لا يستطيع أحد أن يتكهن بما سيحدث فى الشأن السورى وبالأخص فى ظل الدعم الواضح من الصين وروسياوإيران لسوريا وقد حلل سليم نصار الكاتب العربى الوضع السورى الإيرانى الإسرائيلى حيث قال:" قبل انعقاد جلسة مجلس الأمن المخصصة لبحث إمكانية تطبيق المبادرة العربية في سورية، توقع المراقبون أن يجمد النظام حملته الدموية ضد المعارضة. وبسبب تيقنه من استخدام الفيتو المزدوج الروسي – الصيني لصالحه، ضاعف النظام السوري غاراته ضد المواطنين العزل بهدف اقناع الولاياتالمتحدة والدول الاوروبية والخليجية بأن حربه لن تتوقف. واللافت أن هذا المشهد تكرر قبيل انعقاد مؤتمر “أصدقاء سورية” في تونس، بحيث إن القوات الموالية للأسد استعملت الراجمات والمدافع الثقيلة داخل المدن والمناطق المؤيدة ل “الجيش الحر”. وسقط في معارك التصفيات الجماعية عدد من المراسلين والمصورين الأجانب، خصوصاً بعد استهداف مبنى المركز الإعلامي في حمص. وكان من المنطقي أن تستغل الشبكة السورية لحقوق الإنسان في لندن، صور القتلى والجرحى من أجل تأليب الرأي العام ضد ممارسات العنف الأعمى. وفي رأي بعض أنصار النظام، فإن صور العنف التي ترسل إلى شبكات التلفزيون عبر الانترنت بهدف تشويه سمعة المسؤولين وتجريدهم من كل الصفات الإنسانية... هذه الصور بالذات تعتبرها الحكومة السورية وسيلة ناجعة لبعث الخوف في النفوس، وإدخال الرعب إلى قلوب المواطنين. أو هي – كما يصفها علماء النفس – أفعال منكرة يرتكبها أناس مذعورون بقصد تطمين أنفسهم. علماً أن الدماء التي سفحت يصعب تبريرها حتى لو أنها ستساهم في خلق نظام سياسي اجتماعي يتفوق على نظام الحزب الحاكم! يقول الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي، إن دول المنطقة أصيبت باليأس جراء التعنت السوري واعتماد دمشق على الفيتو الروسي – الصيني من أجل القفز فوق مبادرة الجامعة. ومع أن مؤتمر أصدقاء الشعب السوري في تونس حاول كسب شرعية دولية تساعد المعارضة على الخروج من حال المراوحة والتشرذم إلا أنه يعرف جيداً أن نظام الأسد لن يتراجع إلا إذا تراجع الموقف الروسي – الصيني. وهذا ما دعا وزير خارجية فرنسا آلان جوبيه إلى تأجيل قرار رسم استراتيجية المرحلة المقبلة إلى ما بعد إعادة انتخاب فلاديمير بوتين رئيساً لروسيا في 4 (مارس) المقبل. وهو يتصور أن بوتين وحليفه الصيني سيضطران إلى تعديل موقفيهما على ضوء المستجدات السياسية والأمنية في سورية. خصوصاً أن الزعيم الصيني الجديد تشاي جينبنغ بدأ يمارس نفوذه قبل موعد التتويج بفترة طويلة. من هنا حرص الدول التي شاركت في مؤتمر تونس على إظهار التحفظ والتهدئة لإدراكها بأن التغيير سيصيب قيادتي الدولتين الداعمتين للنظام السوري. خصوصاً أن بوتين أعرب عن رغبته في إعادة تنشيط موقع بلاده الاقتصادي داخل سورية حتى في اسوأ الظروف الأمنية. وهذا ما يفسر وجود وفود روسية جاءت لدراسة العروض المطروحة في مشاريع المياه والكهرباء ومختلف تعهدات البنى التحتية. والثابت أن سورية محتاجة إلى تنفيذ مشاريع مستعجلة بتكلفة 3 بلايين دولار، تعوض بواسطتها عن الفراغ الذي أحدثته العقوبات الأوروبية والأميركية. ويستدل من حجم تكاليف مشروع إعادة تسليح روسيا، وما عرضه بوتين من تحديات لخرق حصار الحلف الأطلسي، إنه يقوم بحملة تضليل