فى الوقت الذى أشتد فيه الصراع بين د. يوسف زيدان والكنيسة المصرية، حول روايته "عزازيل" الحاصلة على جائزة البوكر العربية فى الأدب.. دخلت بعض الصحف الأجنبية على الخط فى المعركة وعلى رأسها الجارديان؛ حيث قامت بتوجيه اللوم إلى الأزهر الشريف؛ نظراً لعدم إظهار موقفه تجاه الاتهامات الموجهة إلى الرواية التى رأى رجال الدين المسيحى أن صاحبها أراد الإساءة المتعمدة والتخفى داخل سطور العمل الأدبى فى صيغة هجوم دينى حاد اللهجة.. وبغض النظر عن الاهتمام المبالغ فيه بهذه القضية وتداعياتها لم نشأ حس مبدع كبير بحجم وقامة د. يوسف زيدان فى هذه الراوية.. لكننا قطعنا معه مساحات أخرى مجهولة ومسكوت عنها فى هذا الحوار. * فى البداية.. هل شعرت بوجود قيود على إبداعك الفنى إبان مهاجمة الطوائف المسيحية لرواية "عزازيل"؟ وما هى تطورات الدعاوى القضائية التى رفعت ضدك؟ - الطوائف المسيحية لم تهاجم الرواية؛ وإنما هاجمها بعض آباء الكنيسة القبطية تحديداً، وهى واحدة من الطوائف المسيحية، غير أن المهاجمين اجتهدوا لإظهار أنفسهم متحدثين بإسم المسيحية كلها كى يعطوا لكلامهم وزناً أكبر، وهذا على كل حال رأيهم، لكنه لن يقف أبداً كقيد على الإبداع.. والدعاوى القضائية التى رفعها بعض الآباء وغيرهم من الأقباط لم يتبين مصيرها بعد ولكنها تسلك المسار القضائى لها، ولا أريد أن أستبق الأحداث أو أخوض أكثر فى هذه المسألة. * ظل تاريخ الشعوب التى اهتمت بالأدب مفخراً تتباهى به أمام الشعوب الأخرى؛ ترى هل انعدام اهتمام الجيل الحالى بتدوين الأدب والثقافة مؤشر خطر لضياع تاريخنا مثل الهنود الحمر...؟ - الجيل الحالى لم يتوقف عن تدوين الأدب والثقافة، وتاريخنا لن يضيع لأنه (مكتوب) على العكس من تاريخ الهنود الحمر الذين كانت لهم ثقافة عميقة لكنها غير مدوَّنة. الكتب القديمة * وهل ترى أن قيمة التراث الأدبى سوف تتراجع إذا حفظت بواسطة الأرشيف الإليكترونى؟ - العبرة بالمحتوى وليس بالشكل، فالمادة المعرفية قد تكون مطبوعة أو مرقمة أو حتى منحوتة على الحجر، المهم محتواها المعرفى لا شكل تدوينها، وهناك محاولات كثيرة لاقتحام العالم الرقمى المعاصر، وتعزيز المحتوى العربى للإنترنت والوسائط المتعددة، وهو شكل جديد من أشكال (الحفظ) تُضاف إلى الأشكال الأقدم: المخطوطات، البرديات، الرقوق، النقوش.. إلخ. المدونون * هل تعترف بالتدوين ""Bolg على الإنترنت؟ وهل يمكن أن يلغى هذا النشر الورقى، وعادات القراءة المستقرة؟ - هذا مطلوب وذلك مطلوب، والمدوَّنات دليلٌّ على الحيوية الفكرية، ولا يجوز النظر إليها بإعتبارها منافساً للنشر الورقي. والناس مؤخراً فى بلادنا صاروا يقرأون أكثر مما كان الحال قبل عشرين عاما. وإلا فما هذه المكتبات التى تفتح أبوابها كل يوم، وما تلك الطبعات المتوالية للكتب، وما دلالة حفلات التوقيع الحاشدة التى تُقام كل يوم؟ أليست هذه كلها، دليلاً على عكس ما يقال من أن الناس لم تعد تقرأ. عصور الظلام * يرى البعض أن التعرض للقمع فى عصور الظلام أحد أهم الأسباب لتفجر الإبداع هل ترى صحة هذه المقولة وهل تنطبق على الواقع الذى نعيشه؟! - ليسَ شرطاً أن يظهر الإبداع فى أزمنة القمع، ومن أراد أن يتابع المواهب الجديدة، فعليه أن يلقى نظرة على الإصدارات التى لا تتوقف من الظهور كل يوم فى مصر والبلاد العربية، بل يمكن القول إن عدد الإصدارات فى السنة الواحدة، صار أضعاف ما كان يصدر فى فترة الستينيات التى يعدونها العصر الذهبى للثقافة العربية. وتر الكبت * وظاهرة (أدب الجنس) الذى يركز على الغرائز ويلعب على وتر الكبت لدى الشباب العربي؟ كيف تراها؟ - الجنس وحده لا يصنع أدباً، ولابد من اللجوء إليه لأغراض مثل إظهار طبيعة الشخصيات والمواقف، لا لكى يصير الجنس فى الأدب مطلوباً لذاته. * ما معيار نجاح الرواية برأيك.. هل هو رأى النقاد أم عدد الطبعات التى تصدر فيها؟ - كلاهما مهم للحكم على نجاح العمل، وإلا فما معنى أن يكون هناك أدب لا يقرؤه الناس؟ وما معنى أن ينتشر نص أدبى من دون أن تتحقق فيه معايير الكتابة وقواعد الإبداع. الأدب العلمي * ولماذا اندثر الأدب العلمى على الرغم من دوره المؤثر قديماً؟ - هناك أعمال كثيرة تصدر فى مجال الخيال العلمى، وهناك كثير من الأعمال الأدبية ترتكز على معارف علمية. ولا يجوز الادعاء بأن الأدب العلمى قد اندثر. * وهل ترى أن حركة الترجمة تراجعت فى الوطن العربى؟ - بالعكس، هناك اهتمام كبير بالترجمة فى الفترة الأخيرة، سواء من خلال ما تصدره دور النشر العربية، أو المشروع القومى للترجمة أو مؤسسة محمد بن راشد (دبي) لكنها ليست كافية، ولابد من تنشيط الجهود فى هذا المجال. المدى البعيد * فى جملة كيف تصف مستقبل الأدب العربى؟ - فى جملة بسيطة، مستقبل الأدب العربى يبشر بازدهار تشهد له حركة الاهتمام الكبيرة من القراء. * وما هى النصيحة التى توجهها إلى عناصر الثقافة فى الوطن العربى؟ - لا أحب إسداء النصائح