جاكلين عازر تهنئ الأنبا إيلاريون بمناسبة تجليسه أسقفا لإيبارشية البحيرة    المستشار محمود فوزي: تصنيف الإيجار القديم لن يكون مقاسا واحدا.. وسيراعي هذه الأبعاد    حملات لمتابعة مواعيد الغلق الصيفية وترشيد الكهرباء بالبحيرة (صور)    تموين دمياط يضبط 7.5 طن مخللات غير صالحة للاستهلاك    إيران: هناك مفاجأة الليلة سيتذكرها العالم لقرون عديدة    إعلام عبري: أنباء عن سقوط صواريخ في مواقع وسط إسرائيل    تشكيل صن داونز لمواجهة أولسان هيونداي في كأس العالم للأندية    ريفر بليت يضرب أوراوا بثلاثية في كأس العالم للأندية    ضربة موجعة للهلال قبل مواجهة ريال مدريد في كأس العالم للأندية    عصام الحضري: بيكهام توقع فوز الأهلي على إنتر ميامي في مونديال الأندية    إصابة 7 أشخاص في انفجار أسطوانة غاز داخل منزل بالبحيرة    إنقاذ طفل احتجز داخل مصعد بمساكن دهشور    المؤبد والمشدد ل11 متهمًا بقتل أبًا والشروع في قتل طفله بمصر القديمة    أعمال الموسيقار بليغ حمدي بأوبرا الإسكندرية.. الخميس    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام الوداد في كأس العالم للأندية    إعلام عبرى: سقوط صواريخ فى وسط إسرائيل    ألونسو: مواجهة الهلال صعبة.. وريال مدريد مرشح للتتويج باللقب    أسعار الزيت والسلع الأساسية اليوم في أسواق دمياط    نجم سموحة: الأهلي شرف مصر في كأس العالم للأندية وكان قادرًا على الفوز أمام إنتر ميامي    عليك اتخاذ موقف مع شخص غير ناضج.. توقعات برج الحمل اليوم 18 يونيو    توقف عن تضييع الوقت.. برج الجدي اليوم 18 يونيو    تجنب التسرع والانفعال.. حظ برج القوس اليوم 18 يونيو    «القطة العامية» للكاتبة رحاب الطحان في مكتبة القاهرة الكبرى.. الخميس    الشيخ أحمد البهى يحذر من شر التريند: قسّم الناس بسبب حب الظهور (فيديو)    الجبنة والبطيخ.. استشاري يكشف أسوأ العادات الغذائية للمصريين في الصيف    وزير الرياضة يناقش مع اتحاد التبادل ترتيبات استضافة البطولة الدولية    عيار 21 الآن يسجل رقمًا جديدًا.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 18 يونيو بعد الانخفاض بالصاغة    مصطفى الفقي: إيران تحارب باسم الفارسية لا الإسلام ونظامها عقائدي يصعب إسقاطه    الأردن: نتعامل مع الأوضاع الإقليمية من منطلق الحفاظ على سيادتنا    تعليم الغربية: 30 يونيو آخر موعد للتقديم فى رياض الأطفال والصف الأول    أخبار 24 ساعة.. مجانا برقم الجلوس.. اعرف نتيجة الشهادة الإعدادية بالقاهرة    ضبط 3 أطنان أعلاف حيوانية غير صالحة بكفر الشيخ    جرح قطعي بالرأس.. إصابة طالب في مشاجرة ببني مزار بالمنيا    «الربيع يُخالف جميع التوقعات» .