وخداع من أجل ربح معركة الرئاسة بغالبية مطلقة. ذلك إنه يعرف جيداً أن مشروع “حرب النجوم” الذي طرحه الرئيس الراحل ريغان كان بمثابة الضربة القاضية التي عجلت في انهيار الاتحاد السوفياتي. والسبب أن موسكو أخفقت في حرب المنافسة المالية، الأمر الذي ساعد على انهيارها. ومن المؤكد أن بوتين لا يريد تنفيذ أضخم برنامج تسلح (590 بليون يورو) في وقت تستدين بلاده من صندوق الكنيسة الارثوذكسية لتنفيذ بعض المشاريع الحيوية. على صعيد آخر، يحاول الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف الالتفاف على قرار الفيتو، بهدف الإبقاء على علاقات التعاون والانفتاح مع دول مجلس التعاون الخليجي. لذلك قام ببادرة حسن نية كي يطمئن دول الخليج إلى سلامة العلاقات مع الدول المعارضة لسلوك دمشق. لهذا اتصل يوم الأربعاء الماضي بالملك عبدالله بن عبدالعزيز ليطلعه على حقيقة موقف بلاده من التعاطف مع سورية وإيران. ورد عليه العاهل السعودي بالقول: “إنه كان من الأولى أن يبادر الأصدقاء الروس إلى التنسيق مع العرب قبل استخدامهم حق الفيتو في مجلس الأمن. أما الآن، فإن أي حوار حول ما يجري لا يجدي. ذلك أن المملكة العربية السعودية لا يمكن إطلاقاً أن تتخلى عن موقفها الديني والاخلاقي تجاه الأحداث الجارية في سورية”. الموقف الصيني الرسمي في هذا السياق يبدو مشوشاً وغير منسجم مع موقف روسيا. والدليل أن نائب وزير الخارجية تشاي جيون الذي التقى الرئيس الأسد مع الوفد المرافق، أبلغه أن بيكين تدعم خطة الجامعة العربية لإنهاء العنف. وبعكس سياسة روسيا التي تجاهلت الدول العربية، قال جيون للأسد إن بلاده كانت ترغب في العمل مع الحكومة السورية والمعارضة والجامعة العربية والدول العربية لإيجاد حل للأزمة. وكان بهذه المصارحة يحاول أن ينأى بموقف بلاده عن موقف روسيا. علماً أن الصين اتخذت قرارها على ضوء مصالحها مع روسيا لا مع سورية. وكان الدافع إلى استخدام الفيتو يتمثل في محاولة دعم العلاقات مع الجارة الكبرى والابتعاد عن نظرية “الربيع العربي” التي تطالب الدول بمزيد من الديموقراطية والشفافية. وترى القيادة في بكين أن هذه المطالبة تشجع المعارضة بين المنشقين الصينيين الذين ينشطون في الساحات العامة ضد هيمنة الحزب الواحد. إضافة إلى هذا المعطى، فإن موسكو تشعر بأن الغرب أسقط لها أهم زبونين، هما صدام حسين ومعمر القذافي. لذلك أقنعت شريكتها بكين بأن الانحياز لنظام الأسد قد يوفر لهما فرصة إصلاح الضرر ولو بصورة جزئية على الأقل. كما يوفر لهما المجال لإقناع الدول العربية والغربية بأن إنهاء الأزمة السورية لا يمكن أن يتحقق من غير تعاونهما. على مستوى آخر، فإن إسقاط نظام الأسد أصبح هدفاً سياسياً لعدة دول بينها: الولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الأوروبي والخليج العربي وتركيا. والسبب أن إسقاط النظام الذي أوصل نفوذ إيران إلى البحر المتوسط، سيحل محله نظام معاد لطهران، كما أعلن برهان غليون. وترى واشنطن أن تغيير توازن القوى في المنطقة سيضرب نظام الملالي في الصميم، بحيث تضطر إيران إلى التخلي عن برنامجها النووي والانصراف إلى ترتيب الوضع الداخلي. ومن المؤكد أن هذا الموضوع الخطير سيكون على جدول أعمال محادثات باراك أوباما وبنيامين نتانياهو يوم الاثنين