لم يبق أحد من السياسيين، والأدباء، والفنانين لم تشده المعركة الكروية بين مصر والجزائر، لكن الجديد هو دخول العلماء على خط المواجهة، فهيئة علماء السودان أصدرت بيانا تطالب فيه الجمهور الرياضى السودانى بالبقاء على الحياد اليوم فى المعركة الكروية الفاصلة بين منتخبى مصر والجزائر، وأرى أن هيئة العلماء تحمّل السودانيين هذه المرة بما لا طاقة لهم به، فكيف يمكن لسودانى مجنون بالساحرة المستديرة أن يبقى على الحياد، إذا ما دقت الطبول فى المدرجات اليوم، وتدحرجت الكرة بين أقدام اللاعبين، وانطبق عليه أى السودانى قول الشاعر: «وذو العشق القديم وإن تعزى مشوق حين يلقى العاشقين» فالسودان لم يشهد منذ عقود مباراة على نفس درجة حرارة لقاء اليوم بين الجزائر ومصر، وبالتالى فإن السودانيين برغم كل الحب الذى يكنونه لعلمائهم، والمكانة التى يحتفظون لهم بها، إلا أن السودانى يصعب أن يقف أمام الكرة على الحياد، ومثله الخليجي، والشامي، والمغربي، والعراقي، واليمني، فكلنا أمام الكرة نغفر لأنفسنا ارتكاب شيء من الانحياز للعبة الجميلة، وكاريزما النجوم، ومع هذا يشكر لهيئة علماء السودان حث الشعب السودانى على إكرام وفادة الضيوف المصريين والجزائريين، وتجنب إثارة الضغائن والأحقاد، والنأى عن تأجيج الصراع بين الأشقاء، وهى مطالب أصيلة، تتوافق مع طبيعة المجتمع السودانى الكريم، ورهافة مشاعره، وبعده عن العنف الكروي، فرغم تعلق السودانيين بالكرة إلا أنهم يظلون الأقرب إلى التمسك بما ينبغى أن يسود أجواءها من سلام، وأخلاقيات، ومحبة. إن ما يتمناه الجميع اليوم أن تنتهى المباراة، ويفوز فيها من يفوز لنلتف حوله ممثلا للكرة العربية أمام العالم فى جنوب أفريقيا، وسواء فازت مصر أم انتصرت الجزائر، فالمطلوب أن يكون الفائز اليوم بقدر أحلامنا العربية صمودا فى مواجهة منتخبات العالم، وما أخشاه أن نكون قد استنفدنا طاقاتنا فى الصراعات الكروية البينية، فيكون جل طموحات «داحس» الفوز على «الغبراء»! الإثارة ملح المنافسات الكروية، لكن إن زادت جرعة الملح فسدت الطبخة، وهذا ما فعلته للأسف بعض صحف الإثارة الرياضية بين منتخبى الجزائر ومصر، حينما شحنت أجواء العرس الكروى بالتوتر، والعصبية، والجنون، فغدا الناتج ما شاهدناه من عنف بين بعض مشجعى المنتخبين. وليكن الله فى عون السودان، وهو يحتضن اليوم كرة مشتعلة، يتمنى العقلاء أن يتمكن السودانيون بخفة ظلهم من تلطيف درجة حرارتها.