انطلاقاً من الإحساس بأهمية تفاعل الجامعات الإسلامية مع قضايا الأمة, والعمل على الوقوف بجانبها في مواجهة التحديات التي تتعرض لها في كافة المجالات.. فقد عقدت رابطة الجامعات الإسلامية بالمشاركة مع مركز الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر وجمعية الصداقة والتواصل بين مصر ودول حوض النيل، ندوة علمية موسعة، بعنوان: (سد النهضة الأثيوبي: قراءة في أبعاد الأزمة وأسلوب المواجهة) يوم الخميس الماضي 13 يونيو 2013م بمركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي – جامعة الأزهر، وحضرها لفيف من العلماء والخبراء المتخصصين في قضايا السدود والمياه والكهرباء والزراعة وتحلية المياه, وأيضا المهتمين بقضايا النيل والمياه في مصر, كما أوفدت وزارة الموارد المائية والري عددا من خبرائها للإسهام في هذه الندوة, بالإضافة إلى الهيئة العامة للاستعلامات والتي تقوم بدور تنويري مهم داخليا وخارجيا. وتدارس العلماء المشاركون في الندوة الآراء الفنية والهندسية والعلمية المتعلقة بسد النهضة الأثيوبي والمخاطر التي يمكن أن تنجم عنه ومدى تأثيره على الأمن المائي المصري, وعلى مستقبل مصر بشكل عام. وفي ضوء احتياجات إثيوبيا لهذا السد في توليد الكهرباء فإن الندوة قد طرحت مجموعة من الآراء المتعلقة بهذا الموضوع على بساط البحث العلمي للوصول إلى الحقائق وتجنب الآثار السلبية لهذا المشروع والتي يمكن أن تصيب الأطراف كافة, وبعد المناقشات التي استمرت يوما كاملا، انتهت الندوة إلى إقرار التوصيات التالية: أولاً: اعتبار هذا المشروع المزمع إنشاؤه في إثيوبيا قضية أمن قومي لمصر، ينبغي ألا يكون مجالاً للمزايدات السياسية بين الأطراف المتصارعة في مصر, ومن ثم يجب الالتفاف حول هذه القضية بتجرد وطني باعتبارها تمس أمن الوطن مسًّا مباشراً.. ثانياً: تأييد القيادة السياسية المصرية في اتجاهها لتشكيل لجنة خبراء لهذه المشكلة على أن يراعى في تشكيلها الكفاءة التامة وتنوع الخبرات القانونية والهندسية بعيداً عن الانتماء الحزبي.. ثالثاً: أهمية متابعة تقرير اللجنة الثلاثية المشكلة من مصر والسودان وأثيوبيا واستيفاء البيانات الناقصة واستكمالها حسبما رأت اللجنة وإقناع الحكومة الإثيوبية بالتجاوب الكامل مع توصياتها. رابعاً: النظر بجدية كاملة إلى حقيقة أن أثيوبيا ليس لديها الخبرات الكافية لإقامة مثل هذا السد؛ إذ إن تجربة أثيوبيا مع انهيار سد تكيزي عام 2009 أمر ينذر بخطر جسيم على كل من مصر والسودان والحبشة أيضاً في حالة انهيار سد النهضة بالذات, مما يعرض هذه الدول لأخطار جسيمة لا يمكن تداركها. خامسا: تقوية الروابط المصرية السودانية التي تحققت على مر الزمان؛ بفضل وحدة العقيدة واللغة والأخوة التاريخية والمصالح المشتركة بين الدولتين الشقيقتين مصر والسودان.. سادسا: التوعية بالأخطار التي من الممكن أن تحدث بأثيوبيا من جراء إقامتها السد لطبيعة أرضها وتركيبتها الجيولوجية وتعرضها للزلازل؛ مما قد يعرض السد المزمع إنشاؤه للانهيار بدرجة كبيرة, ومدى تأثير ذلك الانهيار على كل من السودان ومصر. سابعا: الوعي بأخطار التواجد الإسرائيلي في منطقة الهضبة الاستوائية والهضبة الحبشية ومناطق المنابع, خاصة مع حرص إسرائيل على ترسيخ هذا التواجد، من خلال إدارة الشركة التي ستنفذ توزيع الطاقة الكهربائية المولدة من سد النهضة. ثامنا: تكثيف الجهود الدبلوماسية بشقيها الرسمي والشعبي للتواصل مع الأشقاء الأثيوبيين في محاولة الوصول لاتفاق بإيقاف الأعمال الجارية بالسد حالياً لمدة عام. حيث يمكن تشكيل لجان علمية مشتركة من الجانب الأثيوبي والسوداني والمصري تضم عناصر قانونية وهندسية لوضع تصور كامل لمشروع السد، بحيث يتلافى الجوانب السلبية المتوقعة، وتعزيز الإيجابيات التي يمكن أن يعود نفعها على دول منطقة حوض النيل الأزرق تنمويًّا وحضاريًّا من منطلق مشروع أفريقي تنموي متكامل يحقق التنسيق بين الإمكانات البشرية والموارد الطبيعية في هذه المنطقة الإفريقية, وعقد الاتفاقات الدولية التي تكفل الحقوق العادلة لدول المنطقة على حد سواء. تاسعا: التنبيه إلى المخاطر الفنية والتراثية المحدقة بالآثار المصرية الموجودة في منطقة النيل واحتمالات زوال جزء مهم من التراث الإنساني، الأمر الذي تم معالجته من قبل المنظمات المعنية بحماية التراث كاليونسكو والإيسيسكو والألسكو. ولا شك أن العالم الذي رفض غرق آثار أبي سنبل سيرفض غرق الآثار المصرية الأخرى في جنوب مصر.. عاشرا: مناشدة الهيئات الشعبية وجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني مساندة المبادرات التي تقوم بها الحكومة لدرء مضار السدود والسعي لتنمية دول حوض النيل اقتصاديًّا واجتماعيًّا. حادي عشر: اللجوء إلى المنظمات الإقليمية مثل الاتحاد الإفريقي والمنظمات الإفريقية الأخرى لمساندة الموقف العادل لمصر, واستبعاد المحاولات التي تقوم بها أطراف أجنبية للتدخل في شئون القارة الإفريقية, وإفساد ما بين دولها من روابط وعلاقات تاريخية متميزة على مر الزمان. ثاني عشر: اتخاذ خطوات عملية لإيقاظ القوى المصرية الناعمة، وحثها على التدخل بما يحسن الروابط المصرية الإفريقية بشكل عام والروابط بين كل دول القارة بشكل خاص. ثالث عشر: توسيع مجالات المعونة الفنية لإفريقيا وتفعيل الصندوق المصري للتعاون الفني مع إفريقيا. رابع عشر: الاستعانة بقوى الأزهر والكنيسة الأرثوذكسية لتخفيف التوتر بين مصر وإثيوبيا, ولدعم العلاقات العلمية والتاريخية بين الجانبين. خامس عشر: البدء بإنشاء فرع لرابطة الجامعات الإسلامية في إحدى العواصم الإفريقية، يضم جامعات دول حوض النيل، وذلك للتنسيق بين هذه الجامعات، وسائر الجامعات أعضاء الرابطة في كل القضايا التي تهم الشعوب الإفريقية.. سادس عشر: إنشاء لجنة لمتابعة ورصد شتى القضايا والتحديات التي تواجه دول حوض النيل وتكوين لجان متخصصة لإيجاد الحلول لها.