لم اكن انتوى ان اشاهد المؤتمر المزعوم لنصرة سوريا والذى تم تحت مباركة وحضور رأس الدولة المصرية ، لأنى على يقين من تكرار تلك الكلمات الشداقة البراقة المتلونة والمصبوغة بروائح الفتنة والتقسيم من جديد ، ولكن ما يعنينى فى الامر هنا عدة اشياء اريد ان اسجلها لنفسى ولغيرى حتى يذكرنا التاريخ فى يوم ما اننا ما كنا ننظر للأمور من ظواهرها ولكننا كشباب مصرى كنا نبحث عن بواطن الحقيقة ولم نكن يوما راضين عن الجهل والغباء والاستعماء والاستعلاء والاستعداء ، الذى وصل الى مراحل متقدمة من الممكن ان تقتل معها صاحبها . يقول المثل الشعبى " خدوهم بالصوت ليغلبوكوا " ، ينطبق هذا المثل على الصورة التى اذيع بها المؤتمر ، وخرجنا بنتيجة مؤكدة ان التنظيم الذى يحكم متضارب بشكل مبالغ فيه مع نفسه اولا ، ومع المحيط حوله داخليا وخارجيا . وبديهى جدا ان مجموعة التجار الذين وصلوا لسدة الحكم فى مصر وفشلوا فى ادارة مصر الدولة وعاملوها على انها مصر الشركة او مصر العزبة ، يلعبون بمنطق تجارى بحت الا وهو " حينما يفلس التاجر فإنه يفتش فى دفاتره القديمة " ، وايضا يستخدمون اسلوب سياسى قديم للغاية عندما تشتد بهم ازمتهم فى الادارة للشأن السياسى والاقتصادى والاجتماعى وتوحيد الهوية تجاه فكرة الوطن ، هذا الاسلوب الرخيص يسمى " الهروب الى الامام " وهو يعنى ببساطة توجيه انظار اطراف الخصم الى امور اخرى لإلهائه عن الامور الحقيقية ، فمع اشتداد الازمات الطاحنة التى تعصف بفكر الوطن وفكرة ولاء المواطن لوطنه يصر التنظيم الذى يحكم على اللعب بمصير الشعب الذى يإن ، فمع زيادة حدة التوتر والكره الواضح تجاه سياسات السلطة ، ومع بوادر صدام سياسى جديد اعتقد انه من نوع ثورى حقيقى نظرا للتوعوية الواضحة لدى جموع كثيرة من الشعب خصوصا بعد سقوط الاقنعة خلال الفترة الماضية ، يستخدم التنظيم اسلوب الهروب الى الامام لاثارة الانتباه نحو قضايا تأتى فى مرتبة لاحقة يفترض ان لا تأتى الا بعدما تعالج الادارة الحاكمة الازمات الداخلية اولا ، وبالطبع يستخدم التنظيم هذا الاسلوب للتغطية على فشله الداخلى فى علاج الازمات بتوجيه الانظار نحو الخارج ، وربما ينقلب السحر على الساحر نظرا للحركة التوعوية الحادثة فى الشارع المصرى الان ، والتى للاسف الى الان لم يشعر بها هؤلاء اصحاب المولد الذى عقد باستاد القاهرة ، او ربما يشعرون ولكنهم يكذبون انفسهم بأن الموجة بدءت تتزايد وانهم يقدرون على العوم او ربما ركوبها مرة اخرى واقول ذلك من وحى الغضب فى الشارع الذى اراه فى اعين ووجوه وكلمات المشتكون من عد الحصول على ابسط حقوقهم فى الحاجات الاساسية كمواطن ملزوم من الدولة التى يديرها افراد يفترض انهم يعملون على تحقيق مصالحهم ورغباتهم بأقصى قدر ممكن من التخطيط والتنظيم والرقابة ، وليس التمرد وحسب فالغضب مفهوم اقوى واحرص على التغيير السلمى الهادف . فى الحقيقة هناك ضريبة يدفعها الشعب المصرى حتى يتعلم ما هو معنى الثورة الحقيقى ، الثورة الحقيقة تبدء بالنفس لذا يقول المولى عز وجل فى كتابه الكريم " ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " ، والثورة الحقيقية تعنى الخروج للنور السياسى والاقتصادى والاجتماعى والثقافى برؤى وخطط وسياسات واستراتيجيات واليات واضحة للتنفيذ والتقييم ، غير ذلك فلا تحدثنى الا عن مولد تديروه مجموعة من الهواة الراقصين على احلام البسطاء ، والسائقين لمشاعر اناس وعيهم لم يكتمل نظرا لتعودهم على مبدأ السمع والطاعة العمياء التى لا تبتكر ولا تضيف ولا تبنى وطن ولكن فقط تبنى جماعة .. فكرة بناء الوطن هى نموذج لقمة الأخلاق ، وكلما انحدرت تلك الفكرة الى بناء المصلحة الحزبية او الشخصية كلما تدنت معها فكرة الأخلاق ،، الوطن يحتاج الى اخلاق وليس اختلاق احداث .. وفق الله الوطن ، وحمى الله ابناؤه وحفظهم بعنايته وفضله