يخوض رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان انتخابات المجالس المحلية التي لم يتبق علي انطلاقها سوي ثلاثة أسابيع فقط وهو منعم بالثقة في النفس بعد أن أظهرت معظم استطلاعات الرأي أن حزب العدالة والتنمية الاسلامي الحاكم الذي ينتمي اليه سيلحق هزيمة نكراء بخصومه مرة أخري. والمدهش حقا أن تكون النتيجة المتوقعة هي فوز الحزب الحاكم باكتساح علي الرغم من تداعيات وانعكاسات الأزمة المالية العالمية علي الاقتصاد التركي الذي بدأ يدق ناقوس أزمة عميقة بعد أن وصل سعر الدولار الي رقم قياسي في مقابل الليرة حيث بلغت قيمته1,82 ليرة تركية مما جعل البنك المركزي يتدخل لبيع العملات الصعبة في السوق بعد أن أنخفضت قيمة العملة المحلية أمام الدولار بنحو13% في أقل من خمسة أشهر في سابقة هي أولي من نوعها. وما سبق دفع الصحف التركية الصادرة علي مدي اليومين السابقين الي تخصيص حيز واسع لانعكاسات الأزمة المالية العالمية والتطورات الاقتصادية في البلاد. فذكرت صحيفة( حرييت) أن الاقتصاد التركي بدأ يدق ناقوس أزمة عميقة فيما عنونت صحيفة راديكال موضوعها الرئيسي بانخفاض الانتاج الصناعي بمعدل21,3% وبأن هذا الانخفاض يؤثر سلبا علي قطاع صناعة السيارات الذي كادت أبواب مصانعه تغلق تماما كما تطرقت صحيفة صباح إلي أن137 ألف شخص تقدموا الي مكاتب العمل في الشهر الماضي بحثا عن وظيفة في اشارة واضحة الي نمو حجم البطالة في البلاد بشكل مخيف. وبرغم المقاومة السابقة الممثلة في تدهور الحالة الاقتصادية في جميع المجالات بما فيها انخفاض معدلات الاستثمارات الأجنبية وهروب المستثمرين الأجانب من مخاطر الأسواق وزيادة طلبهم علي شراء الدولار وانخفاض حصة أسهم الأجانب في بورصة إسطنبول الي63,29% يوم6 مارس الجاري مقابل67.27% يوم30 يناير الماضي الا أن كافة الشواهد تشير الي حظوظ واسعة لإكتساح حزب العدالة الحاكم الانتخابات المحلية المقرر لها يوم29 مارس الحالي. وبطبيعة الحال فان هناك أسبابا مقابلة للأزمة الاقتصادية ترفع من أسهم الحزب الحاكم أبرزها بطبيعة الحال السياسات الرشيدة لأردوغان ورفاقه في إدارة الشعب التركي بمعظم ان لم يكن بكل فئاته حول أردوغان ابان الحرب الاسرائيلية علي غزة وموقفه الصارم في مواجهة مزاعم الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز بمنتدي دافوس العالمي وانسحابه علي مرأي ومسمع العالم من الندوة. ويضاف الي ماسبق أيضا إختيار تركيا من قبل الرئيس الامريكي باراك أوباما لتكون أول دولة اسلامية يزورها أوباما خلال المائة يوم من توليه منصبه رسميا لاطلاق رسالة مصالحه لواشنطن مع العالم الاسلامي الأمر الذي فسره العديد من المحللين أن هذه الزيارة تمثل اشارة واضحة الي الأهمية التي يوليها البيت الأبيض للعلاقة مع أنقرة لاسيما أن اعتقادا يسود في واشنطن بأنها أصبحت تؤدي دورا اقليميا مهما خاصة مع الجوار العربي الاسلامي وفي الصراع العربي الاسرائيل مما يعزز من دور أنقرة ومكانتها في إطار الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة سيما وأن واشنطن معنية بالدور التركي للاسهام في بدء الحوار مع ايران وتذليل العقبات أمامه برغم اعلان أحمدي نجاد مؤخرا أن طهران ليست في حاجة الي الوساطة التركية في هذا الشأن. وعند الحديث عن زيارة أوباما المرتقبة لتركيا يتوجب التوقف أمام رؤية واشنطن لأنقره وتوسيع دور الأخيرة في اطار المشاركة الأطلسية في أفغانستان وملف الانسحاب الأمريكي من العراق والمحادثات السورية الاسرائيلية واستخدام علاقاتها مع حماس لدفعها نحو المشاركة في عملية تسوية الصراع العربي.. الاسرائيلي حتي أن هيلاري كلينتون كشفت في مقابلة مع شبكة س.ان.ان التركية أن الديمقراطية والحداثة والاسلام يمكنها جميعا التعايش معا وقولها أنني أنظر بالفعل الي دور تركيا علي أنها زعيم عالمي بالغ الأهمية. ومن ثم فهناك أسباب عديدة تدفع الناخب التركي الي التصويت الي أردوغان وفريقه من حزب العدالة الحاكم بتوجهاته الاسلامية لإكتساح الانتخابات المحلية وهو ما دفع مجلة دي ايكونوميس البريطانية الي القول في تحليلها للموقف في تركيا شعبية أردوغان ترتفع والعلمانيون يتراجعون مشيرة الي ان حزب الشعب الجمهوري العلماني بزعامة دنيربا يكال وهو اكبر الأحزاب المعارضة في تركيا يدخل الانتخابات المحلية فاقدا للأمل في الفوز حتي أنه لم يعد يتحدث كثيرا عن حظر قوانين الشريعة الاسلامية أو مخاطر انفصال الأكراد عن الدولة التركية بل أنه لجأ الي ترشيح نساء محجبات في الانتخابات وأردفت المجلة بأنه من غير المحتمل أن يكون لأي من تلك المواقف الجديدة للحزب العلماني أثر كبير علي الناخبين الذين سيظل معظمهم علي ولائهم لحزب العدالة والتنمية كما ليس من المرجح أن يطال تأثيرها سياسات أردوغان ولم يكف منتقدو أردوغان منذ اعادة انتخابه بفارق كبير في الاصوات في انتخابات2007 البرلمانية عن القول أن رئيس الوزراء بات يجنح للاستبداد أكثر فأكثر مبتعدا بذلك عن البرنامج الاصلاح الذي جعل حزبه ينفرد بالسلطة للمرة الأولي عام2002. ومهما كانت الانتقادات الموجهة الي أردوغان كما يقول مدير تحرير صحيفة ميلليت سيدات أرغين من أن تركيا أصبحت جمهورية الخوف إلا أن أردوغان يظل الزعيم الأكثر شعبية وجاذبية في نظر الأتراك العاديين منذ رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية الأسبق تورجوت أوزال وهو ما لخصته امرأة كردية عجوز كدلالة علي المزاج التركي العام بقولها ان أردوغان واحد منا يعاملنا جميعا سواسية. وأخيرا فان شعبية أردوغان أرغمت حتي خصومه بمن فيهم الصقور من جنرالات الجيش التركي الذين حاولوا مرارا الاطاحة بحكومته الي العودة علي أعقابهم.
بداية الصفحة ------------------------------------------------------------------------ تقارير المراسلين العالم الوطن العربي مصر الصفحة الأولي ثقافة و فنون الرياضة إقتصاد قضايا و أراء تحقيقات المرأة و الطفل ملفات الأهرام أعمدة الكتاب القنوات الفضائية