قانون الإيجار القديم.. الإقرار بإجلاء العين المأجرة شرط الشقة البديلة    وفاة رئيسًا للجنة امتحانات ثانوية عامة متأثرًا بإصابته في حادث بأسيوط    النائب عماد خليل يكتب: موازنة الدولة الأكبر للحماية الاجتماعية    محافظ كفر الشيخ يوجّه بإصلاح كسر خط المياه المغذي ل معدية رشيد والجنايدة    جوتيريش ل إسرائيل وإيران: «اعطوا السلام فرصة»    روسيا: الضربات الإسرائيلية على إيران قد تؤدي إلى كارثة نووية    مونديال الأندية| نيتو يتقدم ل تشيلسي أمام فلامنجو في الشوط الأول    القبض على الفنانة الكويتية شجون الهاجري لحيازتها ماريجوانا وكوكايين| صورة    مينا مسعود يكشف عن موعد حفلات زفافه على الهندية إميلي شاه    محافظة الإسماعيلية تنظم ندوة توعوية حول التأمين الصحي الشامل    طلب مناقشة أمام "الشيوخ" بشأن التنمر والعنف المدرسي الأحد    بعد صفقة جارسيا.. برشلونة يعيد هيكلة مركز حراسة المرمى    مانشستر يونايتد يهدد مستقبل أونانا بصفقة أرجنتينية    السيطرة على حريق في منزل غير مأهول بقرية تلت دون إصابات بشرية    نقابة محامي المنيا تستطلع رأي الجمعية العمومية بشأن الإضراب العام والاعتصام بالمحاكم    رئيس وزراء صربيا يشيد بمكانة دير سانت كاترين التاريخية والدينية    الرئاسة الإيرانية: الولايات المتحدة تستطيع إنهاء الحرب مع إسرائيل بمكالمة من ترامب    العد التنازلي بدأ.. جدول امتحانات الثانوية السودانية 2025    56 عامًا على رحيله.. ذكرى وفاة الصوت الباكي الشيخ محمد صديق المنشاوي    الطريق إلى اللجان.. وفاة رئيس لجنة وإصابة 19 مراقبًا في حوادث الأسبوع الأول للثانوية    تشكيل مباراة بنفيكا ضد أوكلاند في كأس العالم للاندية    كسر مفاجئ يقطع المياه عن معدية رشيد والجنايدة.. ومحافظ كفرالشيخ يوجّه بإصلاحه واستئناف الضخ التدريجي    مصرع شاب سقطت على رأسه ماسورة ري بالوادي الجديد    تركي آل الشيخ ينشر صورًا من زيارة مروان حامد لاستديوهات "الحصن"    نتنياهو: إيران تمتلك 28 ألف صاروخ وتحاول تطوير قنابل نووية    فوت ميركاتو: اتحاد جدة يبدي رغبته في التعاقد مع بوجبا    مصر تعرض فرص تشغيل مطاراتها على كبرى الشركات العالمية    إدراج جامعة سيناء بتصنيف التايمز 2025..    مكافأة تشجيعية للمتميزين وجزاءات للمقصرين في المنشآت الصحية بالدقهلية    وسط هدم مزيد من المباني| جيش الاحتلال يصعد عدوانه على طولكرم ومخيميها بالضفة    ضبط 12 طن دقيق مدعم في حملات على المخابز خلال 24 ساعة    إصابة 5 أشخاص إثر تصادم ملاكي مع توكتوك في مسطرد بالقليوبية    بروتوكول بين «الثقافة» و الجيزة لإقامة تمثال ل«مجدي يعقوب» بميدان الكيت كات    خطيب الجامع الأزهر: الإيمان الصادق والوحدة سبيل عزة الأمة الإسلامية وريادتها    مانشستر يونايتد يراقب نجم بايرن ميونيخ    ضمن الموجة 26.. إزالة 95 حالة تعدٍّ على أملاك الدولة في حملات ب أسوان    جولة تفقدية لإدارة الطب العلاجي بالمنوفية داخل مجمع مستشفيات أشمون    مجلس الاتحاد اللوثري: خفض المساعدات يهدد القيم الإنسانية والتنمية العالمية    أحمد سعد بعد تعرضه لحادث وتحطم سيارته: "أولادي وزوجتي بخير"    المنظمة المصرية لحقوق الإنسان: واقع اللاجئين اليوم يتجاوز مجرد التنقل الجغرافي    بسبب دعوى خلع.. الداخلية تكشف تفاصيل فيديو اعتداء سيدة على أخرى بالدقهلية    دون تأثير على حركة الملاحة.. نجاح 3 قاطرات في إصلاح عطل سفينة غطس بقناة السويس    «لا مبالاة؟».. تعليق مثير من علاء ميهوب على لقطة «أفشة»    محافظ الإسكندرية يشهد فاعليات الحفل الختامي للمؤتمر الدولي لأمراض القلب    إيران تلقى القبض على 35 جاسوسا لإسرائيل فى همدان ومسجد سليمان    طائرة في مران ريال مدريد استعدادًا لمواجهة باتشوكا    أحدث ظهور ل مي عزالدين.. والجمهور يغازلها (صورة)    مصر تتدخل بتحرك عاجل لوقف الحرب بين إيران وإسرائيل    حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن الأقصر    أسرار استجابة دعاء يوم الجمعة وساعة الإجابة.. هذه أفضل السنن    حسن الخاتمه.. مسن يتوفي في صلاة الفجر بالمحلة الكبرى    الإفتاء تجيب.. هل الشبكة من حق المخطوبة إذا عدل الخاطب عن الزواج؟    الإسلام والانتماء.. كيف يجتمع حب الدين والوطن؟    إدراج 20 جامعة مصرية في النسخة العامة لتصنيف QS العالمي لعام 2025    بنجاح وبدون معوقات.. ختام موسم الحج البري بميناء نويبع    بدءا من أول يوليو| تعديل رسوم استخراج جواز السفر المصري "اعرف السعر الجديد"    رئيس جامعة القاهرة يستقبل بعثة الاتحاد المصري لألعاب القوى    أتلتيكو مدريد يفوز على سياتل ساوندرز في كأس العالم للأندية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العودة إلى الفطرة
نشر في مصر الجديدة يوم 04 - 10 - 2012


فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين
رسالة من: أ.د. محمد بديع
المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين وعلى من والاه، وبعد..
