يجمع العلماء والمفكرون وكبار المشايخ على أن مصر (سنية المذهب وشيعية الهوى) أى أنهم يدينون بالمذهب السنى ولكنهم يحبون ويحترمون آل بيت الله الذين قصدوا مصر ولاقوا معاملة رائعة من سكانها. والمخطط الذى يتم ترويجه حاليا بأن المصريين جميعا يدينون بالمذهب الشيعى محاولة لن يكتب لها النجاح لأن حب المصريين لآل البيت وتحويل أضرحتهم ومقاماتهم إلى قبلة يزورونها للتبرك والراحة السكينة ليس أكثر ولا يمكن أن يتم استغلالها وتحويلها إلى وسيلة لمخططاتهم لإحداث الفرقة والقلاقل خاصة وأن الفاطميين قد فشلوا فى فرض المذهب الشيعى بالقوة على المصريين، بل إن ما يتردد بأن الأشراف فى مصر هم من الشيعة قول مغلوط ولا يمت للحقيقة بصلة وأن معظم المصريين الذين يزورون الأصرحة لا يعرفون الفارق بين المذهبين. فى البداية تقول الحاجة هند 70 سنة أننا نزور مقام الإمام الحسين من أجل الشعور بالسكينة والاطمئنان مؤكدة أنه عند زيارتها لمقامات آل البيت لم يخطر يوما على بالها أن تسأل عما إذا كانوا سنة أم شيعة. أما حسنية 45 سنة فتؤكد أنها تزور مقام الإمام الحسين عندما تكثر مشاكلها وتزداد تعقيدا ولا تجد بدا إلا فى زيارة أحد مقامات آل البيت عملا بالحديث النبوى (إذا ضاقت بكم الصدور زوروا القبور) مشيرة إلى أنها لم تفكر عما إذا كان آل البيت سنة أو شيعة ولا تعرف الفرق بين الفريقين. أما إحسان 38 سنة فتذكر أنه رغم حب المصريين الشديد لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أنهم لم يفكروا يوما فى معرفة ما إذا كانوا شيعة أو سنة مضيفة بأنها تزور مقامات آل البيت فى إطار زيارة القبور وأيضا للمجاملة حيث تذهب مع الأهل والأقارب القادمين من أقصى الصعيد لزيارة مقامات السيدة والحسين والسيدة نفيسة. أما أسماء مدرسة رياضيات 25 سنة فتؤكد بأن زيارتها لمقامات آل البيت كنوع من التعبير عن حبها لهم لأنهم من نسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنها لم يخطر ببالها عما إذا كانوا سنة أم شيعة. وتقول رجاء 42 عاما أن الفرق بين السنة والشيعة لا تكاد تذكر فنحن جيمعا نؤمن بالله ورسوله وقبلتنا واحدة وصلاتنا واحدة لذا فإننى لا أفكر يوما فى أن أطرح السؤال عما إذا كان آل البيت سنة أم شيعة. وتبرر صفاء عبد الرحيم خريجة كلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر زياراتها لأصرحة آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم تأتى تعبيرا عن حبها لهم، لأن الرسول أوصى بحبهم ويكفى أن من لم يصلعليهم لا تقبل صلاته لأن الصلاة عليهم جزء من التشهد، وزيارتهم للعبرة والعظة وليس لكونهم قادرين على الشفاء أو زيادة الرزق لأن الشافى والرازق هو الله. وتضيف أن آل البيت ليسوا من الشيعة وأنه لا يوجد فرق بين الشيعة والسنة فى الثوابت، ولكن فى بعض الأمور الفرعية. أما حازم طبيب فيؤكد أن زيارته لمقامات آل البيت نابعة من حبه لهم فقط لا لشىء آخر مضيفا أنه تربى على الإسلام وحب آل البيت وأنه لم يسأل نفسه مطلقا عما إذا كان آل البيت سنة أم شيعة. يؤكد الدكتور سالم عبد الجليل مدير عام الإرشاد الدينى بوزارة الأوقاف إن آل البيت لا علاقة لهم بالتشيع وهم أهل سنة وأعلم الناس بشريعة الإسلام وأكثر الناس اقتداء بها وأن منهاجهم واضح وليس به غلو، مضيفا بأن الرسول أمرنا بحبهم وأن حبهم من حبه صلى الله عليه وسلم وذلك لقول الرسول (تركت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتى أهل بيتى) والمقصود بعترتى رسول الله أهم بيته صلى الله عليه وسلم وأيضا لقوله تعالى فى كتابه العزيز (رحمة الله وبركاته عليكم آل البيت) وأيضا فى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ويرى عن رب العزة وجل (من عاد لى وليا فقد آذنته بالحرب)ز ويستطرد الدكتور سالم حديثه قائلا: إن تعبيرنا عن حب آل البيت لا بد أن يكون بالأسلوب الذى يتفق مع شريعة الإسلام ومع مكانتهم العالية فينبغى أن يكون فى التخلق بأخلاقهم والاقتداء بهم والاجتهاد فى العبادات مثل ما اجتهدوا. ويحذر الدكتور سالم عبد الجليل من انتشار صور التعبير الخاطئة عن حب آل البيت مثل الاعتقاد بأن زيارة ضريح الحسين 7 مرات تعادل حجة أو الذهاب إلى أضرحة آل البيت للدعاء طلبا للزرق أو الشفاء أو الدعاء على الظالمين مؤكدا أن هذه بدع وأبعد ما يكون عن الإسلام لأن الدعاء لله فقط وآل البيت لا يملكون لأنفسهم ولا للناس نفعا ولا ضرا وأن النفع والضرر بيد الله عز وجل. ومن ناحية أخرى يؤكد الدكتور سالم عبد الجليل أن مصر فى مأمن عن الفتن والطائفية لأن شعبها جميعهم من السنة علاوة على أن مصر بلد الأزهر حامى حمى المسلمين وأن دعاة وزارة الأوقاف متنبهون لهذه الجزئية ودائما يذكرون وينادون