يغادر وزير الثقافة المصرى فاروق حسنى القاهرة اليوم الخميس متوجهاً إلى العاصمة الفرنسية باريس، على رأس وفد يضم وكيل أول الوزارة ومستشار الوزير محمد غنيم ومستشار الوزير للعلاقات الخارجية المسؤول عن ملف ال «يونيسكو» حسام نصار. ومن المقرر أن يمكث حسنى فى باريس ثلاثة أسابيع استعداداً لانتخابات ال «يونيسكو» فى 18 الجاري، وسيلقى كلمته أمام المجلس التنفيذى للمنظمة فى 15 الجارى يستعرض فيها برنامجه فى حال فوزه بهذا المنصب الدولى المهم، وهو يدعو إلى التسامح بين الأديان والأقليات والحوار بين الثقافات والحضارات. وستبدأ الجولة الأولى من الانتخابات يوم 18 الجارى بين المرشحين الثمانية الذين يتنافسون على كسب أصوات 58 دولة يمثلون أعضاء الجهاز التنفيذى لل «يونيسكو»، ويفوز مباشرة من يحصل على 30 صوتاً، فيما يعاد التصويت السرى أيام 19 و20 و21 الجارى فى حال عدم حصول أى من المرشحين على 30 صوتاً. وتتم الإعادة فى 22 أيلول (سبتمبر) بين أكثر اثنين حصلا على الأصوات، ويتم إعلان الفائز منهما فى 23 أيلول على أن يتم إقرار النتيجة بصفة نهائية فى ختام اجتماع المؤتمر العام للمنظمة فى 18 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وقال فاروق حسنى إنه يسعى للفوز بالمنصب برغم ضراوة المنافسة التى أصبحت تحكمها حسابات واعتبارات خاصة. وأكد أنه لن ينسحب من المعركة لحرصه على الفوز بالمنصب، الذى سيكون فى حال تحقيقه، هو الأول من نوعه للعالم العربي، وهو الأوفر حظاً فى الفوز فى ظل الوعود الدولية بالتصويت لمصلحته. وذكر أنه للمرة الأولى فى تاريخ المنظمة تشهد انتخابات المدير العام هذا الكم من العنف والعمليات المضادة لترشيح المرشح المصري، رغم أن العرف الدولى للمنظمة يقسم أعضاءها إلى 6 مناطق، وكان لكل لمنطقة نصيب فى إدارة ال «يونيسكو»، وحان الآن دور العرب. وأضاف أنه أكبر مرشح لديه أصوات حتى الآن، وفرص للفوز بالمنصب الدولي، وذلك ما يبرر الهجمات الشرسة من بعض الجماعات فى العالم خصوصاً اليهودية، وهى تزداد مع اقتراب موعد الانتخابات. وأوضح أنه يبذل قصارى جهده ليكون عند ثقة التوافق العربى والأفريقي، وفق ما أقرته القمة العربية فى الدوحة، آخر شهر آذار (مارس) الماضي، وقمة الاتحاد الأفريقى فى أديس أبابا، وأخيراً فى مدينة سرت الليبية، مشيراً الى أنه سيقوم خلال وجوده فى باريس بعقد لقاءات واجتماعات مع ممثلى الدول الأعضاء والجهاز التنفيذى لل «يونيسكو» من أجل الترويج للفوز بالمنصب. وكان فاروق حسنى صرح «إن اليونيسكو منظمة ثقافية تعليمية عالمية لكنها فى نهاية الأمر محكومة بمصالح سياسية واقتصادية شديدة الحساسية والتعقيد». وأضاف: «لقد آن الأوان للجنوب أن يدير هذه المنظمة، بعد أن أدارها الشمال فترات طويلة جداً». وفى لقاء عقده قبل سفره فى مقر اتحاد الكتاب المصريين فى القاهرة وصف وزير الثقافة المصرى العقبات التى يمر بها فى ترشيحه لليونيسكو بالعنيفة، وبأنها الأولى فى تاريخ هذه المنظمة، مرجعاً السبب لكونه «عربياً ومسلماً ومصرياً وهى أمور – وبحسب قوله - لها حسابات دقيقة للغاية فى هذه المنظمة، على خلاف المنظمات الأخرى التابعة للأمم المتحدة». واستطرد قائلاً: «إن اليونيسكو منظمة تعانى مشكلات عدة تحتاج إلى إصلاح. أرغب فى الوصول إلى هناك ليس طمعاً فى المنصب، فهدفى أن