حمد بن جاسم: التوجه إلى مجلس الأمن ليس سابقًا للأوان في حالة ثبوت فشل عملية التفاوض عقد بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، مساء اليوم "الأربعاء" اجتماع لجنة متابعة المبادرة العربية للسلام، برئاسة الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية بدولة قطر، بحضور عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، ووزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، ومعالي يوسف بن علوي الوزير المسئول عن الشؤون الخارجية، ووزير خارجية اليمن، ومن الجانب الفلسطيني صائب عريقات وزير دائرة المفاوضات بمنظمة التحرير الفلسطينية، فيما كانت أبرز عيابات أعضاء اللجنة من حيث التمثيل الدبلوماسي على مستوى وزراء الخارجية كل من: السعودية التي حضر عنها وكيل وزارة الخارجية نزار مدني ، وسوريا والمغرب والجزائر ولبنان والأردن. وقبل انعقاد اللجنة عقدت عدة لقاءات دبلوماسية مكثفة شهدتها القاهرة على مستوى الجامعة العربية ووزراء الخارجية والرئاسة المصرية، حيث التقى مبارك بكل من الرئيس الفلسطيني وكذلك جورج ميتشل المبعوث الأميركي لعملية السلام بالشرق الأوسط، الذي قام بزيارة هي الأولى من نوعها إلى عمرو موسى في مقر الأمانة العامة للجامعة العربية، أما الأخير فالتقى صباح اجتماع "المتابعة" صائب عريقات يرافقه وفدًا فلسطينيًا دبلوماسيًا، بعدها التقى معالي يوسف بن علوي الوزير المسئول عن الشؤون الخارجية بالسلطنة، قبل أن يلتقي ميتشل. أما قبل إجتماع "المتابعة" مباشرةً عقد بمقر وزارة الخارجية المصري القديم بميدان التحرير، لقاءًا خماسياً ضم كل من الرئيس الفلسطيني ووزير الخارجية المصري ووزير الخارجية القطري، ووزير خارجية السلطنة، إضافةً إلى الأمين العام للجامعة العربية. كما التقى جورج ميتشل وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم، فيما ركزت بعض الأوساط العربية القول بأن هناك ضغوطًا أميركية على الجانب العربي ولجنة مبادرة السلام العربية عبر الوسيط الأميركي "ميتشل" لإثنائهم عن التوجه إلى مجلس الأمن. وقبل أن تستمع اللجنة إلى التقرير الفلسطيني لمحمود عباس، تلى الشيخ حمد بن جاسم، كلمة افتتاحية مطولة، أكد فيها أن لجنة المتابعة العربية في ظل التطورات الأخيرة تقف أمام مفترق طرق ليس فيه خيارات سهلة، داعيًا الدول العربية إلى تدبر أمر الوضع الراهن. وأشار وزير الخارجية القطري إلى عدد من النقاط اعتبرها مركزية، حيث أكد على ضرورة استمرار السلام العادل والشامل والدائم على أساس حل الدولتين كخيار عربي. وشدد على أنه لا يمكن للجنة المتابعة العربية أن تغطي العودة إلى مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة في هذه الظروف، وأنه سوف تقيم اللجنة الموقف على ضوء ما يبلغنا به الأخوة الفلسطينيون. وأكد على المسؤولية والدور الأميركي في عملية السلام على أساس نفس المنطلق الذي أكده الرئيس أوباما بأن يتحمل الجميع المسؤولية المترتبة على دورهم، مطالبًا في ذات الوقت الإدارة الأميركية إلى ضرورة رفع الحصار الظالم عن قطاع غزة فورًا. وأوضح الشيخ حمد بن جاسم أيضا أهمية التوجيه إلى مجلس الأمن في حالة فشل الولاياتالمتحدة من أجل تحقيق الاعتراف بالدولة الفلسطينية وحدودها القائمة ضمن خطوط 67 وعاصمتها القدسالشرقية، لافتًا إلى أن هذا الخطوة التي صرحت الأوساط الرسمية الأميركية بمعارضتها، بما في ذلك تنويه وزيرة الخارجية في كلمتها، ليست سابقة للأوان خاصةً في حالة ثبوت فشل عملية التفاوض، لأن عدم اتخاذها في هذه الحالة سيعني القضاء على مفهوم حل الدولتين. كما حث بقوة على إنجاز المصالحة الفلسطينية لأنها عامل قوة للموقف الفلسطيني. وأكد الشيخ حمد بن جاسم رئيس الوزراء القطري، على الظروف الصعبة التي يتم فيها عقد اللجنة، نظرًا للواقع الفعلي للأوضاع الحالية للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية. وذكر بن جاسم: بأن الرئيس الأميركي باراك أوباما أشار في خطابه أمام الجمعية العامة فى سبتمبر 2009 إلى أن الولاياتالمتحدة ثابرت في سعيها لتحقيق السلام استنادًا إلى تعهده لدعم هدف قيام الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية تعيشان جنبًا إلى جنب في سلام وأمن، وذلك كجزء من سلام شامل بين إسرائيل وجميع جيرانها، كما أقر الرئيس أوباما أن تجميد بناء المستوطنات أثر على أرض الواقع، حيث حسن الأجواء لإجراء محادثات بين الجانبين، مضيفًا أن موقف الولاياتالمتحدة بشأن تمديد التجميد معروف جيدًا والمحادثات يجب أن تتواصل حتى يتم الانتهاء منها . كما أكد بن جاسم في كلمته أن الرئيس الأميركي أشار إلى أن تحقيق السلام يحتاج أن يتحمل الجميع مسؤولية القيام بأدوارهم، وأن الظفر بحقوق الشعب الفلسطيني لن يتم إلا بالوسائل السلمية بما في ذلك إبرام مصالحة حقيقية مع إسرائيل . وأكد وزير الخارجية القطري أنه إذا لم يتم التوصل إلى إتفاق لن يعرف الفلسطينيون العزة والكرامة التي تأتى مع دولة خاصة بهم، ولن يعرف الإسرائيليون أبدًا اليقين والأمن الذي يأتي من كون دولة مستقرة وذات سيادة وملتزمة بالتعايش. وشدد بن جاسم على أن الوقائع تثبت أن الجانب الفلسطيني والعربي تصرفا بما يمكن وصفه القيام بمسؤوليته في تحقيق السلام بالصيغة التي وصفها الرئيس أوباما، موضحًا أن الدول العربية تعاملت بإيجابية مع طرح الرئيس أوباما لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي، واتخاذ ما يلزم من خطوات لدعم التحرك الأميركي على أساس تحقيق السلام الشامل وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشريف. وأضاف أن الجانب العربي رحب بالموقف الأميركي الداعي إلى الوقف الفوري والكامل لسياسة الاستيطان الإسرائيلية بكافة الأراضي المحتلة . وأشار رئيس اللجنة إلى أن الدول العربية أكدت في بياناتها موقفها من قيام الدولة الفلسطينية وحدودها على حدود 1967 وعاصمتها القدسالشرقية، مؤكدة أن المفاوضات المباشرة التي أصر عليها رئيس الحكومة الإسرائيلية تتطلب الوقف الكامل للاستيطان في كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 بما في ذلك القدسالمحتلة . واعتبر أن الجانب العربي أكد أن المباحثات غير المباشرة لن تثمر في ظل الإجراءات الإسرائيلية غير المشروعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، موضحًا أن الدول العربية تجاوبت بمنح الفرصة للمباحثات غير المباشرة وهي الفرصة التي طالب بها المبعوث الأميركي لمنطقة الشرق الأوسط جورج ميتشل لتسهيل دور الولاياتالمتحدة في ضوء تأكيداتها للرئيس الفلسطيني على ألا تكون المباحثات غير المباشرة مفتوحة بالا نهاية، وذلك بوضع سقف زمني لها لا يتجاوز أربعة أشهر وألا يتم الانتقال منها إلى المفاوضات المباشرة تلقائيًا. وتساءل رئيس لجنة المتابعة عن كيف تصرفت إسرائيل مع الجانب العربي إزاء الخطوات العربية نحو السلام، مفندًا ذلك أنه بعد أن أنتهت فترة وقف الإستيطان لمدة عشرة أشهر بموجب قرار إسرائيل رفضت تجديده وتوقفت المفاوضات، وبذلك أحبطت إسرائيل المفاوضات غير المباشرة وأصرت على المفاوضات المباشرة وبحلول مرحلتها عمدت إلى إفراغها من مضمونها ومن هدفها بإصرارها على المضي ببناء المستوطنات لفرضها كأمر واقع . وتابع: بذلك يتجلى الهدف الإسرائيلي بتحويل مسار المفاوضات ليصب في الهدف الذي تريده الحكومة الإسرائيلية، ولكي يكون السلام الذي يتحدث عنه الجميع هو سلام بالصيغة الإسرائيلية من دون اعتبار للحقوق الفلسطينية والعربية وبتجاهل مقصود لأية مرجعيات. وذكر أن إسرائيل رفضت تمديد قرار وقف بناء المستوطنات حتى لمدة قصيرة هي مدى تسعين يومًا، وعرض نتنياهو الإستعداد لتمديد فترة القرار الإسرائيلي إذا اعترف الفلسطينيون بإسرائيل كدولة يهودية، وهو موقف يفضي إلى تقويض مجمل الموقف الفلسطيني، منوهًا إلى أن كل ذلك برغم أن الولاياتالمتحدة الأميركية منحت إسرائيل سلة ضخمة من المحفزات غير المبررة، بما في ذلك الطائرات المقاتلة والضمانات الأمنية، وبعدها انتهى موقف الإدارة الأميركية مؤخرًا إلى إعلان التخلي عن جهودها لإقناع إسرائيل بوقف أنشطة الإستيطان. وأضاف: أن السيدة كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية أعلنت في 10 ديسمبر في كلمة مطولة لها في مركز سابان لسياسات الشرق الأوسط نهجًا جديدًا دخلت بموجبه عملية السلام مرحلة جديدة. ولفت إلى أن أبرز ما جاء في هذا الموقف من نقاط هو طلب التعامل مع المسائل الجوهرية للصراع مثل الحدود والأمن والمستوطنات والمياه واللاجئين والقدس، وأن مناقشات الولاياتالمتحدة مع الطرفين ستكون جوهرية من خلال محادثات بين الأميركيين والفلسطينيين من جهة، والأميركيين والإسرائيليين من جهة أخرى، مع التركيز على تحقيق تقدم حقيقي في الأشهر القليلة القادمة حول المسائل الرئيسية لاتفاق إطاري، وهو ما يعني تجديد المفاوضات غير المباشرة رغم استمرار الاستيطان ومن دون مرجعيات. كما أشار إلى بقية كلام وزيرة الخارجية الأميركية التي أكدت فيه أن بلادها رغم اعتقاد البعض لا يمكنها أن تفرض الحل، ولا تستطيع على ذلك وحتى لو أستطاعت فإنها لن تفعل ذلك. وأوضح أنها لم تغفل الإشارة إلى إستمرار تأييد الولاياتالمتحدة لرؤية مبادرة السلام العربية، وأبدت بأن الوقت قد حان لدعم هذه الرؤية بالأفعال، وأن على إسرائيل أن تنتهز الفرصة التي تقدمها المبادرة ما دام عرضها مستمرًا