عادت الشؤون السورية والليبية لتحتل موقعا متقدما في الصحف البريطانية الصادرة صباح الثلاثاء، ومن شهادات لاجئين سوريين قرب الحدود التركية ومستقبل العمليات العسكرية في ليبيا إلى احتمالاتها في سورية حاولت الصحف القاء الضوء على ما بات يعرف بالربيع العربي أفردت صحيفة الاندبندنت صفحاتها الأولى والثانية والثالثة لتقرير خاص من داخل الأراضي السورية أعده مراسلاها كيم سينغوبتا وجستن فيلا وفي الصفحة الأولى من الصحيفة نطالع صورة لنساء سوريات في مخيم خربة الجوز بالقرب من الحدود التركية وتصف الاندبندنت تقريرها بأنه "رسالة إخبارية تكشف الحقيقة الوحشية لحملة النظام" واختارت الصحيفة لتقريرها عنوانا من إفادة وردت على لسان أحد اللاجئين وهي: "أطلقوا النار على الأشخاص الذين كانوا يحاولون الهرب" يقول التقرير إن ذكريات العنف "المؤرقة" لا تزال حاضرة في عقول اللاجئين السوريين ويشير سينغوبتا وفيلا إلى أن أكثر من 10 آلاف شخص توجهوا صوب الحدود التركية في محاولة للهرب من الهجوم "الذي أطلق له العنان بشار الأسد" ويصف مراسلا الصحيفة حال اللاجئين بالقول إنهم "يعيشون في بؤس ويحصلون على القليل من الطعام والمياه" ويستدرك التقرير "لكنهم وطنوا انفسهم على هذه المعاناة حتى يصلوا إلى مكان (يجدون فيه) أمنا نسبيا بعيدا عن الدبابات والمدفعية والمروحيات والموت الذي تجلبه" وتضيف الصحيفة أن من غير المعلوم كم ستستمر هذه الفترة من "الراحة"، مشيرة إلى أن "قوات النظام على بعد أقل من 15 كيلومترا" ويذكر التقرير بأن الحكومة السورية اعلنت يوم أمس أن الهجوم الحالي على محافظة أدلب، والذي اشتمل على مهاجمة مدينة جسر الشغور، سيستمر إلى أن يتم القضاء على "العصابات الإجرامية"، حسب تعبير دمشق وتقول الصحيفة إنها التقت بعدد من "ضحايا هذه الحرب التي شنت عليهم من قبل بلدهم" ويضيف مراسلا الاندبندنت أن مرافقيهم الذين قادوهم في الطريق كانوا "شبابا يحملون زادا متواضعا في أيديهم، مكونا من قناني مياه وأرغفة من الخبز ويصف سنغوبتا وفيلا القصص التي استمعوا لها بأنها "مروعة"، ويضيفان أنها تتعلق "بإطلاق النار العشوائي وأعمال قتل ودفن الجثث على عجل وحرق المنازل" ويقول مراسلا الاندبندنت أنهما التقيا بجندي كان يعمل في سلاح المشاة وانشق عن الخدمة العسكرية "قبيل شن الفرقة الرابعة المدرعة هجماتها على جسر الشغور" وتنقل الصحيفة عن هذا الجندي قوله "كان من الممكن أن يقتلوني لو أنهم القوا القبض علي" ويتابع الجندي السابق "لقد رأيت أناسا أطلق عليهم الرصاص من دون سبب، كانوا سيقتلونني لأنهم كانوا سيعتبروني خائنا ولأنني أعرف ما فعلوه" كما التقي مراسلا الصحيفة بامرأة روت لهم ذكرياتها وقالت لهم المرأة، وهي تحمل طفلتها ذات السنوات الثلاث بين يديها وتشير إلى جرح في وجهها، "انفجر شىء كبير بالقرب من منزلنا وقد جرحت (طفلتها) بواسطة قطعة معدنية جاءت من الهواء" أثار ستانهوب تساؤلات بشأن مستقبل العمليات العسكرية ومن الشأن السوري إلى شان ليبي بريطاني على صفحات الغارديان تنقل الصحيفة عن قائد سلاح البحرية البريطاني قوله إن الأسطول البريطاني لن يكون قادرا على مواصلة "المستوى الحالي" من العمليات العسكرية في ليبيا بعد انتهاء الصيف الحالي، ما لم يتخذ الوزراء قرارات صعبة بشأن أولوياتهم ويتابع الأدميرال مارك ستانهوب، في التقرير الذي أعده نيك هوبكينز، قائلا إن البحرية خططت للإلتزام بالعمليات العسكرية لستة أشهر، مضيفا أن على الحكومة اتخاذ "قرارات صعبة" بشأن ما يرغبون في فعله بعد ذلك وقال ستانهوب، وفقا للتقرير، إن حاملة الطائرات (آرك رويال) كانت ستشارك في العمليات العسكرية في ليبيا، لولا أنها أوقفت عن العمل العام الماضي وأضاف أن هذا الخيار كان سيكون "أقل