قال الدكتور يحيي الجمل أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة: إن بعض وكلاء النيابة في الفترة الأخيرة يتصرفون بشكل سلطوي وذلك بسبب جهلهم بمدى مسئولية المنصب، وأرجع ذلك إلى ظاهرة دخول وكلاء النيابة إلى النيابة من باب خلفي وهو الشرطة حيث إن أغلب الذين دخلوا النيابة من هذا الباب كانوا غير جديرين بمنصبهم. وأضاف الجمل في تعليقه على حكم محكمة طنطا على المحامين بالسجن 5 سنوات في برنامج العاشرة مساء: إن أقل ما يمكن أن يوصف به الموقف بين الطرفين انه أمر مؤسف وفيه قدر كبير من التوتر ، حيث لم يعقل أن يعتدي أحد الطرفين على الآخر بالضرب وهو أمر لم يقابله على مدار حياته الطويلة في القضاء والقانون. وتابع: إن كلية الحقوق طالما كانت باب الإصلاح القضائي وبالتالي فإن المشكلة لا تكمن في المحامين ولا في نواب النيابة وإنما في المنبع الأصلي الذي يُخرِّج الطرفين، ورأى ان الاعتداء الذي وقع على رئيس النيابة تصرُّف لابد من رفضه وإدانته ولكن في نفس الوقت كان يجب التأني في التصرف بمعنى أن النيابة كان من الممكن أن تنتدب قاضيا للتحقيق لأن النيابة سلطة اتهام والأصل في التحقيق ألا تكون به نيابة، وقانون الإجراءات ينص على الحق في وجود قاضي للتحقيق، كما أعرب عن دهشته بسبب سرعة إصدار الحكم في يوم واحد حيث كان يجب ان يبقى أسبوعين على الأقل وبالتالي فهو لا ينتقد الحكم في حد ذاته وإنما ينتقد السرعة في إصداره فقط. وعلى جانب آخر انتقد الأوضاع التعليمية الراهنة في كليات الحقوق بسبب الكم الهائل للطلاب في المدرج الواحد مما يؤدي إلى تخريج طلاب لا يعرفون لغة ولا يفهمون القانون، وبالتالي لابد من إحداث إصلاح شامل في تعليم القانون على مستوى المناهج الدراسية وعلى مستوى البنى التحتية، مؤكدا أن المجتمع الذي لا يوقر قاضيه فهو مجتمع غير محترم بالأساس، مشيرا إلى ان المجتمع المصري أصبح يعاني من ثقافة التخلف على كافة المستويات الحياتية ومن بينها كليات الحقوق، ومن ثم رأى ان الحل يكمن في غرس قيم التحضر وثقافة قبول الآخر وقبول الاختلاف وما رآه من المحامين شيء مهين كما كان الإسراع في إصدار الحكم أمر كان لا ينبغي له ان يكون. ورفض الجمل وصف قاضي الحكم على المحامين بأنه جلاد مطالبا ألا يتجاوز الوصف أنه أصدر حكما متسرعا. وأوضح أن القانون لو كان هو السيد حقيقة لتغيرت الصورة بشكل كامل ولتم احترام إرادة الناس والتعبير عنها بشكل جيد عبر وجود مؤسسات رسمية حقيقية فاعلة، مؤكدا أن المشكلة تكمن في سوء إدارة العدالة لأن هذه الإدارة بالغة السوء في مصر، فالمحامي يتم إخطاره بموعد جلسته فيذهب في موعده وينتظر بالساعات حتى بدء الجلسة ولا يتم الالتزام بالمواعيد إلا في محاكم قليلة جدا في مصر، معتبرا أن هذا نوع من الإهمال والاستهتار بالوقت لا يبرره انشغال القاضي بعدد كبير من القضايا حتى لو كان ذلك بسبب فإنه دليل آخر على الخلل الموجود في منظومة القضاء على المستوى الإداري.