أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز الدراسات العربي - الأوروبي ومقرّه باريس ان روسيا تتردد في دعم الثورات العربية. وقال 84 في المئة من الذين شملهم الاستطلاع روسيا ترى ان ما سوف ينتج عن الثورات العربيه سوف يكون حتما لصالح امريكا مما سيضعفها وتخسر اخر ورقتين في يدها (بعض العرب وايران ). في حين 8.9 في المئة رأوا ان روسيا تقايض الغرب على حساب الثورات العربية لكي تحصل على صفقة تكون لصالحها . في حين 7.1 في المئة يرون ان السبب في تردد روسيا في دعم الثورات العربية انما هو نتيجة الأوضاع في روسيا غير المستقره من كل النواحي.وخلص المركز الى نتيجة مفادها : لوحظ ان روسيا لم تكن متحمسة لكل الثورات التي حصلت في تونس ومصر وليبيا وسورية واليمن ، كما لم يكن لها دور مقرر حيث بدت الحركة الدبلوماسية وكأنها مشلولة .والمفارقة التي امكن تسجيلها هي ان موسكو وقفت ضد الأطلسي في ليبيا ولكن سرعان ما عادت وغيرت رأيها دون ان تتضح طبيعة الصفقة التي عقدتها مع واشنطن .كما المفارقة الأخرى التي امكن تسجيلها هي انها ترفض حتى الأن اصدار اي موقف من مجلس الأمن ضد النظام السوري رغم كل الإتصالات التي جرت بين موسكو من جهة وباريس ولندن وواشنطن من جهة أخرى .وتعددت التحليلات حول ابعاد هذه الخطوة حيث اعتبر البعض ان موسكو مضطرة للدفاع عن النظام السوري الذي منحها امتياز بناء قاعدة عسكرية بحرية في طرطوس التي تعتبر المنفذ الوحيد لروسيا على البحر الأبيض المتوسط .. والبعض يقول ان موسكو تعارض لأنها لا تريد ان تبيع الورقة السورية بأرخص الأثمان ، لا بل تتشدد في معارضتها من اجل رفع سقف الإمتيازات التي ستحصل عليها من الغرب كما فعلت في السابق مع نظام صدام حسين . اما عن اليمن وتونس ومصر فإن الصوت الروسي لم يكن مسموعاً لأسباب مجهولة بالكامل .وفي شتى الأحوال فإن ما يمكن الجزم به هو ان الدبلوماسية الروسية ضعيفة وذات تأثير دولي محدود لسببين رئيسين هما :السبب الأول هو ان روسيا - وريثة الإتحاد السوفياتي - لم تعد الدولة العظمى التي كانت قادرة على مقارعة الغرب وعلى الوقوف في مواجهة الولاياتالمتحدة الأميركية بسبب ضعف الإقتصاد الروسي وكثرة المديونية وإنتشار الفساد وقلة الحلفاء الخارجيين وتخلف قطاع الصناعات وعدم القدرة على المنافسة خاصة بعد الصعود المذهل للصين .السبب الثاني هو انه داخل الإدارة الروسية هناك نزاعات على ادارة شؤون البلاد بين الرئيس مدفيديف وبين رئيس حكومته بوتين حيث لكل منها اجندته الخاصة داخلياً وخارجياً وهذا ما يترجم احياناً ازدواجية في المواقف الروسية او غياب شبه كلي عن مسرح الأحداث العالمية . وبناء على ما تقدم من الطبيعي ان نشهد عدم وضوح في الرؤية لدى الروس إزا ما يجري في بعض الدول العربية من ثورات.