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الأربعاء    ماكرون: تغيير النظام في إيران عسكريا سيكون خطأ كبيرا    الغرفة التجارية تعرض فرص الاستثمار ببورسعيد على الاتحاد الأوروبى و11 دولة    النفط يقفز 4% عند إغلاق تعاملات الثلاثاء بدعم من مخاوف ضربة أمريكية لإيران    ضعف مياه الشرب ب 9 قرى بمركز المنشأة في سوهاج لهذا السبب (اعرف منطقتك)    رسميًا.. فتح باب التقديم الإلكتروني للصف الأول الابتدائي الأزهري (رابط التقديم وQR Code)    علي الحجار يؤجل طرح ألبومه الجديد.. اعرف السبب    «إيد واحدة».. قوافل التحالف الوطني ركيزة أساسية لتنمية المجتمع    الأبيدى: الإمامان الشافعى والجوزى بكيا من ذنوبهما.. فماذا نقول نحن؟    العدل يترأس لجنة لاختبار المتقدمين للالتحاق بدورات تدريبية بمركز سقارة    11 عملية إزالة مياه بيضاء ناجحة داخل مستشفى رمد المنيا بعد التطوير    افتتاح مؤتمر معهد البحوث الطبية والدراسات الإكلينيكية للارتقاء بالبحث العلمي    اللواء نصر سالم: الحرب الحديثة تغيرت أدواتها لكن يبقى العقل هو السيد    أرنولد: التدريبات في ريال مدريد عالية الجودة    زعماء مجموعة السبع يحاولون إنقاذ قمتهم بعد مغادرة ترامب المبكرة    ثقافة بورسعيد تناقش أثر التغيرات المناخية وتُفعّل أنشطة متنوعة للأطفال احتفالًا بالبيئة والعام الهجري    القصة الكاملة لأزمة هند صبري بعد مطالبات ترحيلها من مصر    فضل صيام رأس السنة الهجرية 2025.. الإفتاء توضح الحكم والدعاء المستحب لبداية العام الجديد    جامعة دمياط تتقدم في تصنيف US News العالمي للعام الثاني على التوالي    الشيخ خالد الجندي يروي قصة بليغة عن مصير من ينسى الدين: "الموت لا ينتظر أحدًا"    محافظ الأقصر يوجه بصيانة صالة الألعاب المغطاة بإسنا (صور)    التعليم العالى تعلن فتح باب التقدم للمنح المصرية الفرنسية لطلاب الدكتوراه للعام الجامعى 2026    5 فواكه يساعد تناولها على تنظيف الأمعاء.. احرص عليها    أمين الفتوى يكشف عن شروط صحة وقبول الصلاة: بدونها تكون باطلة (فيديو)    مستشفيات الدقهلية تتوسع في الخدمات وتستقبل 328 ألف مواطن خلال شهر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين "الدكتورين".. حازم الببلاوي.. والبرادعي – محمد ابو الحديد - الجمهوريه
نشر في مصر الجديدة يوم 15 - 07 - 2010

الدكتور حازم الببلاوي مفكر اقتصادي كبير. وشخصية عامة مرموقة لها اسهاماتها النظرية والعملية في حياتنا. ويحمل له الكثيرون. وأنا منهم. كل التقدير والاحترام. رغم أني لم ألتق به إلا مرة واحدة في ندوة ب "الجمهورية" حين كان رئيساً لبنك تنمية الصادرات.
وقد كتب الدكتور الببلاوي مقالا قيماً أمس في صحيفة "المصري اليوم" تحت عنوان "موسم الهجوم علي البرادعي". قدم فيه تشخيصاً جديراً بالتأمل لنظامنا السياسي. حكومة ومعارضة. من وجهة نظره. قبل أن يصل إلي لحظة ظهور الدكتور محمد البرادعي علي الساحة السياسية. ليصف عودته إلي مصر بأنها جاءت "مربكة للجميع".
أما لماذا جاءت كذلك. فلأن الدكتور البرادعي كما كتب الدكتور الببلاوي "يعترض علي مجمل الحياة السياسية. ويطالب بالتغيير الكامل. ودستور جديد. مقرراً أن المشكلة ليست فقط في الحزب الحاكم. وإنما في الإطار السياسي الشامل. وفي المقدمة منه الدستور.
