رئيس جامعة المنيا يبحث التعاون الأكاديمي مع المستشار الثقافي لسفارة البحرين    حملات نظافة وأسواق مدعمة.. جهود مكثفة لتحسين الخدمات في 5 مراكز بالوادي الجديد- صور    البيت الأبيض يرد على تقارير العثور على وثائق تخص قمة ألاسكا.. ماذا قال؟    "أكسيوس": الصين ذُكرت في قمة ألاسكا كأحد الضامنين المحتملين لأمن أوكرانيا    أحمد موسى: قطيع الإخوان هربوا من أمام السفارة المصرية ب هولندا (فيديو)    "لسه بيتعرف".. أيمن يونس يعلق على أداء يانيك فيريرا في مباارة الزمالك والمقاولون    ملف يلا كورة.. تعثر الزمالك.. قرار فيفا ضد الأهلي.. وإصابة بن رمضان    سلة - باترك جاردنر – سعداء بما حققه منتخب مصر حتى الآن.. ويجب أن نركز في ربع النهائي    «مش عارفين يوقفوا الكورة.. وبيشيلوا رجليهم بالعافية».. رضا عبدالعال يفتح النار على ثنائي الزمالك    الداخلية تكشف حقيقة مشاجرة أمام قرية سياحية بمطروح    «بأمان».. مبادرات وطنية لتوعية الأهالي بمخاطر استخدام الأطفال للإنترنت    تعرف على موعد ومكان جنازة مدير التصوير تيمور تيمور    عمرو محمود ياسين يكشف تفاصيل رحيل تيمور تيمور: «الأب الذي ضحى بحياته من أجل ابنه»    بالصور.. خالد سليم يتألق والأرتيست يشعل مسرح المحكي بالفلكلور    مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي يفتح باب التقديم للورش الفنية في دورته ال32    لأول مرة بجامعة المنيا.. إصدار 20 شهادة معايرة للأجهزة الطبية بمستشفى الكبد والجهاز الهضمي    الآلاف يشيعون «تقادم النقشبندي» شيخ المصالحات في الصعيد    ننشر معاينة حريق مخزن بولاق أبو العلا بعد سيطرة رجال الحماية المدنية    رفع حدود بطاقات الائتمان وتدبير العملة يعززان الثقة في سوق الصرف الأجنبي    انخفاض الكندوز 26 جنيهًا، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    أول تعليق من فيريرا بعد تعادل الزمالك والمقاولون العرب    نشرة التوك شو| لجان حصر وحدات الإيجار القديم تبدأ عملها.. واستراتيجية جديدة للحد من المخالفات المرورية    تعرف على مكان دفن مدير التصوير الراحل تيمور تيمور    يسرا تنعى تيمور تيمور بكلمات مؤثرة: "مش قادرة أوصف وجعي"    رئيس الأوبرا: واجهنا انتقادات لتقليص أيام مهرجان القلعة.. مش بأيدينا وسامحونا عن أي تقصير    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية قبل بداية تعاملات الأحد 17 أغسطس 2025    أسباب وطرق علاج الصداع الناتج عن الفك    «صحة مطروح» مستشفيات المحافظة قدمت 43191 خدمة طبية وأجرت 199 عملية جراحية خلال أسبوع    أبرز تصريحات الرئيس السيسي حول الأداء المالي والاقتصادي لعام 2024/2025    عيار 21 يفاجئ الجميع.. أسعار الذهب تنخفض 320 جنيهًا اليوم الأحد 17 أغسطس 2025    شهداء ومصابون في غارة للاحتلال وسط قطاع غزة    المصرية للاتصالات تنجح في إنزال الكابل البحري "كورال بريدج" بطابا لأول مرة لربط مصر والأردن.. صور    أول يوم «ملاحق الثانوية»: تداول امتحانات «العربي» و«الدين» على «جروبات الغش الإلكتروني»    توقعات الأبراج حظك اليوم الأحد 17 أغسطس 2025.. مفاجآت الحب والمال والعمل لكل برج    في أقل من شهر.. الداخلية تضبط قضايا غسل أموال ب385 مليون جنيه من المخدرات والسلاح والتيك توك    الزمالك راحة من مران الأحد.. ويبدأ الاستعداد لمودرن الإثنين    تعليق مثير فليك بعد فوز برشلونة على مايوركا    «أوحش من كدا إيه؟».. خالد الغندور يعلق على أداء الزمالك أمام المقاولون    تصاعد الغضب في إسرائيل.. مظاهرات وإضراب عام للمطالبة بإنهاء الحرب    كيف تتعاملين مع الصحة النفسية للطفل ومواجهة مشكلاتها ؟    