إن شعوبنا الثائرة بعد أن استردت حريتها، ورسمت طريق نهضتها، أصبحت في أمسِّ الحاجة إلى تحطيم القيود التي تحجبها عن حركتها الطبيعية في الحياة، وإلى تدمير الأغلال التي تحول دون انطلاقها، وإلى مواجهة التحديات الشديدة التي تحاصرها، بعمل جاد ومنتج وإعلاء شأن الصالح العام، ولن يتحقق كل ذلك إلا بالعودة الحقيقية للفطرة السليمة التي تستطيب الحلال، وتستقذر الخبائث، وترعى الحرمات، فرغم معاداة المشركين للإسلام في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أنهم كانوا يُقدِّسون البيت الحرام والأشهر الحرام، ويحترمون الجوار، ويحفظون عرض المرأة المهاجرة؛ لأن ذلك من الفطرة التي خلقهم الله عليها وخلق عليها الكون، يقول تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) (التوبة: 36)، يقول ابن كثير في تفسيره ل"ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ": "أي هو الشرع المستقيم من امتثال أمر الله فيما جعل من الأشهر الحرم، والحذو بها على ما سبق من كتاب الله الأول".
فهل من عودة صادقة إلى الفطرة؟ بمعنى العودة إلى الشرع المستقيم، وامتثال أمر الله في حياتنا، بجوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية والفنية والرياضية؛ حتى لا نرى انتكاسة الفطرة عند البعض الذين يريدون إغراق السفينة، ويحولون بين الوطن ونهضته، ويفشلون كل محاولة للإصلاح والرقي، بالرغم من أن نداء الله تعالى واضح لنا جميعًا: (ولا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إصْلاحِهَا وادْعُوهُ خَوْفًا وطَمَعًا إنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ المُحْسِنِينَ) (سورة الأعراف: 56).
إن فيما يحدث في سوريا الحبيبة الآن من قتل وحشي من حاكم ظالم لشعبه لهو نموذج واضح لمعادة الفطرة ولانتهاك حرمة الأشهر الحرم ولاقتراف جرائم لم يرتكبها أو يقترب منها عتاة الجاهلية، الذين تمسكوا بالفطرة وقيمها حين كانوا يقفون الحروب ذات الأسباب احترامًا لهذه الشهور.
الفطرة هي الحرية والتحرر:
إن لنا أسوة حسنة في خير خلق الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي نقتدي به في كل أحواله، في سفره وإقامته، في إدارته وسياسته، في تقواه وعبادته، وفي كل مناحي الحياة، وهو يأخذ الأمة نحو الفطرة السليمة؛ لتحيا حياة السعداء، ويعود بالإنسان إلى أصل ما خلقه الله عليه في أحسن تقويم، وما زوَّده الله من قدرات فائقة ليؤدي أعظم دور خلقه الله من أجله، ألا وهي الحرية والتحرر من سياسات العباد، بالاتجاه بالعبودية الخالصة لربِّ العباد، يقول تعالى: (ومَا خَلَقْتُ الجِنَّ والإنسَ إلا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات: 56).
فقد جاء النبي صلى الله عليه وسلم، برسالة واضحة عَبَّر عنها في قوله : "يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا" (رواه الإمام أحمد)، فأخرج الناس من ظلمات الجاهلية إلى نور الإسلام، وبهذا التحرر ينطلق الإنسان اليوم في آفاق الكون الرحيب، ولا يسجن نفسه في زوايا ضيقة من هذا العالم الواسع، فيفقد وجوده المؤثر الذي أراده الله له من الحركة الدائبة، والأمل الدافع؛ ليكون صالحًا مصلحًا يحمل النور ليضيء لكل من في الظلمات؛ يقول تعالى واصفًا هذه المشاهد النبوية: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ والإنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ ويَنْهَاهُمْ عَنِ المُنكَرِ ويُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ ويُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ ويَضَعُ عَنْهُمْ إصْرَهُمْ والأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وعَزَّرُوهُ ونَصَرُوهُ واتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ) (الأعراف: 157).