ويضيف الدكتور الببلاوي : "وهي دعوة لم يكن من السهل تقبلها. لا من جانب الحكومة أو المعارضة. ولكن لا يمكن بالمقابل تجاهلها. فالدكتور البرادعي رجل محترم وله ماض مشرف احتفت به مصر حكومة ومعارضة عندما حظي بجائزة نوبل. واعتبر ذلك فخراً لمصر كلها.. فكيف يمكن رفضه الآن؟".
وباعتباري واحداً من قراء الدكتور الببلاوي.. وممن يكتبون في نفس الوقت عن الدكتور البرادعي كلما جد منه أو عنه جديد بعد أن أصبح جزءاً من حياتنا السياسية. فلقد شدني عنوان المقال. وتمنيت لو يتسع صدر الدكتور الببلاوي. ليس لرد عليه بل لحوار حوله.
ولا أجد نقطة أبدأ منها الحوار. أفضل من هذه الفقرة الأخيرة التي نقلتها من مقال الدكتور الببلاوي وانتهت بجملة : فكيف يمكن رفضه الآن؟!
ولقد تمنيت لو أن الدكتور الببلاوي صاغ فقرة مماثلة. ولكن موجهة للدكتور البرادعي وانهاها بنفس الجملة : فكيف يمكن رفضه الآن؟!
لقد سبق لي صياغة تلك الفقرة. وتوجيه ذات السؤآل تقريباً في مقال بهذا المكان في 4 مارس الماضي.. وتقول في مجملها للدكتور البرادعي :
لقد قبلت في فبراير 2006 تكريم هذا النظام السياسي لك بمناسبة فوزك بجائزة نوبل وحضرت وزوجتك احتفالاً أقامه لك الرئيس حسني مبارك والسيدة قرينته في بيته. وحملت. ومازلت "قلادة النيل" التي منحها لك في ذلك اليوم.. ولم تقل يومها إن النظام غير شرعي. أو أن الرئيس موجود في منصبه عبر انتخابات زائفة. وإنما قلت بالحرف الواحد : إنني أعتز كثيراً بهذا التكريم السامي الذي يمنحه لي بلدي مصر وأتقدم بخالص الشكر إلي السيد الرئيس محمد حسني مبارك الذي بادر بالاتصال بي فور حصولي علي جائزة نوبل للسلام. والذي منحني اليوم أرفع وسام مصري".. فكيف يمكن رفض هذا النظام ورئيسه الآن؟!
هل هذا هجوم علي البرادعي.. أم مجرد سؤال. أو "طلب إحاطة" بالتعبير البرلماني. من حق أي مواطن أن يسأله للبرادعي أو يقدمه له. ومن واجب البرادعي - إن كان مهتماً بشرح نفسه للناس. ان يجيب عنه بما يراه.
وعلي هذا النمط. هناك عشرات الأسئلة والقضايا التي طرحتها وطرحها غيري علي مدي الشهور الستة الماضية. ليس من باب الهجوم علي البرادعي. ولكن من باب التعرف عليه أكثر وإعطائه فرصة أيضاً للتعرف علي ما يدور في فكر الناس تجاهه.
ولعلي مضطر أن أعيد تسجيل بعض هذه الأسئلة والقضايا. وأثق في حكم الدكتور الببلاوي ان كان يعتبرها هجوماً. أم أسئلة وقضايا مشروعة.
فمثلا..
1- عندما أتيح للدكتور البرادعي أن يتحدث في محفل أكاديمي كبير هو جامعة القاهرة عن رؤيته لمستقبل مصر ومفتاح التقدم فيها. وكان ذلك في يوليو 2008 بمناسبة تكريم الجامعة له في ختام احتفالها بمئويتها. ومنحه الدكتوراة الفخرية. قال البرادعي بالحرف الواحد:
"في تقديري أن المفتاح لمرحلة النهضة الجديدة التي يجب ان تبدأ اليوم قبل الغد. هو العلم والمعرفة. فتقدم أي مجتمع لا يتأثر إلا بالتعليم المتميز.. ونشر المعرفة والثقافة بين كافة المواطنين يجب أن يكون الأسبقية الأولي.
