لغة أى شعب أو أمة هى التى تحمل تراثه وأصالته بجذورها الضاربة فى التاريخ وما تحمل من رصيد ثقافى وعادات وتقاليد تمثل هويته وخصوصيته التى تميزه عن غيره من الشعوب والأمم. فاللغة من أقوى عوامل المحافظة على الهوية والقومية، ومن الخطورة بمكان أن يفرط الإنسان فى لغته، لأن معنى هذا أنه يفرط فى ذاته وتراثه وأصالته، ومصيره الذوبان فى الآخر والتلاشى من الحياة، ومن هنا نجد الصراع اللغوى لاهباً حيث يحاول أهل كل لغة أن يفرضوا سيطرتها على الآخرين وبخاصة اللغة الإنجليزية التى يعيش معها العالم عولمة لغوية، حيث تنفق المليارات من خلال مؤسسات عديدة منها على سبيل المثال: وكالة الإعلان - (AID) وكالة التنمية الدولية .(SD) إدارة الدولة - (USIA) الأمريكية أما اللغة الفرنسية فتدعمها مؤسسة الفرانكفونية فى جميع أنحاء العالم، لدرجة أنه فى قمة داكار الفرانكفونية (مايو 1989 ) أعلن الرئيس ميتران أن فرنسا سوف تلغى الدين العام على البلدان الأفريقية، الذى يصل إلى 16 بليون فرنك فى مقابل أن تبقى اللغة الفرنسية فى ملات الحكومة والتعليم فى هذه البلاد. والحال نفسها فى اللغة الألمانية، وحتى اللغة العبرية، فقد استطاع اليهود فى أقل من قرن تحويلها من لغة ميتة لا تستخدم إلا فى الأغراض الدينية إلى لغة حية لها قاموسها وأدبها الذى وصل لمستوى العالمية بفوز يوسف عجنون بجائزة نوبل للآداب، وتقوم مراكز عبرية على خدمة اللغة العبرية ودعم وجودها. فإذا انتقلنا إلى العربية وجدنا عجباً من أهلها، فأنت ترى حملة التغريب اللغوية فى شوارعنا فى أسماء المحال والمؤسسات مثل: "شوبنج سنتر"، "جراند مول"، "أى سى سنتر"، والأدهى من ذلك أن ترى التليفزيون يفتح باب التعريب اللغوى على مصراعيه، حيث نرى على شاشات التليفزيون أسماء البرامج التالية: "ويك إند"، "ماتينيه"،"توب كليب". ولا عزاء لمجمع اللغة العربية الذى ينادى بتعريب العلوم وتحويل الدراسات العلمية إلى اللغة العربية بدلاً من التدريس باللغات الأجنبية، ويوصى فى كل عام بالتزام اللغة العربية فى الإعلام، لأنها هويتنا وأصالتنا، لكن من يسمع ومن يستجيب؟! إن عربية القرآن تشكو الغربة بين أهلها!! (وما يذكر إلا أولو الألباب)