أليس لنا حقوق فى فيلم على بونجو الذى حقق نجاحا فى الجابون؟.. صحيح أن ثمة قوانين وأعرافا تنظم الملكية الفكرية، ولكن الذى حدث فى الجابون ينبهنا إلى أن هناك إبداعات فى عالم السياسة تحتاج بدورها إلى حماية إذا حين يبتكر بلدا حيلة سياسية معتبرة تعب عليها نفر من أقدر ترزيه القوانين فيه لترتيب أوضاع الحكم بصورة تحقق الغاية غير المشروعة سياسيا وأخلاقيا بأساليب قانونية ومشروعة، فإن ثمرة ذلك الجهد تظل حقا لبلد المنشأ وحين تقتبس الوصفة أو الحيلة لتختبر فى بلد آخر دون تصريح، وتحقق المراد منها، فإن ذلك يرتب حقوقا لأصحابها الأصليين ينبغى الاعتراف بها. بداية القصة تمثلت فى طموحات القادة الذين استعذبوا البقاء فى مقاعد السلطة بما تستصحبه من جاه ونعيم..ليس لهم فحسب وإنما لذرياتهم أيضا فى حنين مضمر للملكية التى نفروا منها وبعضهم انقلب عليها ثم اشتهى الوظيفة دون اللقب وبقوة السلطة وأدوات الدولة الحديثة استطاع بعض أولئك القادة أن ينقلوا السلطة إلى أبنائهم دون عناء. ما حدث بعد ذلك أنه بعد الانتهاء من السيناريو وفى مرحلة التحضير لإنتاج الفيلم حدثت المفاجأة التى لم تكن فى الحسبان، حيث دخلت الجابون على الخط وسبقتنا إلى عرض نفس الفيلم، إذا أجريت الانتخابات الرئاسية هناك بين ثلاثة من المرشحين كان فى مقدمتهم على بونجو مرشح الحزب الديمقراطى وابن الرئيس السابق عمر بونجو الذى توفاه الله بعد أن حكم البلاد لأكثر من 41 عاما، ونافس الابن وزير داخلية سابق وزعيم حزب اتحاد الشعب المعارض، وأوضح أن الأمر كان مرتبا لأن فترة السنوات التى تجاوزت الأربعين التى قضاها الرئيس الأب خلقت طبقة من المنتفعين باستمرار نظامه كانت حريصة على أن يظل الحكم فى نطاق الأسرة، وبعد فرز ملعوب فيه أعلن فوز على بونجو ابن الرئيس وسارعت المحكمة الدستورية إلى تأكيد الفوز، الأمر الذى فجر موجة عارمة من الاحتجاج والغضب تجلت فى انفجار أعمال العنف ونهب المتاجر وإشاعة الفوضى فى أرجاء العاصمة. صحيح أن ثمة تغيرا فى بعض مشاهد السيناريو ، لكنه لم يتجاوز بعض التفاصيل التى لم تخل بجوهر فكرة التوريث بالقانون وليس بالعافية، ثم أن مشهد انفجار الشارع لم يكن فى الحسبان عندنا، وذلك أيضا مما يمكن غض الطرف عنه، لأن الذين ينتجون الفيلم ليسوا مسئولين عن رد فعل الجمهور، وبالتالى هذا وذاك لا يؤثر فى حقوقنا الأدبية فى ابتداع الفكرة. لقد أثار انتباهى أن الصحف القومية إما أنها تجاهلت الموضوع أو أنها تعاملت معه وكأنه لا يعنينا، أما الصحف المستقلة والحزبية فإنها نشرته باستفاضة لم تخل من إشارات مسكونة بالتحذير والغمز. فتحدثت (الشروق) عن ثمن التوريث فى الجابون، وسأل إبراهيم عيسى فى الدستور: هل أرسل جمال مبارك برقية تهنئة إلى على بونجو؟.. لكن أحدا لم يتحدث عن حقنا الأدبى فى فكرة الفيلم، لذا لزم التنويه.