هذا ما قاله بالنص في يوليو ..2008 بينما جاء في مطلع 2010 ليعلن أن مفتاح تقدم مصر يبدأ بتغيير الدستور والنظام السياسي كله.
أليس من المشروع أن نسأله: ما الذي طرأ بين 2008 و2010 وجعله يغير المفتاح من "العلم ونشر الثقافة" إلي المطالبة بدستور جديد؟! وأن يقول لنا - خاصة بعد أن أصبح اسمه مطروحاً كمرشح محتمل للرئاسة - إن كان يبحث بهذا التحول عن مفتاح للتقدم حقاً. أم عن مفتاح القصر الجمهوري.
2- الدكتور البرادعي رجل دبلوماسي متمرس. عارف بأصول البروتوكول. وهو الذي اعترف بنفسه - كما نقلت عنه - بأن الرئيس مبارك هو الذي بادر بالاتصال به فور حصوله علي جائزة نوبل للسلام ليهنئه بها.
والسؤال الموجه للبرادعي هو: ألم يكن من الأصول. عندما أنهيت عملك في الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وعدت إلي مصر. أن ترد هذه التحية بأحسن منها أو بمثلها. وتبادر إلي الاتصال بالرئيس بعد أن أصبحت مواطناً في بلدك وبلده. حتي ولو كنت تنوي ما فعلته وتفعله الآن فعلاً.. بدلاً من المبادرة بالتحدي دون مبرر واضح يستطيع المواطن العادي ان يتفهمه ويتقبله.
3- في كل مرة يظهر فيها الدكتور البرادعي في حوار تليفزيوني أو صحفي. محلي أو أجنبي. ويجري سؤاله حول انتخابات الرئاسة. فإنه يكرر إجابة واحدة. وهي أن مسألة الترشح للرئاسة ليست هدفه ولا هي التي تشغله. لأن قضيته هي التغيير وليس المنصب.
وحين يسأله السائلون: لماذا لا ينشيء حزباً. فإن من بين المبررات التي يذكرها لعدم إنشاء حزب. هو انه سيضطر إلي الانتظار خمس سنوات حتي يصبح من حقه التقدم لانتخابات الرئاسة.
هل لو سألنا الدكتور البرادعي أن يحسم لنا هذا التناقض. ويقول لنا بوضوح ان كان كرسي الرئاسة هدفه أم لا. حتي يحسم الناخب أيضا أمره.. يصبح ذلك هجوما عليه؟!
4- نشرت كبري صحف الكويت وهي صحيفة "السياسة" في صفحتها الأولي ذات يوم وبعنوان عريض علي خمسة أعمدة. ان إيران تمول حملة البرادعي الانتخابية وأن مسئولا إيرانيا التقي صديقا مقربا للبرادعي وانه حمله رسالة إليه بأن القيادة الإيرانية سترسل إليه شيكا بسبعة ملايين دولار أو يورو لتمويل حملته ضد النظام المصري.
أليس من حق المواطن المصري الذي يقرأ هذا الخبر أن يسأل الدكتور البرادعي عنه وينتظر رده عليه وهو المرشح المفترض لرئاسة مصر؟!
هل إذا فعل أي مواطن ذلك يصبح هذا هجوما علي البرادعي خاصة ولم يقرأ أحد أو يسمع ان الدكتور قد رفع دعوي قضائية ضد الجريدة لتبرئة نفسه ان كان الخبر كاذبا.
هذه مجرد أمثلة أضعها أمام الدكتور حازم الببلاوي ويستطيع أن يقيس عليها العديد من القضايا التي تتعلق بمواقف البرادعي وتصريحاته ويحتاج فيها المواطن الذي يتوجه إليه البرادعي طالبا دعمه وتأييده إلي توضيح.
