتهما لمآسي عديدة، وعاشتا معا ظروفا قاسية بسبب الحروب المأساوية، حيث تأثرت حياتهما الشخصية، التي لا تنفصل عن تاريخ البلد التي عاشتا فيها، وعما حولهما من صراعات ولعب بها من حولها، وعاشتا الصراع من أجل البقاء وتربية الأسرة، و إيجاد السعادة. ويقول حسيني - وفق جريدة "الشرق الأوسط" اللندنية - "في بعض نواح استلهمتها من اصوات جماعية لنساء التقيتهن في أفغانستان في عام2003". وتابع "قضية المرأة حساسة جدا في افغانستان ، الأشياء التي اتحدث عنها موثقة تماما وبصفة خاصة فيما يتعلق بالقتال بين امراء الحرب وما فعلته طالبان بالناس". إنها قصة امرأتين من خلفيات مختلفة، ومن وجهات نظر مختلفة، وحتى من جيل مختلف، والتي انتهت بهما أن تعيشا و تعملا وتظلا على قيد الحياة معا، فبينما ولدت مريم كفتاة غير شرعية، وكانت غير مرغوبة من قبل والدها، وأرغمت على الزواج من رجل أعمال في كابول، وأرسلت بعيدا عن عائلتها، فإن ليلى كانت شابة متميزة، لكنها تيتمت بسبب الحرب، وانضمت إلى مريم لتعيش كزوجة ثانية لرجل استغل وضعها السيئ. يمكن القول - وفق الشاعرة والمترجمة السعودية عبير زكي - أن روايات خالد حسيني ساعدت القارئ على إدراك وتصور، ما فرضته دوامة الحروب والنزاعات العرقية، التي عانت منها أفغانستان في العقود الأخيرة، وهي تنم عن موهبة عالية وتمكن من تقنيات السرد وأدواته، وكشف المخبوء من أسرار الثقافة الأفغانية، ومزجها بالتاريخ والأحداث التي مرت بها بلاده و العلاقات الإنسانية و مفاهيم الحب وعلاقة الرجل بالمرأة وعلاقة الآباء والأبناء والصداقة والوفاء والخيانة والتكفير عن الذنب. كانت روايته الأولي بعنوان "سباق الطائرة الورقية" وتحكي الرواية قصة صداقة وخيانة وإحساس بالذنب وفداء بين صبيين هما أمير وحسن، اللذان يترعرعان معا في عوالم مختلفة في مدينة كابول في الستينات والسبعينات من القرن الماضي. إنها قصة صداقة أمير الحميمة مع حسن، والتي تتحول لتكون الخيط الذي يشد الرواية بشكل كامل، لكن هشاشة هذه الصداقة، التي ترمز لها الطائرات الورقية التي يطيرها الصبيان معا، تخضع للاختبار، حين يبدآن بمراقبة أسلوبهما في الحياة، فوالد أمير ثري وله وضعه الاجتماعي في البلد، في حين أن حسن هو ابن خادم العائلة. وأمير من قبيلة (البشتون)، وهم قبيلة سنية، في حين أن حسن من قبيلة (الهزارة)، وهم من الأقليات العرقية الأفغانية، وهم قبيلة شيعية. تتحول حياة الصبيين و مصيرهما المتشابك، في نهاية المطاف إلى مأساة، فحينما قام الاتحاد السوفييتي بغزو أفغانستان، فر أمير مع والده وأسرته من البلاد من أجل حياة جديدة، إلى ولاية كاليفورنيا، وبذلك أعتقد أمير أنه هرب من ماضيه، ومع ذلك فإنه لم يتمكن من ترك ذكرى حسن وراءه. ولد المؤلف خالد حسيني عام 1965 في كابول، وفي ذلك الوقت كانت عائلة خالد حسيني تختلط مع الشعراء والكتاب والدبلوماسيين والصحفيين والأطباء والمحامين. حيث كان والده دبلوماسيا يعمل في وزارة الخارجية، بينما كانت والدته تدرس اللغة الفارسية والتاريخ في اكبر مدرسة ثانوية في كابول. انتقلت عائلة حسيني إلى سان خوسيه، في كاليفورنيا في سبتمبر عام 1980 واستقرت هناك، حيث تعلم خالد وصار طبيبا، لكنه بدأ بكتابة أولى رواياته، "سباق الطائرة الورقية" في مارس من عام 2001. وفي عام 2003 عاد حسيني وهو طبيب يعيش في الولاياتالمتحدة الى افغانستان لأول مرة منذ عام 1976 في زيارة لمدة اسبوعين ليتعرف بنفسه على حال البلاد عقب الاطاحة بطالبان. في عام 2003، نشرت "سباق الطائرة الورقية" وأصبحت منذ ذلك الحين من أكثر الكتب الرائجة دوليا، حيث بيعت منها 4 ملايين نسخة في خلال ثلاث سنوات، ونشرت في 40 بلدا، وترجمت إلى لغات عديدة، أما روايته الثانية، "ألف شموس ساطعة" فقد نشرت في مايو من عام 2007.