تشهد المنطقة حراكا دبلوماسيا أمريكيا ما بين السر والعلانية، وهذا ليس مفاجئا، لقد اعتدنا ومنذ أمد طويل على المساعي الأمريكية الضالة، الرامية من خلال تحركها الوهمي لعلمية تكسير عظم لم يسبق لها مثيل، عبر ممارسة ضغط منقطع النظير على السلطة الوطنية الفلسطينية، في محاولة إخضاع غير مبررة لاستئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وفي المقابل وأمام هذا الضغوطات، يواصل رئيس السلطة الوطنية جولاته الدبلوماسية لشرح الموقف الفلسطيني الرافض لمفاوضات عبثية، وبالتالي نؤكد أن خيار المفاوضات يبدو اليوم مطبا أمام الفلسطينيين وأطاله لعمر الاحتلال. حيث تسعى الإدارة الأمريكية جاهدة لتفريغ جوهري لأي حل عادل للقضية الفلسطينية، يقابل ذلك تعزيز مطلق للانحياز الشامل والاستراتيجي لإسرائيل، ما يجرى الحديث عنه من نوايا "حسنة" جرى طرحها على السلطة الفلسطينية، تمثل تماما سياسة العصا والجزرة، بمعنى آخر المطروح من جانبهم يؤكد لنا انه إذا شئتم أهلا وسهلا؟ ولا خيارات أخرى متوفرة، أمامكم سوى الانصياع لسياساتنا! ومن هنا فإننا نقول لمن يحاول مرة أخرى أن يلقي بنا في جحيم مفاوضات ضالة، عليه أن يخيط بمسلة ثانية، فالاستهتار المنقطع النظير من جانب الإدارة الأمريكية بالموقف الفلسطيني والعربي، لن يخلق حالة استقرار، وواضح للعيان أن المنطقة برمتها أشبه بصندوق بارود قابل للانفجار في أي لحظة، من خلال رفع وتيرة التسلح استعداد لشن حروب جديدة، لقوبلة لنظام جديد؟ لفرض حالة من الذل والخنوع لمن يتطلع لتحقيق العدالة الإنسانية والسياسية. وبالتالي، لسنا متفائلين بحل عاجل للقضية الفلسطينية، أمام ما نشهده من مواقف للمجتمع الدولي لا تبشر بخير أو بحسم ايجابي، والتي تتمركز بدورها على التلميح الخجول الناقد للسياسات الإسرائيلية، يرافق ذلك هجوم إسرائيلي متسارع وسافر على كافة المستويات تطال الشأن الفلسطيني برمته بما في ذلك قيادته، عبر مواصلة إطلاق قنابل إعلامية وتنفيذ إجراءات فعلية، تقترن بخداع دبلوماسي طال أمده من جهات متعددة تطرح نفسها حريصة على التوصل لحلول خلاقة، اقرب كثيرا لذر الرماد في العيون. لن نتطرق هنا لتفاصيل ما جاء على لسان هذا وذاك من الساسة الإسرائيليين المتطرفين المتأدلجين على محاربة أصحاب الحقوق العادلة، إنما نقول إن ما يلوح به نتنياهو من تهديدات متعددة الألوان، بالسيطرة على الحدود ومواصلة الاستيطان بمعنى آخر تهويد الضفة الغربية وصولا لما يسمى بإسرائيل الكبرى، والإصرار على العودة للمفاوضات دون شروط مسبقة، وإجراءات متعددة الأشكال مناهضة للفلسطينيين، هذا بمجله لن يقوده للنصر. وفي حالة كهذه نقول لنتنياهو هدأ من روعك، احتلالك لا زال جاثما، قل ما تشاء فيا جبل ما يهزك ريح وهنا باقون كالقلاع كالحصون، هذا الاحتلال الذي يعتبر وصمة عار على جبينه وجبين حلفائه، مصيره الزوال طال الدهر أم قصر. وما زاد الطين بلة، ما جاء من اعترافات على لسان رئيس الإدارة الأمريكية، الذي اعرب من خلالها عن فشله في إحراز أي تقدم نحو تحريك عملية السلام ما بين السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل، وهذا بالمناسبة لن يقوده لتجديد ولايته ؟؟ وهنا نحثه أن يحافظ على ماء وجهه! في المقابل أبدع الرئيس الفلسطيني في مقابلة أجريت مع سيادته على قناة روسيا اليوم، حين قال لن أتنازل عن حدود الرابع من حزيران ليبحثوا عن شخص آخر، وهذا إقرار وإصرار، وحزم واضح بأنه لا تنازل، مضيفا لن يعود الجانب الفلسطيني لمفاوضات الكر والفر، هذا يؤكد الموقف الفلسطيني الثابت، والرفض للخدع السياسة، مؤكدا التزامه بقرارات الشرعية العادلة الداعية للتوصل لحل عادل للقضية الفلسطينية. وأخيرًا نقول: إن مواصلة حكومة إسرائيل، شن هجوم غير مسبوق على الرئيس الفلسطيني وشعبه، عبر سيناريوهات بالغة الخطورة، لوأد أي تفاؤل قد يقود للبدء بعلمية سلمية تقود لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، يعبر عن افتراءات إسرائيلية تدعو إلى تحقيق السلام في المنطقة، وتؤكد ان المطلوب ضمان سلام عادل لإسرائيل؟. مرة أخرى نؤكد ما على ما جاء على لسان الرئيس الفلسطيني أبو مازن، لن يجدوا بين الفلسطينيون من يتنازل عن حقوقنا المشروعة. وبالتالي على الفلسطينيون تعزيز الساحة الداخلية عبر الإعلان العاجل عن مصالحة وطنية فاعلة، والالتفاف حول الثوابت الوطنية للتفرغ للقضية الوطنية. * الكاتبة صحفية فلسطينية دائرة العلاقات الدولية منظمة التحرير الفلسطينية [email protected]