خبير فى الشئون العربية في تحول خطير في مسار تطورات الأحداث في سورية التي تشهد احتجاجات شعبية وتظاهرات مطالبة بإسقاط نظام الرئيس “بشار الأسد” منذ شهر مارس الماضي، شهدت مدينة حمص الأحد الماضي 17 يوليو أعمال عنف طائفية، حيث قتل العشرات في اشتباكات طائفية بين سكان سنة وعلويين.
وأثار هذا الحادث الذي تزامن مع الذكرى السنوية لوصول بشار الأسد إلى سدة الحكم المخاوف من اندلاع حرب أهلية وفتنة طائفية بين السنة الذين يشكلون الأغلبية (نحو 75 % السكان) والعلويين الذين يشكلون 10 % من السكان.
وانقسم الرأي تجاه من يقف وراء هذه الأحداث الطائفية، فهناك من يحمل المتظاهرين المسؤولية ويشير إلى أنهم يتخذون منحى طائفيًا ويستشهد بما حدث في مؤتمر علماء المسلمين السوريين في مدينة اسطنبول التركية مؤخرًا والقول بأنه عمل على أسلمة و”طأفنة” الاحتجاجات الشعبية.
بينما الرأي الثاني يرى أن النظام السوري هو الذي يدفع باتجاه الحرب الأهلية بعد أن باتت ورقة مهمة للحفاظ على بقائه وتحقق له مكاسب عديدة. واختار هذا النظام مدينة حمص أحد معاقل المعارضة التي يسكنها نحو 1,5 مليون شخص لأنها أكثر المدن تنوعا من الناحية الدينية في سورية ومن السهولة إثارة الفتنة بها، وقد يتكرر ذلك مستقبلاً في مدن أخرى مختلطة كالمدن الساحلية.
ويرجح هذا الرأي التعتيم الإعلامي الذي فرضته السلطات السورية على مجريات الأحداث، إضافة إلى أن سلوك النظام السوري نفسه فهو لم يتورع عن ممارسة اشد أنواع القمع والبطش بالمعارضين والمحتجين مما أدى إلى وفاة أكثر من 1400 شخص واعتقال ما يزيد عن 12 ألف شخص.
فالنظام في سورية يسعى إلى كسب تأييد العلويين والأقليات الأخرى عن طريق تخويفهم من مغبة سقوطه، لذا يقوم بتسليح الموالين له من بين الطائفية العلوية بهدف المساعدة في قمع الاحتجاجات، كما يعمل- وفقًا لتقارير- على تسليح سكان القرى التي يسكنها العلويون واستخدام “عصابات” تنتمي للطائفة العلوية لقمع الاحتجاجات وإقامة حواجز تفتيش في المناطق التي يقطنونها، وتخريب ممتلكات السكان في المناطق السنية وترويعهم. على الصعيد الداخلي أيضًا، فإن إثارة المخاوف من إشعال الحرب الأهلية في البلاد يزيد من الانقسام الحاصل أساسًا بين صفوف المعارضة السورية وخاصة تلك الموجودة بالداخل فربما يدفعها الخوف من زج البلاد في أتون الحرب الأهلية إلى تفضيل خيار الحوار مع النظام وحتى لا تنهار الدولة البالغ عدد سكانها 20 مليون نسمة. إضافة إلى ذلك، فإن الخوف من الفوضى أو الحرب الأهلية يحد كثيرًا من الضغوط الإقليمية والدولية على النظام السوري وهو أحد الأسباب التي تحول حتى الآن دون تكرار النموذج الليبي في سوريا، فرغم الانتقادات الغربية والدولية للنظام السوري، إلا أن هذه الانتقادات وخوفًا من تكرار ما حدث في العراق من حرب طائفية مقيتة لم تتجاوز إلى الآن حدود التصريحات وبعض العقوبات غير المؤثرة التي لا تضمن تغييرًا في سياسات النظام السوري أو تدفعه إلى التنحي عن السلطة.
إلا أن اللعب بالورقة الطائفية يحمل العديد من المخاطر التي لن يكون النظام قادرًا على السيطرة عليها أو التحكم فيها بل قد تكون هي أحد الأسباب التي تؤدي إلى انهيار النظام خاصة في ظل تصاعد الاحتجاجات وانفلات الأمور في عدة مدن من سيطرة السلطة وحدوث قتال ومصادمات بين المحتجين ضد أنصار النظام والرافضين للتغيير.