انتهت بالأمس الأحد، فعاليات مؤتمر مصر 2013 وأفاق التحول السياسي في مصر وسيناريوهات المستقبل وذلك بقاعة (رمسيس) بفندق رمسيس هيلتون بالقاهرة. هذا وقد أقيمت فعاليات المؤتمر تحت رعاية مجلة "البيان" بالتعاون مع المركز العربي للدراسات الإنسانية وأقيمت على هامش فعاليات المؤتمر ندوة لشرح الدراسة التحليلية لعملية التحول السياسي في مصر. المراحل والمشكلات وطالب المشاركون في الندوة بضرورة الإسراع في نقل السلطة وكتابة الدستور الجديد بموضوعية بعيدا عن أية ضغوط أو أملاءات من أية جهة حتي يمكن صياغة مستقبل أفضل لمصر..وحذروا من محاولات " التلغيم " قبل " التسليم " للسلطة مما يجعل الشعب المصري يندم علي اليوم الذي أيد فيه الثورة والثوار.. وأشاروا الي ضرورة إنهاء الوضع الشاذ للقوات المسلحة في الدستور الجديد ومحاسبته أعضاء المجلس العسكري علي سوء إدارتهم للبلاد والأزمات التي مازالت تعاني منها وخاصة في مجالي الأمن والاقتصاد فضلا عن الخضوع للضغوط الأجنبية مثلما تم في قضية التمويل الأجنبي مؤخرا .
في البداية أكد الباحث الإسلامي أحمد فهمي مؤلف كتاب «مصر 2013»: أنه استهدف من كتابه استشراف المستقبل انطلاقا من معطيات الماضي والحاضر حتي يمكن التعرف علي المستقبل الذي تنتظره مصر وخاصة أنها الآن أشبه بعجينة سياسية تسعى القوى الداخلية والخارجية لتشكيلها كما تريد وفقا لمصالحها بصرف النظر عن توافق ذلك مصلحة عامة الشعب أو حتي شباب الثوار الذين فجروا الثورة ودفعوا ضريبتها من دمائهم . وأوضح انه يتناول المشهد السياسي لمصر منذ ثورة 25 يناير من خلال استعراض العديد من المفاهيم النظرية والعملية المتعلقة بالتحول الديمقراطي في دول الثورات للاستفادة من تجارب الآخرين وتجنب أخطائهم لأن ما جري في مصر نصف ثورة استفاد منها نصف انقلاب عسكري ولهذا لابد من استكمال الثورة حتي تحقق كل الأهداف التي قامت من اجلها وكذلك إنهاء حكم العسكر ليعود الجيش الي ثكناته ويمارس دوره في حماية حدود البلاد وليس ادارة شئونها الداخلية والخارجية كما يتم حاليا افرز كثيرا من المشكلات التي جعلت الباحثين يحتارون في التعرف علي السيناريوهات المحتملة لمستقبل مصر وكذلك ما يتعلق بالعلاقة المرتبكة بين الأطراف المختلفة فيما يتعلق بإجراء الانتخابات الرئاسية ووضع الدستور مما تسببت فى تزايد حالة الاستقطاب بين القوى الإسلامية والعلمانية وزاد الطين بلة السياسات المتخبطة للمجلس العسكري وانفصاله عن نبض الشارع وعدم تفاعله مع مطالب الثوار مما ساهم في تزايد ارتباك المشهد السياسي. وأشار إلي أن حصيلة ثلاثين عاما من حكم مبارك أوقعت البلاد فريسة لنخبة فاسدة وقبضة أمنية فولاذية ظالمة تحمى مصالح الفاسدين وهو ما نعكس عمليا في تراجع مكانة مصر دوليا وتدهور أوضاعها داخليا مما جعل مبارك يحتل المركز الخامس عشر في قائمة (أسوأ السيئين) لعام 2010م، حسب تصنيف دورية فورين بوليسي الأمريكية لأن المجتمع المصري انقسم لفئتين اولهما قليلة تملك السلطة والقوة والمال في تزاوج غير شريف وثانيهما غالبية الشعب الذي يعاني من ثلاثي الفقر والجهل والمرض فضلا عن القمع ومصادرة الحريات مما جعل مصر تصنف من الدول الفاشلة. وحذر المؤلف من إحساس الإسلاميين بالتخوف من تحول "مؤسسة الرئاسة" إلى مركز ثقل مناوئ لتواجدهم السياسي في مؤسسات الدولة الأخرى خاصة في ظل تفضيل القوى الإسلامية لرئيس غير إسلامي قد ينقلب عليهم بعد الانتخابات القادمة رغم أن الإسلاميين المستفيد الأكبر من سقوط نظام مبارك باعتبارهم أكثر التيارات التي تعرضاً للقمع في الماضي ومن ثم عليهم ألا يتفرقوا ويتنازعوا فيفشلوا وخاصة