درجات الحرارة المتوقعة اليوم الأحد 17 أغسطس 2025 فى مصر    iPhone 17 Pro Max قد يحصل على ترقية غير مسبوقة للكاميرا    مسؤول مخابرات إسرائيلى: قتل 50 ألف فلسطينى كان ضروريًا لردع الأجيال القادمة    يسري جبر يوضح ضوابط أكل الصيد في ضوء حديث النبي صلى الله عليه وسلم    عاوزه ألبس الحجاب ولكني مترددة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز إخراج الزكاة في بناء المساجد؟.. أمين الفتوى يجيب    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة المولد النبوي 2025 في مصر فلكيًا للموظفين والبنوك (تفاصيل)    «زي النهارده».. وفاة البابا كيرلس الخامس 17 أغسطس 1927    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. الاحتلال يقيم خيام إيواء لسكان مدينة غزة لنقلهم للجنوب.. مظاهرات فى تل أبيب تطالب بإبرام صفقة تبادل مع حماس.. وميلانيا ترامب ترسل رسالة شخصية إلى بوتين    بريطانيا تحاكم عشرات الأشخاص لدعمهم حركة «فلسطين أكشن»    "الصحة" تعلن فحص 8 ملايين و336 ألفا ضمن مبادرة علاج فقدان السمع لدى حديثى الولادة    حزن ودعوات| المئات يشيعون جثمان «شهيد العلم» في قنا    القائد العام للقوات المسلحة: المقاتل المصري أثبت جدارته لصون مقدرات الوطن وحماية حدوده    رئيس حزب الريادة: تجربة تحالف الأحزاب في انتخابات «الشيوخ» كانت مثمرة رغم التحديات    وزير الأوقاف: مسابقة "دولة التلاوة" لاكتشاف أصوات ذهبية تبهر العالم بتلاوة القرآن الكريم    الشيخ خالد الجندي: الإسلام دين شامل ينظم شؤون الدنيا والآخرة ولا يترك الإنسان للفوضى    وزير الري يتابع موقف التعامل مع الأمطار التي تساقطت على جنوب سيناء    وفقا للقانون.. تعرف على حالات تتسبب فى وقف ترقيات الموظفين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ميرفي بكتابه: " هل تسقط أمريكا مثلما سقطت روما؟"
نشر في محيط يوم 06 - 08 - 2007

"هل تسقط أمريكا مثلما سقطت روما ؟ "

تحلل اجتماعي .. فساد .. تعدد ثقافات .. بناء قواعد عسكرية علي أراضي دول أخري والاعتقاد بأن هناك مهمة ورسالة يجب عليها أن تبشر بها وتنشرها في العالم، هي كلها مظاهر تجمع بين الامبراطورية الأمريكية وبين الامبراطورية الرومانية القديمة التي هيمنت علي العالم لما يقرب من ستة قرون.
محيط - ترجمة : حنان سليمان
في هذا الكتاب "هل نحن روما؟ قصة سقوط امبراطورية ومصير أمريكا" الذي صدر في شهر يونيو الماضي (2007)، يعرض الكاتب الصحفي الأمريكي كالن ميرفي في مجلة "فانيتي فير" الأمريكية موضوعا مثيرا للغاية اذ يتعرض لعوامل تحلل وسقوط الامبراطورية الرومانية القديمة ويعقد مقارنات عدة بينها وبين الامبراطورية الأمريكية ليطرح تساؤلا هاما في 272 صفحة هي عدد صفحات الكتاب وهو: هل تسقط أمريكا مثلما سقطت روما؟
يقول المؤلف في أحد اللقاءات الثقافية التي أعدت للترويج لكتابه ان هناك انطباع عام بأن أمريكا أصبحت امبراطورية تشترك في كثير من الخصائص مع الامبراطورية الرومانية لكن لا يوجد اجماع أمريكي في الموقف العام من ذلك. فهناك فريق في مقدمته الرئيس الأمريكي جورج بوش والمحافظين الجدد يرى أن الوقت قد حان لكي يكون العالم كله أمريكيا علي طريقة Pax Americana. هذا الفريق الذي تندرج تحته الادارة الأمريكية الحالية كما يوضح المؤلف يرغب في فرض املاءاته علي العالم بالطرق التي يريدها.
أما الفريق الآخر فهو علي النقيض تماما اذ يدعم سياسة خارجية متواضعة.
