في ظل فشل المحاولات الاسرائيلية في الحصول علي حصة من مياه النيل تسعي اسرائيل الي الضغط علي مصر من خلال تحريض الدول الافريقية المشتركة معها في مياه النيل علي اقامة المشاريع المائية والتي يمكن ان تؤدي الي تخفيض حصة مصر من المياه والتي تقدر بنحو 5.55 مليار متر مكعب وفقا لاتفاقية عام .1959 وتتمثل الاجندة الاسرائيلية في اقامة بعض السدود لحجز المياه وتوليد الكهرباء وضبط حركة المياه باتجاه السودان ومصر. وكان من ابرز هذه السدود سد فيشا الذي انشئ عام 1984 وسد قانا بليز والذي افتتح في الخامس عشر من مايو الجاري لتخزين المياه وتوليد الكهرباء. وتعود اطماع اسرائيل في مياه النيل الي بداية القرن العشرين حيث تري اسرائيل في نهر النيل المصدر الذي يحل مشاكلها المائية ففي سعي ثيودور هرتزل للوصول الي فلسطين اقترح في عام 1902 علي الحكومة البريطانية فكرة توطين اليهود في سيناء والاستفادة من المياه اللازمة لذلك من خلال تحويل مياه النيل الي سيناء من ترعة الاسماعيلية عبر انابيب تمر تحت قناة السويس. وفي عام 1974 اعيد طرح هذا المشروع والذي يتلخص في توسيع ترعة الاسماعيلية حتي يزيد معدل تدفق المياه داخلها الي 30 متراً مكعباً ونقل هذه المياه عن طريق سحارة تمر اسفل قناة السويس بحيث تحصل اسرائيل علي احتياجاتها من المياه والتي تصل الي 8 مليارات متر مكعب من المياه سنويا. وعلي جانب اخر نجد ان اسرائيل قدمت الي كل من الكونغو الديمقراطية ورواندا دراسات لبناء ثلاثة سدود كجزء من برنامج متكامل تهدف اسرائيل من خلاله الي التمهيد لمجموعة كبيرة من المشاريع المائية في هذه الدول ولاسيما رواندا حيث يتوجه الاهتمام الاسرائيلي بوجه خاص الي نهر كاجيرا الذي يمثل حدود رواندا مع بوروندي في الشمال الشرقي لاقامة بعض السدود. وفي حقيقة الامر فإن هذه الضغوط الاسرائيلية تهدف الي ان توافق مصر علي تزويد اسرائيل بحاجتها من مياه النيل وفي حالة الرفض يتمثل في انشاء سدود لتخفيف المياه المندفعة الي السودان ومصر وهو مايعني النقص في مياه السد العالي وانعكاس هذه الاثار السلبية علي توفير المياه لاغراض الزراعة والاستهلاك البشري للشرب وتوليد الطاقة الكهربائية. ذلك انه وفقا للاتفاقيات الموقعة بين دول الحوض لاتستطيع مصر تزويد اسرائيل بمياه النيل. حيث تنص الاتفاقيات الموقعة بين دول الحوض علي عدم جواز امداد اي دولة خارج حوض النيل بالمياه ومن هنا فإنها تلجأ الي اثارة الصراعات بين دول الحوض وهو الامر الذي يجب ان تدركه دول الحوض حرصا علي تدعيم الروابط المائية بين هذه الدول الافريقية. قصاري القول ان محاولات الضغط علي مصر لن تؤثر علي التزامات مصر في عدم امداد اي دولة خارج حوض النيل بالمياه وان مصر لن تتخلي عن الالتزامات الافريقية في مساعدة دول الحوض في الاستفادة بالموارد المائية والعمل علي تعظيم استخدامها وذلك في ظل الخبرات التي تتمتع بها مصر في مجال المياه وتزويد دول الحوض بالخبراء للاستفادة من الموارد المائية التي تضيع في الاحراش وعمليات التبخر.