الدكتورالسيد فليفل الأستاذ بمعهد البحوث والدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة في ندوة المحور الرئيسي "الدور المصري الأكاديمي بالجماهيرية الليبية" والتي أدارها الدكتورالسيد فليفل الأستاذ بمعهد البحوث والدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة تحدث الدكتور محمد الدغيم الاستاذ بكلية الآداب بجامعة ليبيا عن تاريخ الدور المصري في إنشاء الجامعات الليبية، وأكد على أنه إبان عهد الاستعمار الايطالي كانت ليبيا مقفولة أمام التراث العربي الاسلامي، الذي لم يكن يصل إليها إلا في صورة التهريب لبعض الكتب وكان التعليم إيطاليا من حيث اللغة والمناهج ولا يتم تدريس الدين الاسلامي إلا على استحياء. وأشار إلى الامكانيات المحدودة لليبيا بعد أن انزاح عنها الاستعمار في عام1944 وكانت تفتقر للكتب والمناهج والمدرسين أصحاب الكفاءات، فوجدت ليبيا الحل عن طريق تبني المنهج التعليمي المصري برمته، فواجهتها مشكلة المدرسين، فجئ بثمانين مدرسا مصريا، وكانت هذه أولى البعثات المصرية التي لم تنقطع بعد ذلك. وبدء بالتعليم الثانوي بعد أن كان التعليم ابتدائيا فقط قبل ذلك، ليتوسع الايفاد من مصر إلى ان أعلن استقلال ليبيا عام1951. أكد الدغيم أن اسئلة الامتحانات في ليبيا كان يؤتى بها من مصر ويتم تصحيحها أيضا فيها. ويذكر الدكتور محمد الدغيم كيف كان في تلك الفترة يدرس فى الشهادة" التوجيهية". ويستطرد أنه بعد الاستقلال جاء إلى ليبيا وفد أمريكي في عام1956 لإنشاء كلية تكون الدراسة فيها لمدة عامين، ثم يذهب خريجوها بعد ذلك لاستكمال الدراسة في الولاياتالمتحدة، لكن الجانب الليبي لم يحتمل لهجة الاستعلاء التي يتحدث بها الجانب الامريكي فتم رفض الموضوع. أوضح الدغيم أن انشاء جامعة على الاراضي الليبية في ذلك الوقت كان ضربا من الخيال لأن البلاد كانت تعيش على المساعدات إضافة إلى عدم انتشار الجامعات في ذلك الوقت في المنطقة العربية باستثناء جامعات: القاهرة وعين شمس والاسكندرية بجانب جامعة فرنسية في الجزائر واثنتين في الخرطوم ودمشق. لكن ما حدث فعلا أنه تم التشاور بين وزير التعليم ورئيس الوزراء مع محمد فريد أبو حديد واتفقوا على أن يأتوا إلى مصر، وبالفعل تم طرح الأمر على الرئيس جمال عبد الناصر وكان أبو حديد قد أعد قائمة بأسماء الاساتذة التي تحتاجها كلية الاداب المزمع عقدها، ونجح الوفد الليبي في سفر أربعة أساتذة مصريين ليكونوا نواة لهذه الكلية، وافتتحت كلية الاداب في شهر ديسمبر عام 1955 لتبدأ الدراسة فيها في يناير من العام الذي يليه. وأوضح الدغيم أن الاساتذة المصريين لم يكتفوا بالمحاضرات التي يلقونها في الجامعة إذ كان هناك النادي والمركز الثقافي المصريين اللذين يتم فيهما إلقاء المحاضرات التي شهدت اقبالا من الشعب الليبي وأحدثت زخما ثقافيا. ويستطرد: انشئت في السنة التالية كلية العلوم في طرابلس وعندما رشح لها الدكتور الريس اعترض الرئيس عبد الناصر بحجة أن الريس استاذه فقالوا له أنه من أصل ليبي ويجب أن يعود إلى بلاده ليفيد مواطنيه. ليتم في السنة اللاحقة انشاء كلية الاقتصاد والعلوم السياسية وينتدب إليها استاذان كبيران أحدهما من جامعة عين شمس والآخر من جامعة القاهرة. وأكد على أن الجامعة في ليبيا كانت تستقطب الاساتذة الكبار من مصر وذكر منهم على سبيل المثال: أبو ريدة، ومحمود قاسم، ومحمد علي ومصطفى حلمي وعبد الرحمن بدوي في قسم الفلسفة، وفي