***
وينتقل الدكتور حازم الببلاوي في مقاله إلي نقطة أخري يقول فيها: صحيح ان الجميع يقر بأن الدكتور البرادعي رجل محترم ولكن الضربات - تحت الحزام - بدأت تتوالي والحكومة لن تلجأ إلي استخدام اليد الغليظة أو الأساليب العنيفة فلا اعتقال أو حظر علي السفر أو اتهام بالعمالة ولكن الحكومة تملك وسائل المضايقة والاستشكال القانوني فالتصاريح لن تصدر والموافقات سوف تتأخر والأنصار سوف يطاردون ويضايقون. والصحافة الحكومية سوف تتندر والأسئلة الملغومة سوف تتعدد فما هو برنامجك السياسي؟ ماذا ستفعل في قضية الدعم؟ ما هي سياستك لتشجيع الاستثمار؟ وأين كنت خلال العشرين سنة الماضية؟ لا شك أنك تفهم القضايا الدولية ولكن هل تعرف خبايا السياسة الداخلية؟ .. لماذا تسافر إلي الخارج وتترك الساحة؟! وتتعدد الاسئلة وسوف تزيد في المستقبل. المطلوب هو أن يزهق البرادعي وأن يفقد انصاره الأمل في "التغيير" فاستراتيجية الحكومة تعتمد علي طول النفس وان ارادة البرادعي سوف تتآكل تدريجيا بفعل الزمن والمطلوب هو الصمود والتصميم.
وليسمح لي الدكتور الببلاوي بأن اختلف معه.. فالحكومة لا تستهدف إلا من يخرج علي القانون وتاريخ البيروقراطية المصرية في التعامل حتي مع المواطن العادي معروف فيما يتعلق بالتصاريح والموافقات وغيرها.. ابتداء من تصاريح البناء إلي تصاريح المظاهرات.
أما ما يسميه الدكتور الببلاوي ب "الأسئلة الملغومة" فهي أمر عادي جدا.. وإلا ما هي الوسيلة التي يمكن أن يتعرف بها الناخب علي مرشح جديد عليه؟! وكيف يقرر ان كان سيعطيه صوته أو يحجبه عنه ان لم يعرف موقفه من مشكلات حياته اليومية خاصة تلك التي يشعر ان انجازات الحكومة لم تستطع تلبيتها.
ولنفترض ان الدكتور البرادعي مرشح للرئاسة في أمريكا وليس في مصر.. ألن يجد من بين الناخبين من يسأله عن رأيه في الاجهاض وموقفه من الشواذ وكيف ينظر إلي زواج المثليين.. وهل يسجل خادمته الأجنبية في سجلات العمالة الوافدة ويدفع عنها تأمينا أم لا؟!
***
من هنا. لا أتفق مع الدكتور الببلاوي في عنوان مقاله: موسم الهجوم علي البرادعي وإلا.. بماذا يسمي الهجوم اليومي في الصحف والفضائيات الخاصة علي النظام السياسي وعلي الرئيس مبارك وأسرته.. الي آخره؟
ومادام الدكتور البرادعي قد اختار التصدي للعمل العام. وقيادة تيار باسم التغيير. ويفكر في ترشيح نفسه للرئاسة. ويدعو الي ديمقراطية حقيقية. فلابد ان يكون مستعدا كغيره لتحمل تبعات ذلك. الا إذا كان يتصور أن مكانته الدولية يجب ان تحصنه عن الناس وعن حقهم في معرفة كل شيء يتعلق به.
أما تصوير ذلك بأنه "هجوم" فهذه مصادرة مسبقة علي الديمقراطية تصور البرادعي علي غير الحقيقة علي انه "ضحية" استدرارا لتعاطف الناس معه.
.. وأحزاب المقاطعة
الأمانة السياسية تقتضي من أي حزب يدعو الي مقاطعة الانتخابات البرلمانية. أو يحدد شروطا مسبقة للمشاركة فيها. أن يضع صورته أمام الرأي العام كاملة بلا رتوش.
