صدر مؤخراً عن الهيئة العامة للكتاب بدمشق كتيب صغير بعنوان "القراءة سر تقدم الأمم" يدعو فيه الناشر للازدياد من القراءة والاطلاع والمعرفة منادياً. برفع شعار "معاًَ نجعل القراءة عادة يومية". وفي مقدمة الكتيب يشير الاستاذ محمد بلعيدوني وفقاً لجريدة "تشرين" السورية إلى أن القراءة لها مكانة عظمى في تكوين الانسان وبنائه،وهي القاعدة الأساسية لديه فمن دونها لا يقدر على معالجة أموره، وإن الاعتماد على القراءة شيء ضروري لحياة الانسان مدى الدهر، إذ هي الغذاء الروحي له، كل حسب اختصاصه ومقدرته، مبيناً أن هذا الكتيب يعد بمنزلة التذكير للجميع بأهمية القراءة، الكتيب من فصلين يحمل كل فصل عدداً من العناوين. يعرف الاستاذ بلعيدوني في الفصل الأول القراءة لغة واصطلاحاً، ويبين مراحل تعلمها وثمارها المرجوة من لدن معلميها وبيان ذلك على ضوء الذكر الحكيم والسنة النبوية الشريفة وأقوال العلماء، موضحاً أن القراءة باب من الأبواب التي لا يستغني عنها الكبير ولا الصغير، جعلها اللّه الأمر الأول الذي يبدأ به الانسان ولا يستطيع الاستغناء عنه يقول بعضهم: حفظ اللغات علينا فرض كحفظ الصلاة فليس يحفظ دين إلا بحفظ اللغات ويخلص الكاتب في هذا الفصل حسبما ذكرت "تشرين" الى أن هناك أنواعاً للقراءة وهي: القراءة المسموعة وهي عملية يؤديها القارئ لتوصيل معلومات ما بأداء حسن، ومن الفنون الأدبية التي تحتاج للقراءة، الخطابة، المحاضرة، المحاورة، المناظرة، وهناك القراءة الصامتة وهي من الانواع التي تلازم الفرد، مؤكداً على أن القراءة ضرورية لجميع فئات الأعمار. لكن الأنواع التي يحتاج إليها الانسان طول حياته ولا ينقطع عنها هي المطالعة بها يحرر نفسه من ربقة قيود العادات والطقوس الفاسدة التي لا تتماشى وعقل الانسان. وفي الفصل الثاني يتحدث عن دور القراءة في تنمية الفكر الانساني، موضحاً أن اللّه تعالى أودع في النفس البشرية حب التطلع والاكتشاف واستجلاء الأسرار بما يمكّن من مواصلة العيش الرغيد والحياة الزاهرة، إلا أن ذلك لا يأتي بالسهولة والعفوية بل بالتمرين والتعود على القراءة باستعمال الفكر وإحضاره. ويبين الاستاذ بلعيدوني في هذا الفصل دور القراءة في تنمية الفكرالانساني عبر العصور بإيجاز مع ذكر علماء القراءة في حقب متعاقبة "العصر الجاهلي العصر الاسلامي العصور المتأخرة" مبيناً أن سر تقدم الغرب وتخلف العرب هو أن الغرب وضعوا خطة ألا وهي استحسان القراءة وأداؤها بوجوهها المختلفة. فالغربيون لم يجعلوا القراءة محصورة في فئة دون أخرى وساعدوا على نشرها بكل الطرق ولو بإيصالها الى منزل القارئ، وجعلوا ذلك محفوفاً بالعلم الحديث الذي يطمح اليه القارئ بشغف وحب قويين فلا يمل أو يسأم، وهو دؤوب مستمر، كيف لا والكتاب الذي يريد مطالعته أو قراءته في متناوله، ويحس ويشعر بشغف في اقتنائه. ويؤكد الكاتب أن العلم الحديث مهما وصل الى الارتقاء فلا يستغني عن القراءة وينادي قائلاً: "كن قارئاً تضمنْ لنفسك حياة رغدة وتنجُ من الآفات المختلفة التي تلقاك". ويبين أن القراءة تعتمد على أسس لابد من وجودها ألا وهي تنوع الكتاب وتوفره بطريقة سهلة وبأثمان معقولة حتى يستطيع المثقف والمتعلم اقتناءه، لأنه شيء ضروري وحتمي إذ هو أساس الطالب والاستاذ والمثقف وكل قارئ من أي طبقة كان.