امبراطورية روما ونظيرتها الأمريكية
بداية .. فان ميرفي يوضح في مقدمة كتابه أن هناك بعدين للتشابه بين الامبراطوريتين مؤكدا أن النقاش والمقارنة مع الامبراطورية الرومانية كان موجودا في المجتمع الأمريكي منذ وقت طويل ، البعد الأول في أوجه التشابه هو بعد تاريخي، فالامبراطورية الرومانية كانت ملكية في البداية ثم تطورت عبر الزمن الي جمهورية أما أمريكا فهي جمهورية انبثقت عن الملكية البريطانية. ويلفت المؤلف إلى الطراز المعماري للعاصمة الأمريكية واشنطن اذ أنه يمثل طرازا معماريا رومانيا خالصا ، أما البعد الثاني وهو بعد حديث يدور حول نشر جيش كلا الامبراطوريتين في أنحاء مختلفة من العالم.
وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي وبروز الولايات المتحدة في العالم باعتبارها القوى العظمي الوحيدة المهيمنة، ظهر النقاش والجدال حول تشابه روما وأمريكا من جديد.
يعدد المؤلف أوجه التشابه بين روما وأمريكا فكلاهما يعاني مما وصفه ب"التعفن الاجتماعي" وغياب الفضائل والأخلاق العامة في المجتمع الذي يعاني من التفرقة وعدم المساواة بين مواطنيه واتساع الفجوة بين الطبقات الاجتماعية فتجد الطبقة المتخمة وطبقة تعاني الفاقة الشديدة والعوذ ، وفي روما كانت نسبة طبقة الصفوة للطبقة العادية خمسة آلاف إلى واحد ، بينما في أمريكا فإن الدخل المتوسط لأي مدير تنفيذي هو أربعمائة أضعاف دخل العامل العادي!.
الفساد استشرى ، وفق مؤلف الكتاب ، بمؤسسات كلا الإمبراطوريتين ، والتي تم إضعافها بأشكال متعددة من الخصخصة ، فتجد أن المهام الحكومية توكل لشركات خاصة ، وتشترك الإمبراطوريتان في القدرة العسكرية والثقافية والاقتصادية والتكنولوجية الكبيرة التي خلقت نظاما يجبر العالم على السير بركبه.
من جهة أخرى كلا الإمبراطوريتين ترحبان بالمواطنين الجدد والمهاجرين من العالم ، وتبدي استعدادا لتقبل الآخر المختلف وحتى الدين المختلف .
كلا الامبراطوريتين أيضا آمن من يقودهما بوجود رسالة معينة علي بلاده أن تبشر بها وتوصلها للعالم ، وفي هذا السياق فان قيصر روما وجورج بوش الابن عملا علي نشر قواتهما العسكرية في دول مختلفة لتكمل هذه "الرسالة" وكأن بوش والقيصر رسل لا يكتفون بالبلاغ وانما يجبرون الناس علي الطاعة والامتثال لما يريانه صائبا.
وبالطبع فإنهما أثناء ممارسة هذا الدور "الملائكي" لا يحملان للمجتمعات المستهدفة سوي نظرات الدونية التي تحط وتقلل من شأن ثقافاتهم وعقائدهم فالعالم بالنسبة لهم لا يضم سواهم ولا يهم أي رأي آخر، بحسب مؤلف الكتاب.
الخصخصة والفساد
تنبأ المؤلف بسقوط الإمبراطورية الأمريكية ، حيث أشار لخصخصة المؤسسات الحكومية عن طريق تكليف أفراد وشركات تجارية بتنفيذ المهام الحكومية باعتبارها مؤشرا مشتركا يعيد للأذهان التجربة الرومانية وينبئ بسقوط أمريكا ، حيث أظهرت دراسة أجريت بأواخر التسعينات لتضاعف تحول الوظائف الحكومية لخاصة ، حيث يقدر عدد الأفراد العاملين بالقطاع الخاص مع أدائهم مهاما حكومية فيدرالية بنحو 8,5 مليون شخص.
لم تكن الخصخصة شيئا جديدا يطرأ علي المجتمع الأمريكي بل كان نية مبيتة له ؛ ففي الثمانينيات، شكل الرئيس رونالد ريجان لجنة رئاسية مهمتها الغاء الحدود بين الوظائف العامة والوظائف الخاصة ومنح القطاع الخاص كافة أشكال الدعم وهي نفس الرؤية التي حملتها ادارة بيل كلينتون في التسعينيات. وهكذا أصبح المواطن الأمريكي مضطرا لدفع مقابل مادي لخدمات كثيرة كان يحصل عليها بالمجان في الماضي مثل احصائيات مكتب الاحصاء الأمريكي الذي كان يقدم خدماته للجميع بدون أي مقابل لكن معلوماته الآن أصبح ثمنها مرتفع بحيث لا تستطيع سوى الشركات الكبيرة دفعه.
