السورية وليدة عتو في جمعية الأدباء أحلام المواطن العربي على قائمة الانتظار منذ أمد بعيد، يحاول أن يحملق فيها متى تبدأ بالتحقق في الواقع، وقد أقامت جمعية الأدباء المصرية حفل استقبال الأديبة السورية "وليدة عتو" لمناقشة روايتها الجديدة "اغتالوا أحلامنا".
شارك في اللقاء أ.د سهير عبدالعزيز عميدة كلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر، والأديب والناقد حسن الجوخ، وأدار المناقشة د. يسري العزب. متابعة : هاني ضوّه في بداية اللقاء رحب يسري العزب بالأديبة "وليدة عتو" واصفاً هذه المناسبة بالوحده الوطنية بين مصر وسوريا التي لم تتحقق في الواقع. بدأت عتو بالكتابة في أوائل الثمانينات، وصدرت أول رواية لها عام 1991، وكانت منذ طفولتها تحلم بان تدخل عالم الإبداع الأدبي . تأثرت وليدة بالأدب العالمي في إسلوب كتابتها، بحسب العزب، مع ذلك فهي تحاول أن تحفظ موروثنا الثقافي العربي في كتاباتها.
الأديبة وليدة عتو تحدثت عن عملها الجديد قائلة: "اغتالوا أحلامنا. هي اغتيال الأحلام في وطننا العربي، أحلام كل فرد يحب وطنه، اغتيال كل أحلام صغار الموظفين، اغتيال أحلام أي مريض يحلم أن يخرج من المشفي معافا، فهي باختصار اغتيال أحلام كثيرة شخصية مروراً بواقعنا السياسي". قرأت "وليدة" مقدمة روايتها وهي عبارة عن إهداء تغزلت فيه في بلدها سوريا واصفة إياها ب "عشق روحي، ومحراب حبي". الناقد حسن الجوخ قال أن الرواية تنتمي لنوعية روايات الأجيال لأن أحداثها وشخصياتها تناولت ثلاثة أجيال مختلفة ، وتدور الرواية حول رجل ريفي يترك ميراثاً لأبناءه الثلاثة "سالم"، "حامد"، و"عادل" وعند توزيع الميراث تجري قرعة ويكون نصيب عادل قطعة أرض متميزة ويثير هذا حقداً بين أخوانه ويحاولون باستمرار الاستيلاء عليها فعندما يزرع الأرض يغرقوها، وإذا كان محصوله جيداً حرقوه. أثناء أحداث الرواية تنبت قصة حب بين سعاد ابنة سالم، ومحمود ابن عمها عادل، ولكن العم سالم يرفض تزويجهما بسبب الخلاف على الأرض، ولكن أخو سعاد يفكر تفكيراً شيطانياً وهو إتمام زواج سعاد من محمود ثم يحاولون الإستيلاء على الأرض بهذه الطريقة، ويحدث العكس!! ، فما أن تزوجا حتي دبت الخلافات بينهما، وفي هذه الأثناء تحدث مشاجرة بين حسين ابن سالم ومحمود ابن عادل فتفلت رصاصة من مسدس حسين فتقتل أبوه سالم ويتهم فيها محمود ولكنه ينجو من تلك التهمه.
يعود محمود إلى القرية فيجد تحرشاتهم لا تزال مستمرة فيقرر أن يهاجر من القرية ويأخذ زوجته سعاد معه وبالفعل يهاجر ويشتري بيتاً وأرضاً جديدة في قرية مجاورة، وتظهر في الأحداث شخصية جديدة وهي فاطمة جارة سعاد في القرية الجديدة. يتابع الجوخ: الشخصيات والأحداث في الرواية هي مسألة مطرده أشبه بحكايات "ألف ليلة وليلة" حيت تنتقل الشخصيات والحكاية من شخصية لأخرى بشكل أقرب بالمتصل، فقد تزوجت فاطمة هذه رغماً عنها من فلاح قروي ويتوفى زوجها وتعيش حالة من الكفاح من أجل أبنائها. يظهر في حياة فاطمة رجل اسمه حسام يخطط للإيقاع بانثي جميلة اسمها شيرين وهي صديقة لفاطمة عبر حبه لفاطمة، لكن يحدث مالا يتوقع فقد أحب فاطمة بصدق ثم تزوجها بالرغم من معارضة أبنائها والذين تتركهم في القرية. وتعود الرواية مرة أخري لمحمود والذي استهوته مسأله السفر فيذهب للخليج ويكون مبلغاً من المال بعد حوالي 4 سنوات ترك فيها سعاد وحيده فيفتح شركة لبيع السيارات ويجد خلال الوضع الجديد أن زوجته القروية لم تعد تناسبه فيقرر الزواج من زوجة جديدة عصرية تليق بوضعه الجديد وبمرور الوقت تتوالى على رأسه الخسائر. وتنتقل الرواية لجيل ثالث فقد أنجب محمود ولداً اسمه عادل ومن كثرة الظلم الذي تعرض له جده وأبوه يجد أن العدل ضائع في البلده فيقرر الالتحاق بكلية الحقوق ليصبح هو المدافع عن حقوق عائلته في الأرض، وخلال دراسته يعمل في مجالات مختلفة فمرة حمالاً ومرة عامل في كافيتيريا وأخري بائعاً حتي يحصل على ليسانس الحقوق ويفتح مكتباً للمحاماه، فيذهب عادل ووالده إلي القرية ليبيع جزءاً من الأرض ولكن أهله يرفضون ويحرضون أهل القرية على عدم الشراء منه.