بمعني. أن يقول للناس:
كم اجمالي عدد أعضائه. وكم منهم يحملون بطاقات انتخابية؟
ما عدد المحافظات التي نجح في أن يكون له فيها وجود وفروع؟
ما عدد الكوادر التي أعدها لخوض الانتخابات. ومدي شعبيتها في دوائرها؟
ماهو البرنامح الانتخابي الذي وضعه لنفسه؟
وأخيرا .. ماهو تقديره لحظوظه المفترضة من النجاح.. أي عدد المقاعد التي يتوقع أن يحصل عليها فيما لو أجريت انتخابات حرة نزيهة بكل الضمانات التي يطالب بها.
هذا أمر بالغ الأهمية للحزب نفسه أولا. لأنه سيستفيد من فرصة الانتخابات. حتي وهو يقاطعها أو يدعو الي ذلك. في تقديم نفسه للناس. وتعريفهم بحجمه وقدراته وبرنامجه وكوادره. فيخرج من العملية الانتخابية بشيء. بدلا من ان يخسر بمقاطعتها كل شيء.
وهو أمر بالغ الاهمية ايضا للرأي العام. الذي سيتعرف علي "حجم التضحية الحقيقي" الذي يتحمله هذا الحزب حين يقرر مقاطعة الانتخابات كجزء من مفهومه للنضال من أجل الديمقراطية.
فقد يكون بمقدور هذا الحزب. وفقا للبيانات التي يقدمها للناس عن نفسه. ان يكتسح الانتخابات ويحقق الاغلبية. ويفوز بتشكيل الحكومة أو ينافس علي ذلك.. لاينقصه لتحقيق هذا سوي أن نوفر له كل الضمانات التي تكفل حرية الانتخابات ونزاهتها.
حينئذ. سيكبر هذا الحزب في نظر الشعب لأنه يضحي بالفعل بفرصة حقيقية من أجله. وربما يرد الناخبون له هذه التحية أو التضحية. فيقاطعون هم أيضاً الانتخابات تضامناً معه.
وقد يكتشف الرأي العام العكس. وهو أن هذا الحزب الذي يدعو لمقاطعة الانتخابات. حزب بلا تاريخ. ولا وجود حقيقي في الشارع. وليس له من حظوظ الفوز فيها. لو دخلها بكل ثقله. أكثر من مقعد أو مقعدين. حتي لو أجريت الانتخابات تحت رقابة الأمم المتحدة. واشراف القضاء الدولي. وسمح لهذا الحزب أن يخوضها وحده بلا منافسين. وتم فرز الأصوات في مجلس الأمن. وتولي "بان كي مون" سكرتير عام الأمم المتحدة بنفسه اعلان النتيجة.
صحيح أن الرهان علي الديمقراطية لا يجب أن يخضع لحسابات المكسب والخسارة في اطار مصلحة حزبية ضيقة. لكن الصحيح أيضاً أنك لا تستطيع أن تسجل هدفاً أو تمنع هدفاً وأنت ترفض نزول الملعب أصلاً.
لقد أشرت في احدي فقرات مقال الخميس الماضي ب "أحزاب المشاركة". وهي أحزاب المعارضة الثلاثة التاريخية: الوفد التجمع الناصري. لأنها اتخذت القرار الصحيح ورفضت مقاطعة الانتخابات.
وأكرر الاشادة بها اليوم أيضاً. لأنها استطاعت بهذا الموقف أن تجبر دعاة المقاطعة علي أن يعيدوا النظر في دعوتهم. رغم أن مشاركة بعضهم كغيابه. لن تقدم أو تؤخر. ولا يشعر المواطن بها في الحالتين.
لكن درس هذا الموقف الذي يمكن استخلاصه. ويجب التمسك به. فهو أنه إذا اتحدت المعارضة.. فتحت قيادة حزب.. لا جمعية ولا فرد.