المجلس العسكري يتبع سياسة التفريق بين القوى السياسية. الجيش والدستور وأكد الدكتور وحيد عبد المجيد، وكيل لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب والخبير بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية علي ضرورة تحديد وضع القوات المسلحة في ظل الدستور الجديد الذي يجب أن تتم صياغته بحكمة لإنهاء الوضع الشاذ والغريب الذي تقف فيه القوات المسلحة فوق جميع مؤسسات الدولة وتدخلها في شئون باقي السلطات مثلما حدث مؤخرا في العديد من القضايا لهذا ينبغي أن تكون القوات المسلحة ضمن مؤسسات الدولة وحذر من أن الدستور ربما يمثل عقدة عند صياغته إذا تمت مناقشته من نقطة الصفر لأن هذا يعني وجود مشكلات جوهرية إذا بالغنا في بعض الأمور المرتبطة بصياغته لهذا لابد من إنجاز مهمة كتابة الدستور في أسرع وقت ممكن وكشف الطرف الثالث الذي لا نعرفه لا يزال موجودًا بداخل تلك المؤسسة والمؤسسات الأخرى التي فشلت في إدارة أمورها ويمكن ان يقل الفشل الحالي عندما تأتي حكومة جديدة تتوافق مع الرغبات الشعبية. حذر من ولادة نظام سياسي مستنسخ من النظام السابق مما يجعله اقرب الي ما يشبه " نيولوك " لنظام مبارك بقيادة المجلس العسكري او الرئيس التوافقي المرضي عنه من العسكريين الا سيكون وضع الجيش "عقدة " ضد أي تطور حقيقي تجاه الديمقراطية والحريات في مصر. وأشار الي أن الرئيس المصري القادم سيواجه معضلة ضخمة تتمثل في مطاردة جسد النظام المصري السابق الذى سقط رأسه متمثلا في الرئيس مبارك ونجله فى حين مازال باقي جسد هذا النظام موجودا في كل المؤسسات الفاعلة فى مصر.كما أن المؤسسات الأمنية على سبيل المثال مازال يصعب على المصريين التعامل معها وأغلب الظن أنها تحتوى على أكبر كم من الفساد المادى والإداري مما أدى إلى أن تصبح أكبر مصدر للمشكلات في مصر بدلا من أن تحل هى المشكلات. وقال:إن المجلس العسكرى يعد أحد أهم الأسباب الرئيسية لوجود جسد النظام السابق على قيد الحياة حتى هذه اللحظة لأن قادة المجلس لم يحاولوا الاستناد على القيادة الشعبية ولم يحاولوا إشراك الشعب الذى قام بثورة جاءت بهم في الحكم وهو ما أدى إلى كون المجلس العسكرى يمارس عمله معتمدا على سياسة الأمر الواقع ما أدخل البلاد في أزمات متعاقبة وخاصة أن المجلس العسكري تعامل مع البلاد على أنه قام بانقلاب عسكرى جاء به إلى السلطة فى الوقت الذى يري فيه الشعب أنه هو الذى جاء بالمجلس العسكرى للسلطة وكان الواجب على العسكرى أن يراعي هذا الأمر جيدا وهو ما خلق نوع من التوتر بينه وبين الشعب وأدى إلى ظهور ذيول النظام السابق من جديد بعد أن اختفوا تماما فى بداية الثورة واليوم المعضلة الرئيسية التى ستواجه الرئيس القادم ستتمثل فى المؤسسات التى تضم ذيول النظام السابق والذى سيكون من الصعب تنحيتهم جانبا وهو ما يعني أن النظام المقبل إما أن يقدر الرئيس القادم على مواجهة فلول نظام مبارك ويتخلص منهم فيقيم نظاما جديدا للغاية أو أن الرئيس القادم سيعجز - نوعا ما- فى مواجهة كل فلول مبارك وهو ما سيؤدي إلى خلق نظام "هجين " بين النظام الثورى والنظام القديم أو أن يفشل الرئيس القادم فى مواجهة الفلول ما سيعيد من جديد نظام مبارك إلى الحكم ولو بشكل جديد. وحذر الدكتور كمال حبيب..