ليس سراً أن حلم حياتي كله وأعظم ما قمت به من اكتشافات أثرية.. هو أن أثبتّ للعالم كله من حولنا.. أن المصريين حقاً وصدقاً هُم بُناة الأهرام. عندما اكتشفت مقابر العمال المصريين الذين عملوا حجارة الأهرام حجراً بعد حجر.. حتي اكتمل صرح الأهرامات.. وأن ما علي أرض مصر من آثار إنما هو نتاج عبقرية أمة أدركت ما وهبها اللَّه من قدرات وإمكانيات بشرية وطبيعية فسعوا في الأرض بناءً وتعميراً. وبنوا أروع حضارة إنسانية في تاريخ الأرض. لقد كان الكشف عن مقابر المصريين وهياكلهم العظمية وأدواتهم وعتادهم الجنائزي.. أبلغ رد علي هؤلاء المخرفين والمتشككين الذين اعتقدوا في أن علماء القارة المفقودة أطلانتس الذين نجحوا في النزول إلي مصر وبناء حضارتها!. بل إن هناك فريقاً آخر أشد خطراً من الفريق المخرف الأول نسب الأهرام إلي العبرانيين. وهؤلاء بطبيعتهم لا يتورعون عن تزييف التاريخ وهو بالنسبة لهم أمر يسير بعد أن اعتادوا علي نشر سلاسل الادعاءات الكاذبة.. بل إنه كما ذكرنا من عدم وجود أي اسم عبراني في الدولة القديمة. حيث إن كل الأسماء التي تم الكشف عنها أسماء مصرية خالصة.. وقد أكد هذا الكشف أيضاً أن بُناة الأهرام ليسوا عبيداً لأنهم لو كانوا عبيداً ما كان سيُسْمح لهم ببناء مقابرهم بجوار أهرامات ملوكهم. وكذلك لم يكن يُسْمح لهم برسم مقابرهم بالآثار التي سوف تساعدهم في العالم الآخر تماماً مثل الأمراء والملوك.. وقد اعتبر علماء الآثار هذا الكشف من أهم الاكتشافات الأثرية لأنه يعطينا فكرة هامة جداً عن حياة هؤلاء العمال. وخاصة لأن الجبَّانة السُفْلَي من مقابر العمال قد خُصصت لدفن العمال الذين ماتوا أثناء بناء الهرم. وقد كان العمل يتم لمدة 12 شهراً. أي كانوا يعملون كل يوم. وهناك يوم واحد إجازة يأخذونه كل عشرة أيام.. وقد كان بناء الهرم من المشروعات الهامة لمصر. وخاصة لأن الواجب الأول للفرعون هو أن يصبح إلهاً بعد موته. فكان لابد له من بناء مقبرته. وقد بَنَي الملك "خوفو" أعظم مقبرة في التاريخ استغرق بناؤها حوالي 32 عاماً. وقد اعتمد الملك علي العائلات المهمة التي كانت تعيش في صعيد مصر ودلتا مصر.. وهذه العائلات كانت لها الكلمة الأولي والأخيرة بين الناس. وكان يعتمد عليهم الملك في إرسال العمال للاشتراك في بناء الهرم. وخاصة للعمل في قطع الأحجار من المحاجر.. وأيضاً إرسال الطعام والحبوب والمشروبات من البيرة لإعاشة العمال. ونتيجة لذلك كان يتم إعفاؤهم من دفع الضرائب.. وهذه العائلات ظلت بقوتها وسطوتها حتي ما قبل الثورة.. وكبير العائلة عادة هو الذي يعطي الكلمة ويسمعها الناس جميعا.. ولذلك اعْتُبِر مشروع بناء الهرم في مصر القديمة مشروعاً قومياً شاركت البلاد كلها في إنجازه.. وقد تم العثور في المنطقة المخصصة لإعاشة العمال والتي كشف عنها العالم مارك لينر عن أدلة لوجود عظام حيوانية منها عظام لأغنام وأبقار.. وأحضرنا أحد المتخصصين في تحديد الكمية التي كانت تذبح يومياً وقرر لنا أن المصريين القدماء كانوا يذبحون يومياً حوالي 33 خروفاً و11 عجلاً. وذلك يكفي لحوالي عشرة آلاف عامل في اليوم الواحد.. كما أننا اكتشفنا أن العمال من بُناة الأهرام كانوا يأكلون اللحوم بالإضافة إلي الثوم والبصل والخبز والسمك المملح ويشربون الجعة. وكل هذا كان يأتي عبارة عن هبات من العائلات المهمة ذات السطوة التي كانت تعيش في مصر.. وقد كشفنا عن جزء مهم جداً في الجبَّانة لأول مرة. وهو المقابر التي ترجع إلي بداية الأسرة الرابعة. أي عصر الملك "خوفو". وقد وضح لنا أن طريقة قطع الأبيار الخاصة بالدفن تتشابه تماماً مع الأبيار التي قطعت في عصر الملك "سنفرو" أبو الملك "خوفو" في دهشور. وبذلك تأكد لنا تأريخ هذه المقابر.. وتقع هذه المقابر إلي الجنوب مباشرة من هرم الملك "خوفو". كما أننا عثرنا علي مقبرة خاصة برئيس العمال وكان يدعي "إيدو". وإلي جواره دفنوا العديد من العمال الذين عملوا مع هذا الريس في قطع الأحجار ونقلها. وعثروا بداخلها علي أوان فخارية وهياكل عظمية للعمال. وقد أكد الكشف الأثري أن العمال المصريين بُناة الأهرام كانوا يعملون في فرق. وكل فرقة لها رئيس. وكل فرقة لها اسم.. وقد أكدت الآثار وجود مقبرة "إيدو" رئيس العمال وبجواره العمال الذين عملوا معه. وهذا كله عثرنا عليه داخل الحجرات الخمس لهرم الملك "خوفو". حيث عثرنا علي أسماء فرق العمال ومنها: "أصدقاء الملك خوفو". وكذلك فرق خاصة بالملك "منكاورع" سجلها العالم الأمريكي رايزنر أثناء حفائره في مجموعة الملك "منكاورع".. هذا الكشف العظيم أثار العالم كله لأنه يتحدث عن بُناة الأهرام.. خاصة هرم الملك "خوفو" إحدي عجائب الدنيا السبع والوحيدة الباقية إلي الآن.. لكم أنا سعيد بالكشف وأكثر سعادة أنه اكتشاف مصري تم بأيدي مصرية تعشق هذا البلد الذي اسمه مصر..