تحير المحللين فى معرفة كيان هذا الطرف الثالث الذى ملأ العسكرى والحكومة والداخلية اذان المواطنين به فلا نعرف هل الطرف الثالث هم الفلول؟ أم هم بلطجية؟ أم هى مؤامرة خارجية ؟ أم الشعب ؟ أم من؟. فمنذ أحداث ماسبيرو التي راح ضحيتها 27 شخصاً، مروراً بأحداث شارع محمد محمود التي ذهب ضحيتها أكثر من 42 شخصاً، وأحداث مجلس الوزراء التي توفي فيها 14 شخصاً،وأخيرا أحداث بورسعيدالتى راح ضحيتها 80 شابا على الأقل. وبعد إندلاع كل كارثة نسمع عن بدء التحقيقات من النيابة، وتشكيل لجنة تقصي حقائق، ولكن لا تخرج للنور أي تقريرات عن هذه اللجنة، أو تظهر نتائج لتحقيقات النيابة لتظهر ألف علامة استفهام حول من يعبث بأمن مصر، ومن يقتل شبابها؟ يقول الخبير الاستراتيجي، وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، اللواء أحمد عبدالحليم «إن عدم معرفة المسؤول عن قتل ضحايا مجلس الوزراء ومحمد محمود وماسبيرو حتى الآن يشعر البعض بأن هناك تواطؤاً من الجهات المسؤولة»، مشيراً إلى أن «التغييرات التي حدثت في المنطقة العربية، خاصة مصر، أثارت دول إقليمية وخارجية؛ لذلك تدخلت هذه الدول لإثارة الفوضى وعدم الاستقرار». وأضاف اللواء عبد الحليم أن «ما وقع في شارع مجلس الوزراء دليل واضح على أن هناك فوضى منظمة من قبل منظمات خارجية وداخلية؛ لأن الأسباب التي تم إعلانها عن هذه الأحداث لا تستدعي كل ما حدث، لافتاً إلى وجود طابور خامس في البلاد يتمثل في شخصيات لها مصلحة في تحريك الأزمات في أي وقت؛ لأنهم لا يريدون الاستقرار في البلاد». فيما يرى الخبير الأمني المصري اللواء محمود قطري «أن هناك أموراً تستدعي التوقف، أولها زجاجات المولوتوف الحارقة من أين أتت للمعتصمين وهم محاصرون في شارع مجلس الشعب؟ مؤكداً أن العناصر التي وُجدت في زي مدني أعلى سطح مجلس الوزراء حصلت على تسهيلات أمنية من قبل عناصر الجيش التي تقوم بحراسة المبنى، ويفرضون أنهم تابعون للحراسة المدنية، فهناك استحالة لصعودهم أعلى سطح المبنى إلا بحماية الجيش». وأضاف اللواء قطري «أن الطرف المجهول الذي يتحدث عنه البعض هو الطرف الذي كانت تستعين به الشرطة المصرية فيما سبق؛ من أجل تزوير الانتخابات، وهم البلطجية الذين تم القبض على بعضهم في أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء، دون تقديم توضيح عن هؤلاء الأشخاص ومن يقف خلفهم، وهم أعوان الشرطة الذين يتم استدعاؤهم عند الحاجة لإشاعة الفوضى»، مؤكداً أن «ما يحدث هو تمثيلية أمنية فاشلة اعتدنا على أسلوبها سابقاً في إثارة الفوضى». وأكد أستاذ القانون في كلية الحقوق جامعة عين شمس الدكتور نبيل سالم أنه «لم يعد مقبولاً الاعتداد بنظرية (الفاعل المجهول)، التي يروجها المسؤولون عن إدارة البلد، وأن هناك طرفاً ثالثاً هو المسؤول عن تفاقم هذه الأحداث، وأنه المسؤول عن إطلاق الرصاص»، وأوضح نبيل أن الحديث عن نظرية (الفاعل مجهول) تصلح فقط في قضايا الجرائم الفردية، أي التي يكون فيها المجني عليه شخصاً واحداً أو شخصين على الأكثر، أما أن يظل هذا في جرائم تمس أمن ومستقبل البلد فهو أمر غير مرغوب فيه، مشيراً إلى أن مقولة (الفاعل مجهول) في هذه القضايا نوع من التعتيم. وفي السياق نفسه، قال أستاذ العلوم السياسية في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة مصطفى كامل السيد «إننا مازالنا نعاني من غياب الشفافية، والمواقف الضبابية، وعدم معرفة الأطراف المتورطة في الأحداث الأخيرة»، مضيفاً أن كل ما نبحث عنه هو الشفافية أمام الرأي العام، ومعرفة من هو المدان والجاني فيما يحدث من جرائم، والسؤال الذي طرح نفسه هل نحن نسير للأمام .. أم نتراجع للخلف؟ ومن جانبها، أكدت أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة الدكتورة أميرة الشنواني أنها لا تقتنع تماماً بأن الفاعل مجهول في الوقائع والأحداث الأخيرة في شارع مجلس الشعب، فهناك فاعل حقيقي ومعلوم، ولكن ربما لا يتم الإفصاح عنه، لافتة إلى أن عدم وجود تحقيقات سريعة وشفافة سوف يؤدي إلى مزيد من أعمال العنف، وبالتالي تراجع حال هذه البلاد وتدهورها. وعلى عكس الآراء السابقة، يرى القيادي في التحالف الشعبي الاشتراكي الدكتور حمدي حافظ أن «الفاعل في الأحداث الأخيرة المتتالية حقيقي وليس مجهولاً، بل معلوم علم اليقين ومحدد، فالمجلس العسكري هو المسؤول المسؤولية الكاملة عما يحدث في مصر، وذلك من خلال عدم حسمه للعديد من القضايا والأزمات التي تكررت بعد الثورة، فإما أن يعلن الجيش انتماءه للثورة أم لمبارك؟».وأكدت نائب رئيس حزب الجبهة، سكينة فؤاد، على عجز وفشل الحكومات في التعامل مع الأزمات، ويعدّ هذا تكراراً لسيناريو كثير من المجازر التي حدثت في الفترة الأخيرة، وهو ما ينذر بالخطر؛ لأن المسؤولين لا يدركون أن أي محاولة لتكرار هذا السيناريو ستكون نتائجها خطيرة؛ لأن الناس مملوءة بالغضب، وأوضحت سكينة أن الفاعل في جميع الأحداث معلوم تماماً للجيش وليس مجهولاً، مضيفة أن 90% من الحقائق يتم إخفاؤها عن المواطنين. ويؤكد محمد أبوزيد الطماوى الكاتب الصحفى لا أظن أن ما يحدث الآن على مدار عام كامل من بداية الثورة، من حالة الهرج والمرج والدماء التى تسفك والشباب الذى يفقد من حين لآخر، يسرُ أحداً غير أعداء هذا الوطن أو بالأخص "الطرف الثالث" الذى دائماً يشير المجلس العسكرى إليه بأصبع الاتهام. ولا أدرى لماذا النظام حتى الآن لا يعى أن الشعب فاق من نكسته؟!!، وأنه يعلم ويعرف جيداً من هو- اللهو الخفى - وراء كل ظلام وحداد، من يعقل الأمر سيجد المستفيد، إن الذى يحاول بكل هذه الإمكانيات والحيل لتدمير شعب بأكمله لإشاعة الفوضى بأركانه هو إما مغتصب طامع "إسرائيل"، يريد إعادة أمجاد مزيفة بناها من قبل على هذه الأرض، أو نظام سابق "الفلول"، يخاف من السؤال "ماله من أين اكتسبه"، ثم المحاكمة والعقاب الذى سيلحق به قريباً عندما تستكمل الثورة المنقوصة. إن الطامة الكبرى هى عدم الاستفادة من التجارب التى مرت بها مصر، بداية من أحداث ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء، إلى موقعة الاستاد، التى لم نجن من ورائها إلا نهر من الدماء وجيش من الشهداء وضحايا بلا رعاية كافية، ولم نشعر حتى الآن بقلب ُأم يأتى إلى جسدها فلذة كبدها بصوره أشلاء مقطعة، ظهر كل ذلك حينما تخاذلنا عن استكمال ثورتنا السلمية التى أبهرت العالم من يوم أن تركنا منصة الميدان واستبدلناها بمنصات الإعلام، وبدأت الفتنة تشتعل حينما سمحنا بلفظ الخيانة يتخلل بيننا ُيلقى به بعضنا البعض بعدما كانت قلوبنا مؤلفة كرجل واحد، وظهر الجهل والحماقة حينما تفرقنا وتناحرنا وتشتت مبادؤنا، وأتضح الغباء عندما بدأت الألسنة تقدح فى الإسلاميين تارة ترميهم بالطمع وأخرى بالتآمر ضدد المصالح العامة قبل أن يبدأوا فى مهامهم، فلا نلوم ذلك الطرف المتحالف لأننا ساعدناه فى تحقيق أغراضه حينما سمحنا له باقتناص واستغلال الفرصة. أن كل ما حدث نتيجة طبيعية لأن النظام لم يسقط بعد، بالإضافة إلى ما أشرت إليه سابقا، فلقد وطدت الأنظمة السابقة للفساد أركان مازالت عاتية، بعد أن عمقت فى نفوس الكثيرين الحرص على المصلحة الشخصية حتى إن تعارضت مع المصالح العامة، مما يستوجب علينا التحدى والتصدى لكل هذه العقبات والعراقيل، حتى نتدرج فى الإصلاح والتنمية، ومن الواجب أن ينصح الأئمة والعامة شبابنا المندفع المتعجل للإصلاح السريع بالتحلى بالصبر والهدوء، حتى لا نقع فى فخ المؤامرات المدبرة والشائعات التى تنتهى باصطلاء شبابنا الأعزل بنارها، فلقد هرمنا من كثرة الهزيمة الدموية وتقطعت شباكنا من التخلف والقهر، وما زاد ذلك العدو إلى فخراً بما يحرزه من أهداف، فلا عاصم من ذلك سوى أن نقف جميعاً نداً أمام محترفى الإجرام ومنتفعى العهد البائد، لنريهم كيف سننهض بمصر، حتى نأخذ بأيديها إلى ما هى أهله من الريادة والتقدم، فلن يتم ذلك إلا بإسراع الخطى نحو مبادرة بناء صرح الحضارة العلمية التطبيقية التى تصل بنا إلى الإبداع والتألق.