الباحث في الإسلام السياسي، من حالة الإحباط التي يعيش غالبية الشعب المصري حاليا حتي انه قد " يكفر " بالسياسة ويرتضي بأي نظام يسهم في توفير الأمن والاقتصاد حتي ولو كان نظاما استبداديا لأنه أفضل من حالة الفوضى الحالية. وأشار الدكتور كمال حبيب إلي أن الشباب الثوري إذا لم يكن له دور في صياغة مستقبل مصر فإن هذا ينذر بتفجر الأوضاع مستقبلا وخاصة أن حاجز الخوف لدي المصريين كما أن الساحة السياسية المصرية مليئة الآن بالأصابع الخفية من الداخل والخارج والتي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار في مصر وكلها بلاشك لا تستهدف مصلحة الوطن وإنما لها أجندات خاصة. دور الشباب ودعا الدكتور كمال حبيب الباحث في الإسلام السياسي في الحركات الإسلامية الي إعطاء فرصة اكبر للشباب لأنهم العماد الرئيسي للثورة ومستقبل مصر بدلا من الاعتماد علي بقايا نظام مبارك في أكثر من أربعة آلاف موقع قيادي في مصر ومازال يخربون فيها باعتبارهم في طليعة الثورة المضادة ومع هذا فإنهم مازالوا يفسدون دون حساب. وقال: إن الشباب الثوري إذا لم يكن له دور في صياغة مستقبل مصر فإن هذا ينذر بتفجر الأوضاع مستقبلا وخاصة أن حاجز الخوف لدي المصريين كما أن الساحة السياسية المصرية مليئة الآن بالأصابع الخفية من الداخل والخارج والتي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار في مصر وكلها بلاشك لا تستهدف مصلحة الوطن وإنما لها أجندات خاصة. وأكد الدكتور كمال حبيب أن الدولة المصرية لن تنهار كما يراهن البعض في الداخل أو الخارج لأنها تتصف بما يطلق عليه في العلوم السياسية " الدولة العميقة " التي لها جذور في التاريخ ويتعايش أهلها منذ آلاف السنين وبالتالي لن يسهل تفككيها أو تقسيمها. وأوضح أنه يجب علي الإسلاميين استثمار الفرصة التي منحهم الشعب إياها أوصلهم للبرلمان وسيطروا عليه مما يعني أن الناس عقب الثورة قررت منحهم فرصة ذهبية إما أن ترفعهم الي عنان السماء أو تفقد الثقة فيهم إلي الأبد. ولهذا عليهم أن يثبتوا ان النظام السابق كان علي خطأ عندما كان يقوم بتخويف الناس منهم رغم أن الإسلاميين لديهم إبداع في التنظيمات والجماعات الصغيرة و لكن يجب ان يعملوا إدارتهم للدولة شئ مختلف تماما مما يعني أن عليهم الشعور بالمسئولية تجاه كل المصريين يجب أن تكون مضاعفة وعليهم كذلك عدم التحيز لجماعة أو فصيل بعينه دون الآخر وإلا فإنهم سيوقعون البلاد في مشكلات اكبر. التلغيم والتسليم وحذر الإعلامي الدكتور محمود خليل القيادي بحزب الحرية والعدالة من محالات البعض ومنهم المجلس العسكري أن يتم تلغيم الأوضاع بالبلاد قبل تسليمها حتي تدخل في حالة فوضي تجعل الشعب يندم علي الثورة الذي ساند فيه الثورة.وفي نفس الوقت يجب أن يكون كل المصريين علي قلب رجل واحد حتي يكونوا كفرق الطوائف الأندلسية التي تخرب بيوتها بأيديها قبل يد أعدائها. وهذا التخوف ليس قاصرا علي مصر فقط وإنما يمتد الي كل الدول العربية التي تفتقد الي خارطة طريق مستقبلها أو تصور لعمل جماعي لها بعيدا عن التبعية للخارج. وأكد الدكتور محمود خليل أن الأنظمة الاستبدادية الي سقطت كلها وجوه متعددة لعملة واحدة بدليل أنني أثناء زيارتي لتونس تم احتجازي في المطار 13 ساعة ثم تم ترحيلي الي مصر لمجرد انني نشرت ملفا في مجلة " البيان" عن جامعة الزيتونة وما يتعرض له الإسلاميون علي يد نظام زين العابدين بن علي وقالوا لي " لولا انك جئت في وفد إعلامي رسمي وكنت سترجع الي بلادك ابدا " أي انهم صورة طبق الاصل مما كان يفعله زبانية امن الدولة في مصر . وعقب انتهاء عرض الكتاب والتعليق عليه دارت مناقشات ساخنة من الحضور الذين تناولت أسئلتهم الكثير من القضايا الساخنة ومنها غياب دور الأزهر في رسم الخريطة المستقبلية لمصر والتغيير في موقف السلفيين أثناء وبعض الثورة حتي أن هناك فتاوى متناقضة حولها وكذلك خطورة عدم نزع الألغام الحالية وترك فلول الحزب الوطني يسيطرون علي المواقع القيادية في الدولة حتي اليوم .