الفطرة هي الحقيقة المستمرة
لماذا لا يرى البعض الحقائق ويدركها، وقد زوَّده الله بعقل يساعده، وبصيرة توجهه؟! وما الذي يحجب الوعي العميق والإحساس الدقيق، ويجعل الكثيرين لا يعيشون إلا في الأوهام تاركين الحقائق؟! ولماذا لا يستخلصون العبرة من كل الأحداث ومن كل من سبقوهم؟!..
ومن هذه الحقائق الفطرة التي خلق الله الناس عليها (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِِ اللهِ) (الروم: من الآية 30)، هذه الفطرة التي تأبى الخبائث، وتنتصر للحق، فهذه أم سلمة رضي الله عنها تهاجر مع ولدها، في صحبة مشرك، أصر أن يُركبها على الناقة ويسير هو على قدميه من مكة للمدينة لما يقرب من 450 كيلو مترًا، منتصرًا لنداء الفطرة، فما اقترب منها، ناهيك على أن يتحرش بها.
وهذه راشيل كوري، فتاة يهودية أمريكية تدفع حياتها ثمنًا للدفاع عن منزل فلسطيني، بقطاع غزة عام 2003م، حينما دهستها جرافة الهدم الصهيونية فقتلتها، وبرَّأ القضاء الصهيوني الجيش من قتلها آنذاك، فهذه التضحية استجابة لنداء فطرتها، والوقوف بجوار المظلوم، انتصارًا للحق ورفضًا للباطل.
كيف العودة إلى الفطرة؟
إننا نريد العودة الرشيدة للفطرة؛ بمعنى العودة إلى الحركة والإنتاج والعمل، والعودة إلى النقاء والصفاء، وتوحد الصف الوطني الواحد، وعودة الشعوب إلى بناء نهضتها، وثورة الجماهير على الفساد وتنحية المستبدين، فلا يمكن لنا أن نعود إلى هذه المعاني إلا بالتمسك بالحقائق وتبديد الأوهام والظنون؛ لذلك فنحن في حاجة إلى سعي متواصل وتضحيات مكثفة وإرادة صلبة، لمواجهة المحن، ومقاومة الأزمات، والتغلب على الصعاب.
نداء من القلب
ندائي القلبي لقيادات العمل الوطني ألا يستسلموا للقناعات الحزبية الضيقة التي تفرق ولا تجمع، وأن ينظروا إلى الوطن نظرة جديدة جادة، فهو وطننا جميعًا، ونحن أصبحنا اتحاد ملاكه مسلمين ومسيحيين، يمينًا ويسارًا ووسطًا؛ وذلك بتحويل الصعاب وكل العقبات إلى وسيلة ليقظة الأمة، ودفعها في اتجاه الكمال، هنالك نعود إلى الفطرة الجميلة، بالتوجه الخالص لله وحده، وتأمل كيف انتصرت الشعوب من قبلنا حينما عادت إلى فطرتها، وذلك في قوله تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَآ إِلَى اُمَمٍ مِن قَبْلِكَ فَاَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَآءِ وَالضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلآ إِذْ جَآءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (الأنعام: 42 - 43).
6 أكتوبر انتصار لعودة الفطرة:
إن للنصر أسبابه ومقدماته، وهو لا ينزل من السماء ليعانق المجاهدين، ولكن عليهم أن يصعدوا إليه على سُلَّم الكفاح والتضحيات...، ويفسحوا الطريق أمام الفطرة الصافية لتبذل وتعمل وتنتج، بل وتبهر، فالثائر الحق -كما يقول الشيخ الشعراوي رحمه الله-(هو الذي يثور ليهدم الفساد، ثم يهدأ ليبني الأمجاد).
وهذا ما تم في انتصار أكتوبر المجيد حينما عاد المصريون مسلمين ومسيحيين إلى ربهم وتعاليمه ومنهاجه، عادوا إلى الفطرة، وأخذوا بكل الأسباب المتاحة، وسلكوا جميع السبل المادية، فكان الانتصار الباهر، ونسف الأكذوبة الصهيونية بجيشها الذي لا يُقْهر؛ لأننا بالعودة إلى الفطرة استلهمنا التأييد من القهار الذي لا يقهر سبحانه وتعالى، وصدق في عليائه حين قال: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِِاللهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (الروم: 30).
سيظل انتصار أكتوبر رمزًا للعزة والفخار في تاريخ مصر الحديث، ويتوجب علينا جميعًا التحلي بروح انتصار أكتوبر، وروح ثورة 25 يناير؛ لنستكمل إنجازات انتصارنا وثورتنا، ولنعيد بناء مصر من جديد بأيدي أبنائها البررة (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحج: 40).
وصلى الله على القائد الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم
والله أكبر ولله الحمد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.