المقبل في البيت الأبيض. وهو يوم الحسم بالنسبة إلى رئيس وزراء إسرائيل الذي جاء إلى واشنطن لمطالبة أوباما بتنفيذ تعهده حول مشاركة بلاده في منع إيران من امتلاك سلاح نووي. وترى صحيفة “معاريف” إنه سبق لوزير الدفاع ايهود باراك أن نقل إلى الإدارة الأميركية خطة ضرب المفاعلات النووية الإيرانية خلال الصيف المقبل. ولكن الصحيفة تتوقع لهذه المغامرة العسكرية أن تفرز تداعيات مرعبة قد تشعل منطقة الشرق الأوسط بنار آبار النفط، كما تشعل أسعار النفط بطريقة غير مسبوقة ستساعد حتماً على انهيار البورصات العالمية وتمدد “الربيع العربي” إلى دول الاتحاد الأوروبي. ومع انهيار الاقتصاد العالمي، يصبح من المتعذر تجديد ولاية أوباما لدورة ثانية في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. لهذا تتوقع الصحف الإسرائيلية عقد صفقة سياسية تدعو إلى تأجيل موعد الضربة العسكرية إلى ما بعد فوز أوباما بالانتخابات، مقابل توقيع اتفاق ملزم بأن تشارك الولاياتالمتحدة في العملية الحربية المؤجلة. الفريق المكلف مراقبة المفاعلات النووية الإيرانية غادر طهران بعدما اتهمها بعرقلة مهمته التقنية. وفي هذا الوقت هدد المرشد الإيراني علي خامنئي كل الدول التي تتآمر على بلاده بثأر من الله. وقد أعطى وزير الدفاع الإيراني هذا الوصف للمناورات التي تستمر أربعة أيام. وقال الجنرال محمد علي جعفري إن طهران مسؤولة عن أمنها وعن أمن الدول الإسلامية المجاورة وعن دول جنوب الخليج. وكالة الاستخبارات الأميركية أصدرت دراسة تتوقع فيها اشتعال حرب مفاجئة، في حال أشرف النظام السوري على الانهيار الكامل. وهذا ما يعنيه وزير الدفاع الإيراني بقوله إن بلاده مسؤولة عن أمن الدول الإسلامية المجاورة. بل هذا ما عناه الأمين العام ل “حزب الله” السيد حسن نصرالله، عندما تحدث في خطابه الأخير عن امتلاك سلاح أمضى من الصواريخ. وكان بذلك التلميح يشير إلى معركة التصفية النهائية، أي معركة إطلاق الصواريخ التي تحمل رؤوساً كيماوية وتغطي أجزاء كبيرة من مساحة إسرائيل. وسط هذه العاصفة الدولية، علا صوت رئيس “جبهة النضال الوطني” النيابية وليد جنبلاط، كصيحة نشاز تصورها البعض أنها تراجع عن موقفه المؤيد لسورية بعد أحداث أيار (مايو) 2007. ويقول أنصاره إن موقفه السابق كان نابعاً من قناعته بأن الأذى سيلحق بالطائفة الدرزية إذا هو اختار خطاً آخر. ومن تلك القناعة ينطلق هذه المرة ليحذر دروز سورية من الوقوع في الشرك المنصوب لهم. وأوصاهم في ندائه “بعدم الانجرار خلف زمرة من الشبيحة والمرتزقة الذين يوزعون عليكم السلاح بهدف وضعكم في مواجهة مع اخوانكم في سورية”. وكان جنبلاط بهذا التحذير يشير إلى سقوط أكثر من مئة وخمسين قتيلاً من الطائفة الدرزية التي ألفت التعايش مع سائر الطوائف، وخصوصاً الطائفة السنية. ومع أن الدروز في سورية لا يزيد عددهم على 3 في المئة، إلا أنهم يتمتعون باحترام الجميع بسبب مواقفهم المشرفة أثناء ثورة سلطان باشا الاطرش ضد الانتداب الفرنسي. وقد أكرمه الرئيس حافظ الأسد، وامتدح بطولاته، وأمر بدفنه وسط احتفال رسمي، مثله مثل كبار القادة التاريخيين الوطنيين. وكل ما يريده جنبلاط من نظام بشار الأسد هو تحييد موقف الدروز في معركة لا يريدهم أن يخرجوا منها لاجئين في لبنان أو الأردن"