الحبس من اشد العقوبات على الانسان ، بل وعلى الكائنات الحية على وجه العموم ، لان الله خلق الخلق وجبل فيهم الحرية.. لذلك اذا حرم الانسان منها اختل تصرفه ، بل وتفكيره ايضا.. لذا نجد ان جميع الافكار الشاذة او المنحرفة كانت ناتج ما مر به الانسان وخاصة عندما يفقد حريته . نعم.. صواب الفكر لا ياتى الا من حرية الراى والتفكير ، لذلك عانت البشرية من صراع الافكار ودفعت ثمنا لذلك ولا زالت تدفع وستزال لانه سنة الكون.
تعرض الانسان للقتل بل وللسجن فى كثير من الاحيان بسبب الاختلاف فى الفكر والراى .. لان خلاف الفكر ينتج عنه اختلاف السلوك المؤدى الى نشوب الصراع والصدام فى المجتمعات وبين الشعوب فعندما تتصارع الافكار تتصارع العقول .. وفى تصارع العقول اختلال للسلوك وتصرفات الانسان .. لان العقل هو الذى يقود الجسد والجسد هو مصدر السلوك. لذلك اختل سلوك المعتقليين داخل المعتقل وتضاربت افكارهم بل واتهم بعضهم البعض بالعمالة لنظام كان كل همه القضاء عليهم بلا استثناء. فبدل من ان يتوحدوا فى مواجهة النظام الفاسد والتصدى له، واجه بعضهم البعض.. بل وفى احيان كثيرة استعان احد الفريقين بعدوه ليقهر مخالفه .. وهنا كان الاتهام بالعمالة. فهى تهمة تلصق بكل من يخرج من الزنزانة داخل المعتقل دون سبب او كثر خروجه بسبب مثل الخروج للعيادة . فاصبح المعتقلون مقيدون مع قيد الاعتقال ، وفى صراع بعضهم البعض مع صراع البقاء مع النظام المخلوع فهو عدو غاشم لا يفهم الا لغة واحدة هى الضرب والتعذيب والتنكيل بمخالفه . فاسهل شىء على اتباع النظام المخلوع هو ايقاع الضرر وتعذيب كل من لا يكن على هواهم ولا يسير على طريقتهم ولا ينحنى لرؤسائهم فان ابى فيكون مصيره وراء الشمس . وما ادراك ما وراء الشمس وهو عالم المعتقلات فيه الداخل مفقود والخارج مولود ولكن للاسف مولود مشوه . فالمعتقل له عالمه الخاص به ، وهو المكان الذى يسبح فيه الانسان بخياله واحلامه ورغباته و باحلام اليقظة وايضا اثناء النوم وكما قيل المحروم يحلم بسوق العيش والمعتقل يحلم بدنيا الحرية .