بتوحيد الأمة على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال الدعوة إلى الله بالقدوة والموعظة الحسنة عملا بقوله تعالى فى كتابه العزيز (ادعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن). ويرى الدكتور أحمد عبد الرحيم السايح أستاذ الفلسفة والعقيدة بجامعة الأزهر والمتخصص فى الملل والنحل أن أهل بيت النبى صلى الله عليه وسلم مسلمون مؤمنون بالقرآن الكريم والسنة النبوية والإسلام أوصى بحب أهل بيته لقوله صلى الله عليه وسلم (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة فى القربى). ويضيف الدكتور السايح أن المسلمين سنة وشيعة يتفقون على حب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وحول الجدل الذى أثير مؤخرا حول مخطط الشيعة القادم لتمزيق المجتمع المصرى يؤكد الدكتور أن هذه الأقاويل مجرد شائعات لا أساس لها من الصحة ويروجها مجموعة من المأجورين لصالح هيئات ومؤسسات دولية تهدف إلى الصيد فى الماء العكر وإرباك وإشغال المسلمين بالقشور وتشتيت ذهنهم للحيلولة دون التفكير فى جوهر القضايا التى تواجههم. ومن جانبه يقول أحمد كامل ياسين- نقيب الإشراف- هناك فرق شاسع بين الشيعة وآل البيت، فأهل البيت فى اللغة هم سكانه، وأهل الرجل هم أخص الناس به وأقربهم منهم ويرتبطون معه بصلة النسب والقربى مثل والديه وزوجته وأبناؤه وشرعا أهل الرجل هم أهل بيته المؤمنون بعقيدته والمتبوعون لدعوته، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سلمان الفارسى (سلمان من أهل البيت). وقال تعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). (الأحزاب: 33) كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حديث الكساء الذى رواه مسلم عن عائشة رضى الله عنها : نادى النبى صلى الله عليه وسلم عليا بن أبى طالب، فأدخله تحت (عباءته) ثم جاءت فاطمة فأدخلها تحت عباءته ثم الحسن والحسين ثم تلا قوله تعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). ويشير أحمد كامل إلى أن اتساع دائرة الأهل لتشمل الأقارب من الفروع من جهة الأب مثل الأعمام وأبنائهم وهنا يستخدم لفظ (آل) الذى هو أكثر عمومية من مصطلح (أهل البيت) فآل البيت النبوى عند أهل السنة والجماعة يقصد بها بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويؤكد نقيب الإشراف على أن حب آل البيت أصل عند كل المسلمين سنة وشيعة ولا يمكن أن يختص بها الشيعة دون غيرهم، بحب آل البيت أمر من الإسلام وصى به الرسول صلى الله عليه وسلم ولابد أن يتأصل فى قلب كل مسلم هذا الحب ليكتمل إيمانه. ويرى د. منيع عبد الحليم محمود العميد الأسبق لكلية أصول الدين أنه بالنسبة لآل البيت هم جميعا مقدرون ومحترمون ومحبوبون من جميع المسلمين لا فرق بين سنى أو شيعى بل إن حبهم كما قال الإمام الشافعى دين لأهم هم الذين أوصلوا إلينا الدين والعلوم الربانية فالرسول صلى الله عليه وسلم أوصى بهم كل المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها وسوف يظلون مادام فى قلوبهم مثقال إيمان على حب آل البيت واحترامهم وتقديرهم وشخصية الإمام على زين العابدين محل تقدير للأحاديث التى وردت عنه ولسموه السمو الأخلاقى وسبقه إلى ذلك الإمام على بن أبى طالب والحسن والحسين والسيدة زينب وهم العباءة الذين جمعهم الرسول وتلى قوله تعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت). ومن جهته يقول د. عبد المقصود باشا- أستاذ التاريخ الإسلامى وعضو مجمع البحوث الإسلامية إن حب آل البيت أمر لا يقتصر على الشيعة، بل هو أمر لصيق بشخصية المسلم المؤمن، ولا توجد علاقة رابطة بين آل البيت والشيعة، فالتشيع بالمعنى المتعارف عليه الآن فكر سياسى طفا على سطح الفكر الإسلامى عقب النزاع على تولى الخلاقة الإسلامية بين معاوية بن أبى سفيان وعلى بن أبى طالب، وآل البيت هم ذرية النبى صلى الله عليه وسلم من السيدة فاطمة الزهراء زوج الإمام على بن أبى طالب إلا أن الدعاوى الشيعية التى تكررت فى الآونة الأخيرة التى تحاول أن تقصر حب آل البيت ومشايعتهم على الشيعة فقط دون غيرهم من أهل السنة والجماعة وهذا أمر خطير تستغله بعض الجماعات المتشددة من الشيعة وتروجه بالقوة والضعف. ويضيف د.عبد المقصود أن التمسح بالأضرحة والاعتقاد فى الأولياء أمر لا يخص الفكر الشيعى بل هوميراث إنسانى، فحينما كان يتوفى فى الماضى حبيب غال كان يذهب محبوه ليزوره عند قبره فهذا الأمر لا يمكن أن نرى فيه ميلا مصريا للتشيع، فالأمر غير ذلك وبعيد عن الحقيقة فمصر ليست أكثر البلاد تشيعا كما يقول البعض بل مصر هى سنية فالفاطميون الذين ادخلوا المذهب الشيعى إلى مصر حاولوا فرضه بالقوة إلا أن السكان رفضوه وتمسكت بالمذهب السنى.