قد كانت جماعة الاخوان المسلمين سباقة في الحصول علي التمويل الاجنبي مهما كانت اهدافة السياسية خاصة انة تزامن مع انتهاج الجماعة وكذلك الدعم المال الخليجي للجماعة فقد احتضنت دول الخليج وبخاصة السعودية افراد الجماعة من بعد خلافهم مع عبد الناصر واصطدامهم مع افكارة الثورية حينذاك وخشيت تأثير هذه الافكار علي ملوكهم وعروشهم فقد كان تخفي المال العربي الخليجي في الاعمال الخيرية والثوب الخيري تخفيا عن هدفه الحقيقي في الانشطة السياسية والإسلام السياسي اما المال الاوربي الامريكي فكان يتخفى في الثوب العلمي والبحثي بالرغم من هدفه الحقيقي النشاط السياسي وتدعيم الديمقراطي والخروج عن الحاكم فقد ثبت تاريخيا حصول جماعة الاخوان المسلمين علي تمويل اجنبي من شركة قناةالسويس بمبلغ خمسمائة جنية في عام 1948 ويعتبر ذلك المبلغ ضخم بسعر هذا الزمان وفي عام 2012 حصل الاخوان المسلمين ايضا علي مبلغ خمسة وتسعون مليون دولار من قطر لتميل العملية الانتخابية التي اجريت بعد ثورة 25 يناير ان التمويل الامريكي لبعض منظمات المجتمع المدني المصري هو استثمار في الديمقراطية ان هذا التمويل من منظمات المجتمع المدني هدفه سياسي وتحديدا التأثير علي مسار العملية السياسية التي تجري الان في مصر لصياغة اسس نظام سياسي جديد بديل للنظام السياسي الذي استهدفت ثورة 25 يناير انهائة والقضاء علية والتخلص منة أن الأزمة بين البلدين قد بالغ الإعلام فيها شيئًا عظيمًا، وان الأمر على حقيقته لم يأخذ هذا المنحنى الخطير في العلاقات المصرية ألأمريكية فأمريكا تَعتبر نفسها القوة العظمى التي يجب أن تشارك _على الأقل_ في سير ألأحداث ولم ولن ترضى بموقف المشاهد أو المتفرج لعملية انتقال السلطة بطريقةٍ نزيهة شعبيه وفي المقابل مصر تحاول أن ترسي قواعد جديدة لسياستها الخارجية غير تلك التي كان معمولاً بها في النظام البائد وقد قامت بذلك فعليًا في الأوقات الأخيرة. فقد قررت وكالة التنمية الامريكية تخصيص الجزء الاكبر وهو 60% من المساعدات الاقتصادية المخصصة لمصر لتمويل منظمات المجتمع المدني فيها وهو ما يقدر بنحو 150 مليون دولار وقرب نهاية العام الماضي اقترب رقم ماحصلت علية منظمات غير حكومية في مصر من هذا المبلغ الي نحو المائة مليون دولار وهو رقم يفوق ما تقدمة هيئة التنمية الامريكية من تمويل امريكي لمنظمات المجتمع المدني في خمسة اعوام سابقة عن عام 2011 وطبقا لتقرير لوزارة التعاون الدولي حصول نحو 109 منظمات غير حكومية وأمريكية علي نحو 175 مليون دولار كمساعدات وإعانات مالية في اطار برنامج الديمقراطية والحكم خلال الفترة من 2005 حتى 2011 ومعظم هذه المساعدات قدمتها وكالة التنمية الامريكية لهذه المنظمات غير الحكومية خلال العام الماضي وحده حيث بلغت هذه المساعدات في عام 2011 نحو 95 مليون دولار ومن بين هذه المنظمات 37 منظمة غير حكومية امريكية و59 منظمة غير حكومية مصرية وبينما هناك نحو 13 منظمة غير حكومية لم تعرف السلطات الحكومية المصرية حني انجاز هذا التقرير هويتها وجنسيتها ومواقفها القانوني وقد استأثرت المنظمات الامريكية غير الحكومية بالقسط الاكبر من هذه المساعدات المالية وبلغ 124,3 مليون دولار كما ان المبلغ الاكبر الموجهة للمنظمات الامريكية غير المسجلة او التي تعمل بشكل غير قانوني حيث حصلت علي 85,5 مليون دولار خلال ست سنوات بينما حصلت 6 منظمات امريكية مسجلة عن 38,8 مليون دولار فان هناك منظمتين بالتحديد استأثرها وحدها بحوالي ثلث مجموع الاموال التي حصلت عليها كل المنظمات الامريكية البالغ عددها 37 منظمة غير حكومية سواء المسجلة وغير المسجلة وهناك المنظمتان هما المعهد الجمهوري التابع للحزب الجمهوري