حزب.. في "حجر" جمعية
من باب العشم. وبحكم أننا تلقينا "علومنا السياسية" من مصادر أولية واحدة. وعلي أيدي نفس الأساتذة.. هل يمكن للزميلين العزيزين الدكتور أسامة الغزالي حرب رئيس تحرير مجلة "السياسة الدولية" ورئيس حزب الجبهة الديمقراطية. والدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية. ومنسق عام "الجمعية الوطنية للتغيير" أن يجيبا لي عن بعض أسئلة مشروعة. لا أجد عندي حقيقة إجابة عنها وهي:
* كيف يمكن لحزب سياسي أن يكون عضواً في جمعية؟! "باستثناء "الجمعية الوطنية" وهو الاسم الذي يطلق علي مجلس النواب في فرنسا".
* خاصة إذا كان الحزب "شرعيا" نشأ وحصل علي رخصته وفق قواعد الدستور والقانون المنظمة لذلك.. والجمعية لم توفق أوضاعها حتي الآن طبقاً لأي قانون.
* خاصة أيضا. إذا كان الحزب يحمل اسم "الجبهة الديمقراطية".. وتعبير "الجبهة" هو وليس تعبير الجمعية الذي يعني "عباءة" تتسع لكل التيارات والأطياف السياسية التي تؤمن بالديمقراطية. وتعمل من أجلها.
* هل النظام السياسي الديمقراطي كما درسناه. وكما هو موجود في الواقع في كثير من دول العالم يقوم علي الأحزاب.. أم علي الأفراد؟! وأيهما يجب أن ندفع في اتجاه تشجيعه ودعمه؟!
إنني فعلا أحتاج إلي إجابات. ليس فقط من واقع متابعتي لما يجري في الساحة السياسية المصرية. ولكن لأنني معني أيضا بما إذا كان قد حدث "انقلاب أكاديمي" في العلوم السياسية وأنظمة الحكم حتي أتعرف عليه.. ومعني بشكل أكبر بما يقال لطلبة العلوم السياسية في مدرجات الكلية حول هذه الأسئلة وغيرها.
انني فعلا أحتاج أن أعرف من الدكتور أسامة الغزالي حرب. كيف به. وهو الذي كان له موقف شهير ضد تعديلات المادة 76 من الدستور. وهو الذي انشق عن الحزب الوطني وكان قيادة بارزة داخل أمانة السياسات به. ثم قرر أن ينشيء حزبه. وبذل الجهد الجهيد لكي يضع لحزبه برنامجا متفردا مكنه من أن يعبر به كافة مراحل الحصول علي الشرعية من لجنة الأحزاب.. وعلق الكثيرون آمالا كبيرة عليه وعلي حزبه.. أن يأتي في النهاية ليلقي بكل ذلك في حجر جمعية ناشئة. الجمعية الوطنية للتغيير. حتي لو كان راعيها هو الدكتور البرادعي؟!
إنني فعلا أحتاج أن أعرف من الدكتور حسن نافعة. ما الذي يقوله لطلبته. وهم يرونه يتبني ويروج لفكرة التغيير بالفرد لا بالحزب.. ويدعو مصر كلها إلي أن تساند مرشحا للرئاسة من خارج الأحزاب. بينما هم يقرأون في كتب النظم السياسية أن الديمقراطية تقوم علي الأحزاب لا علي الأفراد. ويرون في الواقع الميداني أنه لاتوجد دولة ديمقراطية في العالم كله. يحكمها شخص مستقل من خارج الأحزاب.
نحن نسعي لبناء ديمقراطية حقيقية. ونعلم شبابا سيكونون هم قادة المستقبل وحماة هذه الديمقراطية. وهذه مسئولية هائلة تقتضي أن نكون جميعا حريصين في فكرنا وعملنا السياسي علي أن نقف إلي جانب الصواب حتي يكون البناء سليما.
فما الذي يدعو الناس للانضمام إلي حزب. إن كان هذا الحزب سيلقيهم في النهاية في حجر الجمعية؟! بل ما الذي يدفع أي مجموعة من الناس لتشكيل حزب سياسي وتحمل تبعات ذلك. وهي تستطيع أن تمارس كل ما تمارسه الأحزاب دون حاجة إلي ذلك؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.