أعلن حاكم منطقة عسير "الأمير فيصل بن خالد" عن إلغاء عرض الفيلم السينمائى السعودى "مناحى" الذى كان من المقرر عرضه خلال أيام "مهرجان أبها السياحي". وقال الأمير خالد فى تصريحات صحفية إنه لا يرى فى العرض السينمائى فائدة، أو خدمة لمهرجان أبها، مشيراً إلى عدم معارضته للعروض السينمائية من حيث المبدأ. وتعتبر هذه الضربة الثانية, خلال فترة وجيزة, التى يتعرض لها الوسط الفنى السعودي, حيث أصدر الأمير خالد فى وقت سابق قراراً يقضى بإلغاء المهرجان الغنائى الشهير الذى يشارك به كبار الفنانين بشكل نهائي. ويأتى هذا القرار ليلغى كافة النشاطات الفنية فى منطقة "عسير" لتتحول-بعكس عهد "الأمير خالد الفيصل"- إلى منطقة طاردة للفنون والنشاطات الثقافية. ومن الواضح بعد إلغاء العرض السينمائى لفيلم "مناحي" المدرج سابقاً على جدول أنشطة "مهرجان أبها الغنائي"، دعمُ أمير منطقة عسير لرؤية رجال الدين للكيفية التى يجب أن يكون عليها مهرجان أبها، الذى بدأ يتخذ طابعاً "متأسلماً" بحسب رأى أحد المعلقين المنتقدين لهذا القرار. ونجح رجال الدين من خلال هذه القرارات فى إخراج "مهرجان أبها" من روحه الفنية والثقافية التى طبعته فى عهد الأمير خالد الفيصل، إلى روح جديدة ترفض وجود أى نشاطات فنية من خلال الغناء أو السينما أو الاحتفالات الشعبية, لتعيد "أسلمَتَه" من جديد؛ بعدد كبير من المحاضرات والندوات والنشاطات الخالية من أى موسيقى أو تمثيل. أحد الصحافيين الفنيين المنتمين الى منطقة عسير، اعتبر ما يحدث مؤخراً تراجعا كبيرا على مستوى الثقافة والفن والإبداع السعودى والاعتدال فى مواجهة التشدد والانغلاق، والحرب على كل فنان ومبدع يسعد ويمتع الناس. ويضيف:"حفلات أبها الغنائية كانت تشهد حضورا كبيرا داخل القاعة ومتابعة كبيرة على التلفزيون, واستطاعت أن تشد انتباه العالم العربى لمنطقة أبها التى دخلت بفضل جوها الجميل ونشاطاتها الإبداعية قوائم أجمل المدن السياحية. لكننا نضيّع كل ذلك الآن بغمضة عين". ومن المعروف أن هذا المهرجان الغنائى ساهم فى شهرة وشعبية أبها كمدينة سياحية, كما من المتوقع أن يسهم عرض فيلم "مناحي" بمزيد من الإقبال والحضور؛ الأمر الذى ينعكس على شهرة المنطقة داخلياً وخارجياً، وهو ما يتعارض– بحسب رأى الصحفي- مع الحديث عن كون هذه الحفلات والعروض السينمائية غير ذات فائدة ل"مهرجان أبها" السياحي. ويضيف:"هناك أناس يذهبون الى البحرين من أجل السينما فقط. ألا يعد ذلك مسألة مفيدة سياحياً واقتصادياً!!". وفى الوقت التى تثير هذه القرارات غضب الفنانين والمثقفين ورجال الصحافة والإعلام، وشرائح كبيرة من المجتمع السعودى تنشد هذا النوع من الترفيه, فإنها تسعد أيضا شرائح كبيرة من المجتمع ممن يعتبرون مثل هذه الأعمال حراماً وجالبة للفساد والتهتك داخل المجتمع. وينقسم المجتمع السعودى بين فئات تؤيد انتشار مثل هذه الحفلات الفنية والعروض السينمائية رافضين كل الاتهامات التى تدور حولها بأنها السبب فى تفسخ الأخلاق، حسبما يقول الشاب أحمد الشهوان مشيراً إلى "أن هذه الحفلات والأفلام تحضرها العائلات السعودية خارج المملكة، ولم تتفسخ أخلاقها بعكس ما يقول دعاة الانغلاق وأعداء الحرية والإبداع". ولكن على طرف آخر، فإن الرافضين لهذه الأنشطة يؤكدون أنها تعارض ما جاء فى كتاب الله وسنة رسوله "وعلينا الامتثال لما جاء فى القرآن والسنة النبوية بدون نقاش" كما قال الشاب عبدالله الشهرى أحد المؤيدين لمنع النشاطات الفنية فى منطقة عسير. ويرحب رجال الدين التقليديون والحركيون هذه القرارات؛ بسبب اعتراضهم على مثل هذه الحفلات "المحرَّمة" حسبما قال الشيخ صالح الفوزان عضو "هيئة كبار العلماء" الذى اعترض مؤخراً على إحدى الصحف بسبب ترحُّمها على حفلات "أبها" الغنائية. ولكن رجال الدين المعتدلين لم يظهِروا أى دعم وتأييد لمثل هذه القرارات، فى إشارة واضحة منهم الى عدم رضاهم عن سيطرة رجال الدين المتصلبين على زمام أمور الأنشطة الثقافية فى المنطقة الجنوبية.