ومن أمثلة الوظائف الحكومية التي تمت خصخصتها، الاشراف علي بنية الطرق السريعة والتفتيش الغذائي ومراقبة وتأمين الحدود وحتي حماية النفايات النووية.
ويقول المؤلف ان هؤلاء الموظفين الذين يؤدون هذه الأعمال تنقصهم الخبرة كما أنهم غير أكفاء فلا يوجد ما يشغل بالهم سوى كيفية زيادة أجورهم دون أي اعتبار للمصلحة العامة ، ويضرب مثالا على ذلك بفشل الهيئة الفيدرالية لادارة الطوارئ -التي يعمل بها أشخاص تم تعيينهم وفقا للانتماءات السياسية رغم عدم خبرتهم- في الاستجابة السريعة لاعصار كاترينا فكانت النتيجة كارثية.
وأشار الكاتب لكتاب آخر نشر عام 1976 بعنوان "حكومة الظل" حذر فيه المؤلفان دانييل جاتمان وباري ويلنر من انتقال الوظائف الحكومية للمستشارين التجاريين ومراكز الأبحاث السرية التي لا يحاسبها أحد لتتحول بذلك قطاعات حكومية كاملة الي تجارة .
المرتزقة .. جيش مأجور خدم أمريكا وروما!
محور آخر يتضمنه هذا الكتاب المثير وهو محور طالما تحدث فيه الاعلام وهو جيش المرتزقة الذي جمعته الولايات المتحدة من شركات عسكرية خاصة ليحارب معها في العراق.
ونظرا للرؤية المختلفة التي تنظر بها قيادة الامبراطوريتين للجيش باعتباره أداتها لاكمال نشر أفكارهما في العالم، فانهما كانا في حاجة الي جنود مأجورين يقاتلوا جنبا الي جنب مع الجيش الأصلي الذي لا يتناسب حجمه مع المهام المطلوبة منه. ويشبه المؤلف هذا الدور بالدور الذي لعبه المقاولون والتجار في عهد قيصر روما حيث دأبوا علي مرافقة القادة العسكريين في الحروب وامداد الجيش بما يحتاجه والقيام بأي خدمات أخري مقابل أجر كبير يتناسب مع قدر المخاطرة التي يتحملونها.
يقول المؤلف "في عام 1960 كان عدد ضباط الشرطة يزيد بكثير عن حراس الأمن المأجورين أما الآن فقد أصبح عدد الحراس المأجورين ضعف عدد ضباط الشرطة بعدما أصبح قطاع الأمن الخاص قطاعا رائجا ينمو بسرعة كبيرة في المجتمع الأمريكي.
حتي أكثر وأخطر المهام السرية المرتبطة بالمخابرات الأمريكية من أعمال ترجمة ومراقبة اليكترونية وتحقيقات وتحليلات وتقارير وملخصات توكل الي شركات خاصة هادفة للربح. ويذكر المؤلف أن هناك ما لا يقل عن 90 مسئولا سابقا في وزارة الأمن الداخلي وفي مكتب الأمن الداخلي في البيت الأبيض يعملون حاليا في شركات خاصة.
وينقل المؤلف عن أحد المحللين بجامعة جونز هوبكنز قوله ان حجم المقاولين زاد بشكل يصعب معه الادعاء بأن الحكومة لها أي سيطرة عليهم. ويدلل ميرفي علي هذا التحليل بقوله انه لو كانت الادارة الأمريكية لها أي سيطرة علي هذه الشركات الخاصة التي توكل اليها أعمالا كبيرة وهامة ليس علي الأراضي الأمريكية فحسب بل في العالم كله، لما كان الفساد سيستشري بهذه الصورة في عمليات اعادة اعمار العراق التي شاركت فيها شركتي بيكتل وهاليبرتون؛ فالشركات الخاصة معفاة من كثير من القوانين التي تلزم الشركات الحكومية وعلي هذا الأساس لم تمنع العقوبات الأمريكية الرسمية علي ايران وليبيا والعراق ( قبل الحرب) شركة هاليبرتون من القيام بعمليات تجارية عبر شركات تابعة لها مع هذه الدول الثلاث المغضوب عليها.
الحدود والموانئ والجامعات .. ادارات تجارية
وينتقد ميرفي تفكير الادارة الأمريكية في اعفاء شرطة حرس الحدود من مهمتها واستبدالها بمقاولين متعددي الجنسيات.