الأدب طه الحاجي، وابراهيم مصطفى، إبراهيم اللبان، محمد محمد حسين، عبدالقادر القط، مصطفى ناصر، وكان في كلية الاقتصاد حمدي النشار، وفي التاريخ،عبدالهادي شعيلة،سعد زغلول عبد الحميد، عزت عبدالكريم،أمين عبدالله،إبراهيم نصحي،مصطفى كمال عبد العليم. وقال إن كل هذه النماذج وغيرها من الاسماء اللامعة لم تكتف بالتدريس فقط ولكن امتد نشاطها إلى الكتابة والتأليف عن كل ما يخص ليبيا من جغرافيا واقتصاد وثقافة بالاضافة إلى البحث العلمي والأكاديمي مثل الدكتور عبدالعزيز طايح شرف الذي الف كتابا عن جغرافية ليبيا، عبدالرحمن بدوى اهتم بدراسة الفلسفة اليونانية فى ليبيا وكتب عدة كتب وتابع اصدارات مجلسة كلية الاداب الذى كان رئيسا لتحريرها. وتحدث عن أن النجاح الذي تم اتى عن طريق: الارادة الليبية والتعاون المصرى والمد العربى وعوامل اخرى مثل العدد المحدود للجامعات فالخليج مثلا لم تكن فيه جامعة بالاضافة إلى العلاقات السياسية المتميزة بين السعودية ومصر والتي ساعده ان تكون ليبيا الامتداد العلمى الطبيعى لمصر وحرص الاساتذة على انشاء جيل على مستوى عالى فتم ارسالنا للدراسة الى الجامعات الكبري فى أوروبا وأمريكيا ومصر وفى فترة السبعينيات كان هناك اتصال مصرى ليبى اخرحيث انشأت كلية الطب عام70 وبدأ التنسيق مع كلية الطب جامعة القاهرة لامدادها ببعض الاساتذة للتدريس ومشاركة غيرهم فى الامتحانات. ثم تحدث فى الندوة الدكتور الصيد محمد أبو ديب المنسق العام لجائزة الفاتح التقديرية واستاذ الادب العربي والذي قال ان مصر قامت بدور بارز فى المجال الاقتصادى بالنسبة للعالم العربي عامة والشمال الافريقي على وجه الخصوص وكانت ليبيا اكثر البلدان تأثرا بالثقافة المصرية نظرا للمجاورة وسهولة التنقل بين البلدين. واستطرد: نحن نستظل بشجرة الثقافة التي تجمع بلدين شقيقين من خلال دور قامت به الجامعات المصرية مع الجامعات الليبية خير قيام ولكن اسمحوا لى ان اتجاوز عنوان الندوة لاقصي مصطلح الدور واستبدله بالتواصل الثقافى. فالفرق كبير بين الدور والعلاقة والتواصل فالدور يشوبه انقطاع فى حين ان العلاقة اسلوب لربط الآخر والتأثير فى سلوكه اما التواصل فهو حضور بين طرفين يتسم بالانسجام كما ان التواصل يحمل معاني التلاقى والاحتكام والتمازج والتلاحق والاتصال المستمر بين الطرفين أو أكثر وكلما كانت حركة التواصل مستمرة كلما كانت الثقافة العربية معطاءة. اضافة إلى أن التواصل شعور انسانى متأصل فى اعماق البشر تتلاحق فيه الافكار وتمتزج فيه الرؤى وتبقى الحاجة الي التواصل الثقافى اوسع للانخراط فى مشروعات جماعية فالتواصل يقيم على اساس طلب التفاعل مع الاخر فى جو من التكافىء والحوار والمودة. وقد علق الدكتور السيد فليفل على ذلك بقوله ان الدور المصرى مع ليبيا قد وصل بالفعل الي حالة النضوج لتصل ليبيا إلي قدر كبير من الكفاءة يسمح بالتواصل. مؤكدا على أنه لابد من اقامة المشروعات البحثية المشتركة بين مصر وليبيا فالاساتذة فى البلدين يتم التفاعل بينهما عن طريق لقاءات صغيرة تنتهى بانتهاء الأنشطة، وآن الاوان ان يشترك الطرفين فى مشروع بحثى مشترك حتي تتم الوحدة العلمية السليمة تتناول كل شىء من فلاحة الارض إلى ذروة التكنولوجية وأشار إلى أنه رغم تخصصه في التاريخ إلا ان الامة لا يجب ان تعيش على الماضي وان المطلوب مشروعات بحثية تصنع التوحد فى عالم من الوحوش تطبيقا لمقولة: اذا لم تصنع قدرك صنع لك.