المؤكد أن الرئيس يمتلك كافة المعلومات، عن حالة الغضب بالشارع المصري، من جموع المصريين، من عدم تحقيق آمالهم التي عقدوها على الثورة، فلدى يقين انه مطلع بمصادره الرئاسية، ومصادره الخاصة، بكل ما يقال بين المصريين وفى الإعلام كافة، ولديه صورة شاملة عن آراء كل المصرين، المؤيدين، والمعارضين، ومن المؤكد أيضاً، أن الرئيس يمتلك المعلومات التي لا يعلمها الآخرين، بالقدرات بإصدار قرارات قوية، تتفاعل مع رغبات المصريين، ومدى إمكانية تنفيذها، فهو الوحيد المطلع على القوى الرئيسية بالدولة، ومدى مساندتها أو تعويقها لرغبته في ما يرغبه من قرارات، وتلك القوى ممثلة في قيادات الجيش، وقيادات الداخلية، والمخابرات، والأمن الوطني، والقضاء، هي الأكثر تأثيرا، وان للرئيس صلاحيات متعددة لم يقدم عليها حتى الآن، بعضها طبيعية وأخرى استثنائية منحها له الدستور، والقانون، وبالتالي المعادلة بين رغبة الرئيس في تحقيق رغبات المصريين، وقدرات تنفيذ تلك الرغبات بإصدار قرارات قوية، والقوى الموجودة بالفعل والمؤثرة بالدولة، في صراع بين رغبات المؤيدين للثورة، والمقاومين لإحداث تغييرات قد تطال مناصبهم السياسية أو ثرواتهم، أو عدم رغبتهم في التنازل عن ما كان يحصلون عليه في النظام السابق، يضاف لتلك المعادلة المعقدة، هو حفاظ الرئيس على تماسك الدولة، وعدم المخاطرة بقرارات غير معروف نتائجها، أو مدى التوتر والاضطرابات التي تعقبها، مما قد تؤدى إلى نتائج غير متوقعة. وبالتالي اعتقد أنه أمام الرئيس، إما الاعتماد على القاعدة الشعبية المؤيدة له، والأحزاب التي تسانده، واتخاذ قرارات غير عادية، لتحقيق نقلة للأوضاع السياسية والاجتماعية، لإرضاء الشارع المصري الغاضب، والمطالب للرئيس باتخاذ قرارات سريعة، ويكون أمام الرئيس الاعتماد على هذا التأييد في المقام الأول، وبالتأكيد سيلقى هذا الاختيار التصادم مع القوى الرئيسية في الدولة، والتي تصارع من اجل مصالحها، وإما انه يسير في طريق التروي والهدوء والانتقال من مرحلة لأخرى، وإحداث التغييرات بطريقة هادئة في مؤسسات الدولة حتى تكون النتيجة مضمونة، وغير قابلة لتطورات غير معلومة. وبذلك نصبح أمام خياران، اعتقد أن الشعب لا يمكنه تحمل صراع، من نوع جديد، لا يعرف بالضبط نتيجته، أو على الأقل مدى التضحيات الكفيلة بنجاحه، خاصة انه يعانى من مستويات غير مرضية في الأمن، ومستوى المعيشة وكثير من المعاناة، بالإضافة إلى الإحباط من عدم تحقيق ما كان يدور في رؤوسهم في بداية الثورة، وبالتالي خيار الرئيس الظاهر، بالانتقال بهدوء وعدم التصادم يعتبر القرار الصائب، وإن تحمل الشعب أعباء إضافية، لكن الواقع يحتم بعض التنازلات، والعقلانية وحسن الإدارة، ورشد القيادة، لا تنجرف إلى رغبات أو نداءات، وإنما الإدارة بما لديها من معلومات كافية وهامة لا يعلمها إلا هي، ومن ثم التفاعل على قدرها، مهما زاد المنتقدين، ومهما كانت الاعتراضات، ويؤكد ذلك مدى الانتقاد من معظم المؤيدين والأحزاب المساندة للرئيس بسبب عدم اتخاذ إجراءات نحو الخارجين على القانون، والإعلام المسيء، وغيرها لما لدى الرئيس من معلومات أكبر من مما يتخيله هؤلاء، لذا نشعر بان الرئيس يصارع قوى، ويرغب في الانتقال برشد، من اجل الحفاظ على الدولة، وتماسكها، وان كان ذلك لا يمنع في تصوري، انه في حالة استحالة تحقيق تلك الخطوات، ربما يلجأ الرئيس للمخاطرة، واتخاذ خطوات غير تقليدية، بعد اطلاع الشعب على كل التفاصيل، حتى يستعد لصراع من نوع آخر، لايزال هناك الكثير من الوقت، ولايزال هناك الكثير من المعلومات الغائبة، لدى المصريين بمعرفة ما يدور، وحقيقة ما يخفى عليه، إلا أنه بالتأكيد في لحظة ما سيعلم، ويقدر، ويحكم. د.سرحان سليمان الكاتب الصحفى والمحلل الاستراتيجى [email protected]