قبل ثورة 25 يناير سنة 2011 كان الإعلام المصري و العربي يأخذ جانب واحد فقط وهو جانب البعد عن انتقاد الرؤساء أو الزعماء أو المساس بهيبتهم , و عندما يريد إعلامي ما أن ينتقد , كان يوجه لومه إلى الحكومة , على أساس إنها ( حيطة مائلة ) يجوز انتقادها و التعرض لأصحابها , و لكن كان يحدث هذا فقط في برامج ( التوك شو ) التي تذاع عل قنوات ليست ملك للدولة و حدث هذا في برنامج عمرو أديب ( القاهرة اليوم ) و كم تعرض للسيد أحمد عز و أشار من بعيد إلى موضوعات تخص بعض رجال الحكومة و غيرهم من مشاهير السياسة و الرياضة و الفن . و أيضا سار في هذا النهج جميع الفضائيات و برامج( التوك شو ) , فنقد الحكومة و الحديث عن ذلك يأتي بمشاهدين كثر , و يرفع من أسهم القناة إذا زادت حدة النقض و كان للجميع دور و يوجد نجم كبير عرف عنه أن كثيرون يعادونه ويبادلونه العداء و صرح أكثر من مرة بذلك وهذا النجم هو المستشار مرتضى منصور فكان هو نجم برامج ( التوك شو ) لعدة أسباب منها جرأته في الحديث و أسلوبه في التكلم عن حقه ضد كبار رجال الدولة السابقين و معاداته من قبل بعض رجال الحزب الوطني السابق. و هنا تهاتفت جميع برامج ( التوك شو ) لاستضافته و ذلك للحصول على إعلانات كثيرة و مرتفعة الثمن و يحصل عليها صاحب القناة بمجرد إعلانه عن حضور سيادة المستشار للبرنامج , وقد واجه ذلك الكثير من رجال الدولة وحاولوا فرض رقابة على القنوات التلفزيونية و إغلاق بعضها و إيقاف برامج و تسود شاشات وهذه كانت المرة الأولى التي تسود فيها شاشة لعدة أيام بأمر قضائي , و نتيجة ذلك حدث رعب لجميع الإعلاميين و أصبح الكل يتحسب كلامه جيدا و أصبح الجميع ينتظر حدوث قرار ما قد يغلق برامجهم. و لكثرة برامج ( التوك شو ) أثار ذلك قلق الحكومة من كثرة انتقادهم , فقد ساهم الإعلامي عمرو أديب بإقالة الكثيرين من الوزراء ولعلي أتذكر منهم وزير النقل السيد / محمد منصور , و كثيرا ما قال أن هذه الحكومة لابد أن تقال ,و ما كان إلا أن تم إيقاف البرنامج , وكذلك ألمحت منى الشاذلي, و لم يستطع مقدمي التلفزيون المصري أن يطالبوا بإقالة أي وزير اخطأ , ولكن الصيغة المتبعة لتعليقهم على أي مشكلة هي ( الموضوع ده لا بد أن يتم التحقيق فيه ) بعد الثورة تغيرت أمور كثيرة في مقدمي ( التوك شو ) , فاغلبهم و على رأسهم المخضرم عمرو أديب , فلقد تغير كثيرا فلم يعد يتبع سياسة الانتقاد للوزراء الحاليين و ترى على وجهه الهدوء حيال بعض المواقف التي لو أثيرت سابقا لثار وطالب حتى تتحقق , و كذلك المذيعة منى الشاذلي , تجدها في حواراتها في حيرة هل تنتقد أم تهدأ , و أصبحت القناة الأولى وبرنامج (مصر النهاردة ) مع احترامي للمذيعين الجديدين لكنها تفتقد محمود سعد و تامر أمين و خيري رمضان فقد صنعوا بأسمائهم بريقا سوف يستغرق وقتا حتى يجد الجدد خبرة ومعرفة وطريقة حوار جذابة تأخذ ببريق أعين المشاهدين و أسماعهم. أما الكابتن احمد شوبير , فلم يعد مثل السابق تماما فقبل الثورة كان يتحدث بطلاقة و لا يهاب الضيوف ويتكلم في صلب الموضوع وأحيانا يتكلم عن السياسة و كان صوته داخل الأستوديو يعلو و ينخفض و بقوة , أما الآن بعد الثورة تجد الوجوم على وجهه والضحكة غائبة عنه و يستخرج الكلام بصعوبة و يحافظ على كلامه حتى لا تفلت كلمة فتغضب الثوار أو معارضيهم و تجد الحيرة على وجه يسأل المعدين قبل البرنامج و على الهواء, هل يقول نص خطاب الرئيس السابق عن ذمته المالية أم لا ؟ و يقول على الهواء أن الجميع قال له ابعد عن الموضوع .و ترى الضحكة من القلب على وجهه عندما تذكر مدينة طنطا أو الحديث عن كرة القدم فقط. أما الكابتن مدحت شلبي فقد تحول البرنامج الرياضي إلى برنامج سياسي و عندما يتطرق إلى أي موضوع يخص كرة القدم سريعا يتحول للكلام عن السياسة , لدرجة أن البرنامج يجذب السياسيون أكثر من غيرهم . وعندما يأتي هاتف من مؤيدي الرئيس تجد المذيعة أو المذيع في ربكة و يتمنى لو تنقطع المكالمة , ولكن المكالمة تستمر و تجد المذيعة أو المذيع يأخذ جانب المتصل ويقول له عندك حق بس !!!!! و هنا الكل مرتبك , الطريق غير واضح المعالم ومقدمي برامج( التوك شو ) في حيرة من أمرهم فهم من يقودون الرأي العام و يوجهونه و دائما ما يحاول المذيع أن يأخذ جانب المحايد لكنه يجد نفسه دائما موافق على ما يقوله الضيف أو المتصل , لآن الحقيقة ضائعة للجميع هل الإعلام فقد بريقه و قوته بعد الثورة ؟ أيها الإعلاميون لا خوف اليوم من رقيب سوى الله و ضمائركم , قوموا بأداء دوركم الإعلامي ضد الفساد السابق و الحالي و القادم , لا تخافوا لومة لائم , قل الحق بشجاعة و قوة ,و لك الله يا أخي