ومع الناقد حسن الجوخ نتابع : يخرج عادل حيراناً فيقابل صديقا له وهو فؤاد، فيحكي له مشكلته. يقترح فؤاد على عادل أن يبيع له الأرض بعقد صوري، وبالفعل تم هذا ثم قام ببيع الأرض بشكل تدريجي ويفتح مكتب المحاماه.
تظهر في أحداث الرواية شخصية جديدة وهي أمل وهي بنت محمود من زوجته الثانية العصرية، فيرسلها محمود إلي أخيها عادل في المدينة ليتولى الإشراف على تعليمها، وبالفعل تتعلم بالرغم من التقاليد التي تمنع تعليم البنات، ثم تلتحق بكلية الآداب وتحصل على الليسانس. توقف أمل علمها على أهل قريتها، وتسعي لمحو أميتهم، وتحاول أمل الحصول على الدكتوراه وبالفعل تحصل عليها. تنتقل أمل مع أخوها عادل للمدينة وتلتقي بفؤاد الصحفي صديقه القديم، فتقع بينهما علاقة حب، لكن كلما همَّ فؤاد أن يحدث أمل في موضوع الزواج تتحجج بطموحاتها إلي أن تصبح أمل وزيرة للثقافة.
يجري فؤاد عددا من الحملات الصحفية ضد الظلم والفساد والساسة العرب المتمسكين بكراسيهم، وتنتهي بنا الرواية إلي الوضع الذي تعيشه بلادنا العربية، فيغوص فؤاد في هذه المسألة إلي أن يفاجأ بسقوط بغداد، وبها يسقط القلم من يد فؤاد فيتوقف عن الكتابة في حين انشغلت أمل بمنصبها الجديد، فيفكر في كتابة مذكراته. بعد انتهاء الجوخ من السرد السريع لأحداث الرواية تناول الناقد حسن الجوخ الرواية بالنقد وأوضح أن الرواية تتمحور حول قضية أساسية هي قصة الأرض والتشبث بها بداية من الأرض الخاصة المحدوده الموروثة وتشمل محتوي أكبر هو أرض الوطن والعرب، فالرواية تنتمي للبناء التقليدي للرواية. أما عن شخصيات الرواية فتنقسم إلي شخصيات رئيسة وهي: عادل، محمود، سعاد، أمل، وفؤاد. وشخصيات ثانوية مثل: حسن، فاطمة، وفاء والسيدة المصرية حنان. فهناك شخصيات تتفاعل خلال الرواية فتعطيناً ضغطاً على قضايا شائكة. وعن الحوار في النص يقول الجوخ: "يأتي الحوار في هذه الرواية متدافعاً في السطر الواحد، وهذه تقنيه في الكتابة بحيث لا تقول الكاتبة قال فلان، ولكنها تترك القارئ يخمن من قال هذا. والكاتبة في الرواية لم تركز على الوصف ولم تنشغل به، بل استخدمت طريقة السرد في التعبير عن الأحداث". عاب الناقد الجوخ على الرواية ظهور بعض الشخصيات في أحداثها فجأة دونما تمهيد كاف مثل شخصية فؤاد، ووصول أمل المفاجئ إلي منصب وزيرة للثقافة. وعقب د. يسري عزب مدير اللقاء على ملاحظات الجوخ قائلاً: "أنه جميل من الكاتبة أن تستخدم طريقة السرد في توظيف الفعل الروائي "الحدث" ومن خلاله يمكننا أن نحدد الملامح التي تتمتع بها الشخصيات الفاعلة ، فإعفاء الكاتبة من الوصف الخارجي جعل الشخصيات فاعلة في الرواية. أشادت الدكتورة سهير عبدالعزيز عميدة كلية الدراسات الإنسانية بالأزهر ب" اغتالوا أحلامنا" من حيث السرد الجميل، وهو إسلوب يتمتع به الأدب الأجنبي أكثر من العربي، مشيرة إلى أن هناك نوع من التشاؤم ضمن أحداث الرواية مثل الحقد بين الأقارب والصراع بينهم، صحيح أنها أعطت عقوبة لكنها تركته إلى حد ما، وهذا يعبر عن ثقافة سلبية يجب عند سردها أن يتم عمل حوار ما بين الشخصيات لبيان سلبيتها. وتضيف د. سهير أن الرواية تحتوي أيضاً على بعض القيم الإيجابية مثل قيمة الحب، وإخلاص الزوجة لزوجها، ولكن الكاتبة أغلقتها مرة أخري بغدر الزوجة، وأعطته عقوبة لكن سمات ثقافية سلبية أبرزتها بصورة فيها نوع من التشاؤم. وتنهي د. سهير كلمتها بإشارتها إلى أن الأسماء في الرواية مقصودة فأمل وفؤاد تعني الأمل في المستقب للأجيال الجديدة وهكذا. في ختام المناقشة عقب د. يسري العزب على نقد د. سهير عبدالعزيز، موضحا أن ظاهرة التشاؤم في واقعنا لا يمكن إغفالها ، متسائلاً: هل هناك ما يدعونا إلى التفاؤل ؟!!!، فالكاتبة وضعت جرعة كبيرة من الأمل في تغيير الوااقع الذي زاد فيه الفساد، وهذا يعيدنا إلي قضية أساسية في النقد الأدبي، مؤكداً على أنه يجب أن نعتمد على الواقع لنغير الواقع، فنقدم صورتي الواقع كما هي وكما يجب أن تكون.