أجدد هذا الكيان فى شكل كامل والمسألة بالنسبة لى هى تحد». وقال: «بعض المسؤولين داخل اليونيسكو لا يريدون المرشح المصري، لذا سعوا الى كسر المناطق الجغرافية التى يمكن أن تمنحنا صوتها، وصلوا الى أميركا اللاتينية ورشحوا شخصاً من أصل عربي، دخلوا أفريقيا، وحاولوا للوصول إلى آسيا». وفى إشارة الى الدول المؤيدة قال: «لقد أعلن العالم العربى والإسلامى وفى أكثر من اجتماع قمة عقد فى الفترة الأخيرة تأييده الكامل للمرشح المصري، ونحن نتمنى على الدول التى أعلنت تأييدها لمرشح مصر فى هذه الانتخابات أن تكون جادة فى ما أعلنته، وأن يصبح موقفها الذى سبق أن أعلنت عنه حقائق موجودة». وأضاف: «موقفنا جيد وأكبر الأصوات معنا، وكلما زاد عدد هذه الأصوات زادت معها الهجمة الشرسة، وعلى رغم ذلك هناك يهود من أصول مصرية يساندوننا». وأشار حسنى إلى البيان الذى سيقدمه فى يوم 15 أيلول (سبتمبر) الجارى والذى يتضمن نقاطاً أساسية أهمها العمل على حل مشكلة التمويل الكبير الذى تحتاجه المنظمة فى ظل فقر الإمكانات المادية فى أقسام مثل العلوم والتكنولوجيا والتعليم، موضحاً أنه سيطرح ضمن مشروعه فكرة المدارس الجوالة التى تذهب إلى الأماكن النائية البعيدة، وسيركز على قضية تعليم المرأة، مركزاً على أهمية الاعتماد على العقليات المتنورة والمتفتحة فى كل مكان فى العالم «فمن خلالها يتوافر لدينا ما يشبه بنك للأفكار يسهم فى التغيير والتقدم». وأبدى وزير الثقافة المصرى قلقه من مناورات المناهضين له ومن «التربيطات» التى ستحدث أثناء الانتخابات وقال: «هؤلاء سيكون كل همهم ألا ننجح، لذا نسعى الى حسم الصراع من الجولة الأولى. ولكى يتحقق لنا ذلك نحن فى حاجة إلى 30 صوتاً من 58 صوتاً». وأعرب وزير الثقافة المصرى عن أسفه لخروج دولتى تنزانيا وبنين عن الإجماع الأفريقى بترشيحهما شخصين لمنافسته. وعن موقف فرنسا من ترشيحه لل «يونيسكو» قال حسنى إنها صاحبة علاقات متميزة مع مصر ثقافياً وسياسياً واقتصادياً، ولكن لأنها دولة المقر فلا يصح أن تفصح عن موقفها وإلا اعتبرت جانباً غير محايد. وألمح المرشح المصرى إلى موقف ألمانيا قائلاً: «ما كتبه الألمان ضدى كثير جداً: لقد وصل الأمر حتى صدور 42 مقالاً، فى أقل من 48 ساعة كلها لا تتحدث إلا عن موضوع حرق الكتب الإسرائيلية، وقد أوضحت موقفى فى هذا الموضوع ولا جديد يمكن قوله». وفى ما يخص قضية التطبيع مع إسرائيل قال: «نحن لسنا ضد اليهود، لكننا ضد أفعال إسرائيل». وأضاف إن معظم المناشير التى وزعت ضدى داخل ال «يونيسكو» والكونغرس الأميركى كانت تتساءل عن موقفى عندما تناقش قضية القدس وكأن الرأى لى وحدى وليس للمجموع الكلي»، مشيراً الى ممثلى الدول الثمانى والخمسين قائلاً: «الأمور لا تسير اعتباطاً. هناك دول كبرى وهناك علاقات ومصالح سياسية واقتصادية تربط هذه الدول»، وأكد أنه فى حاله فوزه لن يذهب إلى هناك لخدمة مصر إنما لخدمة العالم كله، فال «يونيسكو» منظمة خلقت لتقيم السلام فى عقول البشر ونحن دعاة سلام ودعوتنا إنسانية». وأبدى وزير الثقافة المصرى استغرابه الشديد لموقف الذين ينتقدونه داخل مصر وخص بالذكر الكاتب علاء الأسوانى وقال: «الأسوانى كتب فى مقال أننى تغيبت عن مؤتمر ثقافى عقد فى فرنسا بسبب مشاركة صنع الله إبراهيم الذى أقدّره»، وأكد أن ما كتبه الأسوانى غير صحيح.