د. جلال أمين "من يملك السلطة في مصر نجده لا يريد التنمية، أما المهمومين جديا بمستقبل هذا البلد وأبنائه فلا يملكون قوة التغيير".. هذا قبسا مما قاله الفيلسوف الإجتماعي والمفكر د. جلال أمين فى لقائه بضيوف مكتبة "حنين" على هامش حفل توقيع كتبه الذى أقامته المكتبة الأسبوع المنقضى على شرف ضيفها الكبير. وأضاف د. جلال أمين فى إجاباته عن إسئلة الحضور ومنها سؤال عن زواج المال والسلطة فقال : "أن أنور السادات هو من فتح الباب لهذه الطبقة ، وهؤلاء لا يمكن أن يزيدوا بأية حال عن الخمسة بالمائة من المصريين ولكن مظاهر ثروتهم تجعلهم لافتين وظاهرين . " وأضاف فى سياق أخر قريب : " كما أن الرئيس الراحل أنور السادات بدأ في شيء واستطرد فيه مبارك ونماه وهو الانفتاح الاقتصادي . وقال : أنا لا اميل لاعتبار أن شخصية الزعيم تحدد مستقبل الشعب ، كل حاكم ابن وقته والانفتاح في النهاية ليس اختراع السادات ، وكان هذا هو السائد عالميا . وهكذا الحال مع الرئيس مبارك فكثير من السياسات التي نشاهدها أصبح الجميع مجبورون عليها بضغوط دولية ." فالمجتمع المصري تغير ، وتطورت الآمال والطموحات في الجيل الحالي عن أسلافه ، فلابد من إعادة التفكير في مفهوم الطبقة المتوسطة . الحياة رخصت نسبيا وأغلبنا يمتلك هاتفا محمولا وكافة الأجهزة الاستهلاكية المعمرة في منزله ولم تكن هذه متاحة قديما بهذه الدرجة ، وكان قديما تحدد مباشرة من النظرة الأولى للشخص إذا كان أفندي أم أسطى أو غيرهم ، ولكن اليوم يصعب ذلك جدا " . لكنه استدرك معقبا فى دعوة لإنفراجة فى طاقة الأمل : " نميل إلى إنكار الأشياء الجيدة حولنا أكثر من اللازم، فنحن ساخطين على الواقع . وأنا أدعو للتفاؤل أنظروا مثلا لمركز المرأة في المجتمع ؛ فقد أصبحت تلعب دورا في الحياة الإجتماعية أكثر بكثير من الماضي ، والنقطة الثانية أن الطبقة الوسطى الجديدة طموحة ولديها همة أكثر من الماضي ، فتجد سائق تاكسي يعلم أولاده بمدارس أجنبية مثلا ؛ فالطبقة الوسطى قديما كانت سعيدة وراضية بحالها وراكنة لاستتباب الأوضاع كما هي ، والآن تجد شبابا كثيرين يريدون عمل مشروع وهذه الكلمة لم تكن منتشرة بين آبائهم ، فكان جل الأمل أن يتوظف الشاب بوظيفة حكومية ويظل بها حتى يخرج على المعاش." رأى د. جلال أمين أن كتاب أبيه المفكر المصري الكبير أحمد أمين "حياتي" أفضل من كتاب "الأيام" لطه حسين ، وتذكر كيف أن الأب كان يمليه فصولا من الكتاب وهو لم يتجاوز الخامسة عشر من عمره ؛ حيث كان الأب قد بدأت قوة إبصاره بالتراجع ، وكان يعقب كل فصل بسؤال لابنه جلال : " ما رأيك " ، ويضحك د. جلال قائلا : " كنت أقول له أنه أضعف من "الأيام" لطه حسين ، ولكنني أدركت الآن أنه كتب سيرة مميزة بحق" . ورفض د. جلال ما يروج له بعض علماء الاجتماع والمثقفون من اندثار الطبقة المتوسطة في مصر ، فهو في مجيئه وذهابه بالشارع المصري لا يرى غير طبقة متوسطة . ولكنه واصل : "فكرة إلى أي طبقة تنتمي يتوقف على طموحاتك ونظرتك للأشياء حولك أكثر من دخلك ؛ ويرى د. جلال أنه لا ينبغي أن ننظر لفكرة ضياع الهوية باعتبارها مصيبة عربية أو مصرية ، ولكنه مظهر عالمي ، والواقع أن الأمركة تنتشر في العالم كله ، وقليل من الأمم استطاعت الحفاظ على هويتها ، بعيدا عن غزو الماكدونالز والجينز والكولا وغيرهم . ومع الانفتاح الحالي في العصر الحديث لا يمكن الحفاظ الآمن على الهوية مع الفضائيات ومع الإنترنت . ورأى أن منتهى الإستهانة بالذات أن يصفق الجميع لمجرد استشهاد أوباما في خطابه بآيات من القرآن الكريم ، فهل نفاجأ أن ديننا يمتليء بالعدل والرحمة ؟