فقد ظل الأمريكيون منشغلين وغافلين عن خصخصة الوظائف الحكومية الا انهم سرعان ما هبوا لوقف صفقة كانت ستتولي بموجبها شركة "دي.بي وورلد" الاماراتية ادارة نصف كبري الموانئ الأمريكية. هذه الهبة كشفت لهم أنهم كانوا في سبات عميق .. غافلين عن خصخصة عمليات الاشراف ومراقبة الموانئ التي بدأت منذ ثلاث عقود حتي بات الآن حوالي 80% من الموانئ الأمريكية تحت ادارة شركات أجنبية وعلي رأسها الشركات الصينية.
لم تسلم أي من أنظمة المياه والمجاري ولا المطارات أو المستشفيات العامة من سرطان خصخصة الوظائف الحكومية. حتي الجامعات الحكومية التي يفترض أن تدعمها الحكومة -كل حسب ولايته- تدهورت حالها وسحبت الجامعات الخاصة البساط منها لتتاجر في العملية التعليمية.
الطريف في الأمر أن وزارة الداخلية الأمريكية اقترحت فتح الباب أمام بيع أسامي المتنزهات العامة الأمريكية لمن يريد أن يستفيد من شهرتها وفي نفس الوقت من يدفع أكثر وكأنها بلد يعرض كل ممتلكاته في مزاد علني أو بلد يبيع نفسه.
ديموقراطية روما .. رشاوي ونفوذ ومصالح

علي الجانب الآخر تقف هناك بعض الاختلافات بين الامبراطوريتين وهي الأمل الذي يعيش عليه بعض الأمريكيين ليدفعوا ببطلان النهاية الأليمة المتوقعة لامبراطوريتهم بناءا علي أوجه التشابه الكثيرة -والتي تفوق الاختلافات- بينها وبين نظيرتها الرومانية. من هذه الاختلافات نذكر أن الامبراطورية الرومانية لم تكن لديها طبقة وسطي في المجتمع التي تعتبر أساس المجتمع الأمريكي ، كما لم تنتج روما أفكارا وعلوما للعالم بالقدر الذي أنتجته أمريكا وأصبحت بناءا عليه قبلة للعلوم والتكنولوجيا والإبداع
، ومن ضمن الاختلافات أنه من الناحية الاقتصادية كان اقتصاد روما ثابتا ومستقرا بينما الاقتصاد الأمريكي يتمتع بالحيوية والديناميكية.
روما قبل أن تصبح امبراطورية كانت دولة لآلاف من السنين بينما أمريكا قضت 200 عاما فقط قبل أن تتحول لإمبراطورية عظمي.
علي مستوي الادارة والحكم، لم تكن الامبراطورية الرومانية امبراطورية ديمقراطية مثل أمريكا وان كانت قد اتبعت أمثلة متواضعة للديمقراطية، وكانت عاصمة الامبراطورية مكمن السلطة والنفوذ واعتمدت جميع المدن والأحياء علي سلطة ومواهب الطبقة العليا.
ومنذ حوالي 50 عاما، أجري المؤرخ البريطاني جيفري كروا من جامعة أوكسفورد بحثا متعمقا في كلمة "سفراجيام" اللاتينية والتي تعني صندوق التصويت ليؤرخ للحياة السياسية والنظام السياسي في امبراطورية الرومان ، ووفق هذا المعنى فان المواطنين في البداية كان لديهم الحق في ممارسة نفوذهم وتأثيرهم للتحكم في اختيار المرشحين لبعض السلطات ، وبالطبع كان لكبار رجال روما شبكات نفوذ واسعة مكنتهم من تحقيق اراداتهم ، لكن "سفراجيام" لم تكن تطبق علي نطاق التصويت فقط بل أيضا للحصول علي وظيفة أو للتأثير علي حكم قضائي، فكان يعد من قبيل التفاعل الاجتماعي الروتيني.
ثم تطور الأمر ودخلت الرشاوي والعمولات في اللعبة حتي أنه مع انهيار الامبراطورية الرومانية لم يكن هناك أي عمل يتم بدون دفع رشاوى مالية وكان كل هدف الرومان العاملين في الوظائف الحكومية هو تحقيق أكبر مكاسب ممكنة وعرفت "سفراجيام" صراحة بعد ذلك بأنها رشوة.
يقول المؤلف ساخرا في لقاء ثقافي دار حول كتابه ان حجم التصفيق الحاد الذي يلقاه الرئيس بوش في خطابات حالة الاتحاد State of the union يذكره بالناس كثيرة الهتافات الذين كانت تستأجرهم القيادات الرومانية للتصفيق لهم ... لكن السؤال الأخير للمواطن الأمريكي هو كم سيدوم التصفيق؟؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.