كلما رأيت طفلا فى السابعة من العمر يبكى على شىء يريده أتأكد من أنه لم يتعلم بعد التعبير عن احتياجاته وأنه يفتقر إلى الذكاء الوجدانى، يظن البعض أن كون الطفل ذكيا يعنى أنه أيضا ذكى وجدانيا، وهو أمر ليس صحيحا بالمرة، فالذكاء الوجدانى هو ذكاء المشاعر أن يستطيع التعبير عن احتياجاته بالكلام، أن يتفهم هذه الاحتياجات ويعبر عنها، ولا يكبتها ويبكى باستمرار. أتذكر طفلة رأيتها كانت تبكى باستمرار البنت كان لديها حساسية زائدة وكثيرة من المشكلات، كلما تم إحباطها أو خافت تبكى، ربما هذا مقبول فى الأعمار الصغيرة جدا، لكن طفلة لديها عشر سنوات وتفعل ذلك هو أمر يعنى الافتقار إلى الذكاء الوجدانى، فتعليم أبنائنا مهارة التعبير عن المشاعر هو أمر فى غاية الأهمية، وعادة ما يتعلمون ذلك منا، فاتوقع عندما تعانى الأم من الافتقار إلى هذه المهارة لن تتمكن من تعليم أبنائها. فكثير ممن لا يستطيعون التعامل مع مشاعرهم، كل المشاعر لها نفس الأسم لديهم "شعور بالزهق" لكن هناك مئات من المشاعر المختلفة التى يحياها الإنسان والتى يجب أن يتعلم كيفية التعبير عنها سواء بمساعدة الكتب المتخصصة التى تتحدث حول التعبير عن المشاعر أوالذكاء الوجدانى وهى كثيرة، أو بحضور الدورات التدريبية فى هذا المجال. الحوار مع الطفل فى السن الصغيرة والاستماع له بإصغاء واهتمام يساعده على بناء الثقة بنفسه وبأنه مرغوب فيه وأن الآخر يمكن أن يستمع له باهتمام. يجب أن تساعد الطفل منذ الصغر على التمييز بين المشاعر المختلفة باستغلال المواقف وتسميتها فمثلا من خلال موقف فرح قريب لكم يمكن أن تعبر عن استخدام أكثر من تسمية للمشاعر كالفرح والإعجاب والفخر والحزن على فراق أحدهم. من خلال حكى القصص يمكن أن تستخدم تسميات مختلفة لمشاعر أخرى كالغضب والافتقاد والحسرة وغيرها من المشاعر، كذلك وأنت تخاطبه عبر عن مشاعرك التى تكنها له فى هذا الموقف، فمثلا عندما يخطئ الطفل فى تصرف ما فقل له إنك تحبه لكنك غاضب منه فى كذا وكذا.. وبهذا الشكل سيتعلم هو كيفية التعبير عن مشاعره. الذكاء الوجدانى أيضا ليست له علاقة بالذكاء العقلى، فيمكن أن يتفوق أحد الأطفال ويحصل على الدرجات النهائية لكنه إذا أجرى له اختبار نفسى لتحديد موقعه على الذكاء الوجدانى فسيحصل على درجات منخفضة جدا، وهو ما لا يهتم به الولدان، يبدأ الوالدان بالاهتمام بالذكاء الوجدانى إذا أثر على قدرات الطفل، بمعنى افتقاره الذكاء الوجدانى وعدم قدرته على التعبير عن مشاعره بالإضافة لمشكلات أخرى أدت إلى إحباطه وانشغاله وبالتالى معاناته من بعض صعوبات التعلم فبالتالى يبدأ الأهل فى البحث عن السبب. دوما يريد الآباء لأبنائهم أن يكونوا على قدر عال من الصحة النفسية والذكاء الوجدانى والعقلى المرتفع. كنت أقرأ بالأمس فى كتاب بعنوان "هل يختبئ طفلك خوفا.. أم يسعى بثقة"؟ لجيمس دويسون ووجدت عبارة أعجبتنى للغاية تقول: بأى حق نطالب أن يكون أطفالنا كاملين ونحن أنفسنا أشخاص عاديون.. بالفعل نحن نرهق الطفل بكم المهارات التى نريده أن يتعلمها وأن يكون متميزا فيها ونحن بالأساس لم نبذل أى مجهود فى تعلمها. من المهارات المهمة التى تحدث عنها الكتاب أيضا هى كيفية إخراج مشاعر الطفل إلى النور ومساعدته ليعبر عنها بالكلام، فمثلا عندما يتصرف أمام الكبار بطريقة سخيفة محاولا إضحاكهم أو جذب انتباهم من الأفضل أن تحتضنه بين ذراعيك وتقول له: ماذا حدث؟.. هل أنت بحاجة إلى بعض الاهتمام؟.. وبالتدريج سيتعلم الطفل مثل هذه الكلمات ليعبر عنها فى مشاعره.