الامريكي والذي يرأسة حاليا جون ماكين حيث حصل علي 22,9 مليون دولار والمنظمة الثانية هو المعهد الديمقراطي التابع للحزب الديمقراطي ورئيسة براك اوباما حيث حصلت علي نحو 20,6 مليون دولار خلال السنوات الخمس من 2005 حتى 2011 ان هدف هذه الاموال ذهبت لتمويل انشطة ذات طابع سياسي مثل تنمية وتطبيق المهارات القيادية وتدريب الشباب في القاهرة والإسكندرية والمنوفية والمنيا وأسيوط والغربية والقليوبية والدقهلية وجنوب سيناء علي الادوار القيادية في المجتمعات المحلية والحياة السياسية بشكل عام ودعم منظمات المجتمع المدني المؤيدة للإصلاح السياسي من خلال التدريب والتوعية المدني بالإصلاح السياسي ودعم الشباب لتحقيق مشاركة المواطنين في الحكم المحلي في محافظتي قنا وبني سويف وخلق بيئة تسمح للمرأة والشباب في سوهاجوقنا وشمال سيناء بالمشاركة بكامل قدراتهم في الانتخابات السياسية المختلفة وصف عهد الرئيس السابق حسني مبارك بعهد العداء بين النظام والمجتمع المدني المصري. وقد تعرضت منظمات المجتمع المدني في مصر للكثير من القوانين المقيدة لقدرتها على العمل من أجل الترويج للحرية والديمقراطية، فبالإضافة إلى قانون الطوارئ الذي يسمح للحكومة بالتدخل في شؤون منظمات المجتمع المدني هناك قانون الجمعيات رقم 84 لسنة 2002 الذي يعطي وزارة الشؤون الاجتماعية سلطة واسعة تمكنها من تنظيم وحل ومراقبة مصادر التمويل الخاصة بتلك الجمعيات،ويحرم ذلك القانون على الجمعيات الأهلية أن تمارس أي نشاط سياسي أو نقابي،وتسمح الطبيعة الغامضة للقانون للسلطة التنفيذية بحل المنظمات الأهلية بقرار إداري إذا ما تعارضت أنشطتها مع الآداب العامة او النظام العام أو المصالح القومية للدولة أو إذا مثلت أي انتهاك للتوافق الاجتماعي وهذه كلها الفاظ مطاطة غير محددة الأبعاد تسمح للدولة أن توقف نشاط أى جمعية إذا تجاوزت أيا من الخطوط الحمراء للنظام .كما تمتلك وزارة الشؤون الاجتماعية الحق في تعيين مجلس إدارة تلك الجمعيات حتى تضمن السيطرة الكاملة عليها.وقد أدت تلك القوانين التشريعية المقيدة إلى قيام بعض الجمعيات بممارسة النقد الذاتي وتجنب الحياة السياسية،ودفعت البعض الآخر إلى التحايل على هذه القوانين عن طريق تسجيل نفسها كشركات مدنية لا تقع تحت طائلة وزارة الشؤون الاجتماعية. وتحتاج منظمات المجتمع المدني إلى التمويل لتحقيق أهدافها المرجوة،لكن القانون رقم 84 لسنة 2002 المتعلق بالمنظمات غير الحكومية يحظر عليها الحصول على تمويل محلى دون الحصول على إذن الحكومة. وقد أدى ذلك إلى نقص الاستقلال المالي لتلك المنظمات ومن ثم قبلت المعونات المادية من وزارة الشؤون الاجتماعية التي بسطت نفوذها وسيطرتها على تلك المنظمات،وفي الوقت الذي نجد فيه معظم الأعمال الخيرية في مصر نادرا ما تكون خارج الإطار الديني تقوم المنظمات المدنية بالاعتماد على التمويل الخارجي وبالرغم من أن النظام المصري يتقبل المعونة الأجنبية عادة ما يكون تناول الإعلام لدور المجتمع المدنى سلبيا أو على أفضل تقدير تعتيميا ولكن ما أن تتجاوز إحدى المنظمات بعض الخطوط الحمراء السياسية حتى تتعرض لحملات شرسة بدعم من الحكومة وهذا يعني ان وشطن ارادت ان ترمي كل ثقلها في مصر باستخدام وكالة التنمية الامريكية المعروفة وذلك للتأثر علي السمار السياسي ولتوجيه العملية السياسية الدائرة فيها حتى لا تتمخض عن تشكيل وصياغة نظام سياسي جديد بديل للنظام السابق يخرج عن طوعها ويهدد مصالحها المستقرة في المنطقة ولذلك تجاوزت في تعاملاتها كل الاعراف والتقاليد الدبلوماسية وتعاملت مع وكأنها بلا دولة او حكومة
-- كاتب المقال دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية