كشف الصحفى الفرنسى المعروف ريتشارد لابفير، القريب من الدوائر الأمنية الفرنسية مزيدا من التفاصيل المذهلة حول كواليس معركة انتخابات مدير عام اليونسكو، وأكد فى مقال تنشر (المصرى اليوم) نصه العربى بترتيب خاص مع جريدة (الأهرام) إبدو الصادرة بالفرنسية- أن خلية من الموساد الإسرائيلى أدارت الحملة ضد المرشح المصرى فاروق حسنى من داخل مقر اليونسكو، وأوضح أن المخابرات العسكرية الفرنسية رصدت وصول 8 عملاء للمخابرات الإسرائيلية إلى باريس وترددهم على مقر اليونسكو، مشيرا إلى أن العملاء ال 8 واثنين آخرين انضما لهم خبراء إعلاميون متخصصون فى تقنيات (التأثير النفسى) وأجروا بأنفسهم اتصالات مكثفة مع سفراء الدول الأوروبية، كما كانوا وراء الحملة الشعواء التى شنتها الصحف الفرنسية خاصة "ليبراسيون" ضد المرشح المصرى. وبينما رصد ريتشارد لابفيير مظاهرة لهذه الحملة الشعواء ونجاحها فى استقطاب رموز فرنسية من المثقفين والفنانين والسياسيين رصد كذلك تضاربا حقيقيا فى الموقف الفرنسى، وانقساما بين الرئاسة الفرنسية، التى أكدت دعمها للمرشح المصرى، ووزارة الخارجية التى اتخذت موقفا متناقضا من هذا الدعم، جدير بالذكر أن ريتشارد لابفيير متخصص فى شئون الشرق الأوسط وعمل رئيسا للتحرير بإذاعة فرنسا الدولية، ومسئولا عن مجلة (الدراسات) الخاصة بوزارة الدفاع الفرنسية، وله مؤلفات عديدة عن المنطقة أبرزها (دولارات الإرهاب) و(المملكة السعودية والمخابرات الأمريكية) و(مذبحة أهدن) وفيما يلى النص العربى للمقال: تعرض المصرى فاروق حسنى المرشح الأول لمنصب مدير منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) لحملة ضاربة حيث اتهم فى وسائل الإعلام الأمريكية والألمانية والفرنسية مثل جرائد (لوموند) و(ليراسيون) و(لكسبريس) بمعاداة السامية، وذلك بسبب تصريحات نطق بها فى البرلمان المصرى خلال مشادة بينه وبين نائب الإخوان المسلمين، وقد أعرب فاروق حسنى بعد ذلك عن أسفه لهذه الكلمات التى تم إخراجها من سياقها، كما أنه نفى أى شبهة معاداة للسامية. وفى مايو الماضى تراجعت إسرائيل عن حملتها الرسمية ضد ترشيح فاروق حسنى لهذا المنصب وذلك عقب اللقاء الذى جمع بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس حسنى مبارك وهو يتولى الرئاسة المشتركة للاتحاد من أجل المتوسط مع نظيره الفرنسى نيكولا ساركوزى الذى أعرب عن تأييده الشخصى للمرشح المصرى لكن ماذا حدث بعد ذلك؟. دعت الولاياتالمتحدةالأمريكية صراحة وكل من المرشحة النمساوية بينيتا فيريرو فالدنر والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إلى الوقوف فى طريق انتخاب المرشح المصرى، وذلك فى سابقة تعيد التذكير بسياسة المكارثية فى الولاياتالمتحدة فى خمسينيات القرن الماضى، والتى كانت تقوم على تعقب كل من يشتبه فى انتمائه للشيوعية داخل الولاياتالمتحدة. وفى فرنسا صرح فى أغسطس الماضى وزير الخارجية الفرنسى بيرنار كوشنير، المعروف بتأييده لإسرائيل، بان تصريحات فاروق حسنى المثيرة للجدل تعود إلى ما قبل تصريحاته بالبرلمان عام 2008 وفى ذات الوقت طلب الحاخام الأكبر لفرنسا جيل برنهايم رئاسة الجمهورية بتوضيح موقفها من ترشيح فاروق حسنى. وفى 21 سبتمبر أبلغ أحد كبار ضباط إدارة المخابرات العسكرية الفرنسية رئاسة الجمهورية بأن خلية مكونة من 8 عملاء للمخابرات الإسرائيلية قد وصلت إلى باريس منذ فترة وذكر التقرير الذى قدمه المسئول الكبيرأن هؤلاء العملاء يقيمون فى فندق شهير بباريس وأنهم ليسوا على صلة رسمية بسفارتهم وأنهم لم يخطروا نظراءهم الفرنسيين بهذه الزيارة. وقد شوهدت هذه المجموعة داخل مقر اليونسكو بباريس حيث قاموا باتصالات متكررة مع عدد من السفراء الأوروبيين ومع مسئولين بالمنظمة الدولية، كما التقوا برؤساء تحرير صحف فرنسية وكانت الإدارة المركزية للمخابرات الفرنسية قد اكتشفت وجود هذه المجموعة وأبلغت هى الأخرى الرئاسة الفرنسية على أن مسئولا كبيرا بقصر الإليزية أعلن أن هذه المعلومات لا تؤثر على الدعم الرسمى لفاروق حسنى. لكنه اعترف بأن وزارة الخارجية لم تكن متفقة مع هذا الدعم. وقد أظهرت هذه الثنائية فى السياسة الفرنسية من قبل خلال زيارة الرئيس السورى بشار الأسد لباريس فى يوليو 2008. والسؤال الذى يطرح نفسه بقوة هل يتحمل الرئيس نيكولا ساركوزى المسئولية الكاملة عن هذه الخلافات المتكررة مع وزارة الخارجية؟.. إذ أن من المعروف أن ساركوزى قد تكرر دعمه لوزير الخارجية بعد نشر تحقيق يتنقد التدخل بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة. ومن الواضح أن المؤامرة التى حيكت ضد فاروق حسنى تندرج فى إطار مشروع صناعة صدام الحضارات والحث على كراهية العالم العربى والإسلامى ورفض الثقافات الأخرى، وفى النهاية فإننا نؤكد لكل من يريدون إعطاء دروس ثقافية للعالم الثالث أن اتفاقية حملة ودعم التنوع الثقافى تم تبنيها من قبل منظمة اليونسكو فى أكتوبر 2005 وأن الدولتين اللتين انفردتا برفض التوقيع على الاتفاقية هما الولاياتالمتحدة وإسرائيل.