تكلفة" وسيجعل العمليات العسكرية "أكثر فاعلية" من إقلاع الطائرات الحربية من القاعدة العسكرية الإيطالية المستخدمة حاليا ويشير التقرير إلى أن تصريحات قائد الحربية البريطانية تأتي وسط "مخاوف متزايدة" داخل وزارة الدفاع البريطانية بشأن المدى الزمني للعمليات العسكرية في ليبيا وتكلفتها المادية كما ياتي حديث ستانهوب، كما أشارت الغارديان، بعد أيام قليلة من "سخرية" وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس من بعض حلفاء الولاياتالمتحدة بالقول إن ذخيرتهم قد نفدت. وتساءل ستانهوب، حسبما ذكرت الصحيفة، "كم من الوقت يمكن أن نستمر كما نحن الآن في ليبيا؟" ويشير التقرير إلى أن قائد البحرية أبدى ارتياحه من المدى الزمني للعمليات العسكرية في ليبيا الذي حدده حلف شمال الأطلسي (الناتو) ب90 يوما لكن ستانهوب يستدرك قائلا "بعد ذلك ربما يتعين علينا أن نطلب من الحكومة أن تتخذ بعض القرارات الصعبة بشأن الأولويات" ويشرح ستانهوب ما ذهب إليه قائلا "هناك طرق مختلفة لفعل ذلك (تحديد الأولويات)، الأمر ليس متعلقا فقط بالتخلي عن الالتزامات القائمة، بل علينا إعادة التوازن" وتشير الغارديان إلى أن افغانستان تظل الأولوية القصوى لوزارة الدفاع البريطانية، وأن المسؤولين "مصرون" على أن المجهود الحربي المبذول هنالك يجب ألا يتم التقليل منه من أجل العمليات العسكرية في ليبيا قال الكاتب إن هجوم الجيش السوري تزامن مع هجوم من نوع خاص لوزير الدفاع الأمريكي أما صحيفة الفاينانشيال تايمز فقد جمعت بين الملفين السوري والليبي في مقال واحد بقلم الكاتب غايديون راتشمان إختار الكاتب أن يكون عنوان مقاله تساؤلا: "لماذا ستنجو سورية؟"، في إشارة إلى أن تحالف الدول الغربية الذي يشن عمليات عسكرية في ليبيا لن يقدم على عمل مماثل في سورية لحماية المدنيين يقول راتشمان إنه بينما كانت الدبابات السورية تستعد للتقدم نحو مدينة جسر الشغور أواخر الأسبوع الماضي، شن وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس "هجومه الخاص" ويشير إلى أن غيتس وصف غالبية حلفاءه الأوروبيين، في كلمة القاها في بروكسل، بأنهم "مجموعة لا جدوى منها من مبددي الوقت" ويضيف أن غيتس قال إن غالبية دول حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وعلى الرغم من تصويتها لصالح التدخل العسكري في ليبيا، إلا أن غالبيتها اختارت ألا تشارك في القتال الفعلي ويذكر راتشمان بتحذير غيتس من أنه ما لم يصحح وضع توزيع الانفاق العسكري في الناتو، الذي تتحمل الولاياتالمتحدة القسم الأكبر منه، فإن الحلف سيواجه مستقبلا "حزينا" ويرى الكاتب أن تزامن تصريحات غيتس مع ما سماه الحرب الأهلية السورية "ينبي بأشياء كثيرة" ويشرح الكاتب فكرته بالقول إن "مناصري (التدخل اليبرالي) اشادوا بقرار قصف قوات القذافي بوصفه دليلا على حقبة جديدة طال انتظارها، لا يستطيع الطغاة فيها الشعور بأنهم أحرار في قتل مواطنيهم" ويتابع الكاتب "لكن الفشل الغربي في التدخل بينما يقتل الجيش السوري مواطنيه، سيكون على الأرجح مرشدا أكثر دقة على المستقبل من الحملة على ليبيا" ويرى راتشمان أن "هناك صلة مباشرة بين التردد الغربي بشان التدخل في سورية وبين الطبيعة المحبطة وغير الحاسمة، حتى الآن، للتدخل في ليبيا" ونشاهد إلى جوار المقال كاريكاتيرا، حاول عبره رسام الفاينانشيال أن يجيب على تساؤل راتشمان، لكن على طريقته الخاصة يظهر الكاريكاتير جنديا أمريكيا يحمل حقيبة كبيرة عليها شعار الناتو، وقد بدت وجوه القادة الأوروبيين وهم ينظرون من تلك الحقيبة وأخذ الجندي الأمريكي يتحسس طريقه على الأرض، حيث وضع رجلا في حفرة ملتهبة تمثل افغانستان وأخرى في حفرة تمثل ليبيا وهو ينظر إلى حريق ثالث ينبعث من حفرة تمثل سورية .