- تتجوزينى يا آنسة؟! ابتسمت ولم تجب. كررتها مرة أخرى بصوت أعلى: تتجوزينى يا آنسة ؟!! اتسعت ابتسامتها.. وأشاحت بوجهها ناحية الشباك ولم ترد. وفى إصرار: يا آنسه أنا بسألك موافقه تتجوزينى ولا لأ؟! تحولت الابتسامة الواسعة إلى تكشيرة كبيرة وقالت بصوت يشبه انفجار البركان: "إنتا هاتسكت ولا أقوم واسيبلك الأوتوبيس كله" ... - يا آنسة أنا بطلب إيدك مش بعاكسك !! رفعّت حاجبيها حتى ظننت أنه سيخرج عن وجهها! وقالت: وإنتا إيش عرفك إنى مش متجوزة ولا حتى مخطوبة أجبت بمنتهى البراءة : مفيش فى إيدك اليمين ولا الشمال دبلة ... مش يمكن أكون بحب؟! يا آنستى لقد انتهى زمن الحب.. وحتى لو بتحبى أنا بقولك تتجوزينى مش تحبينى! إزاى يعنى .... أنا لو بحب أكيد هاتجوز اللى بحبه .. كان روميو اتجوز جولييت و قيس اتجوز ليلى ، ثم الحب شعور لكن الجواز مشاركة وبناء أسرة جديدة قائمة على العقل فى المقام الأول، أما الحب فهو من قلب لقلب ولا دخل للعقل فيه. بدا عليها الأقتناع نسبياً وقالت: وحتى لو كده ضمنت منين إني أكون كويسه وعرفت منين أخلاقى؟! ومين فينا يعرف أخلاق التانى؟ ، مين فينا حتى يعرف أخلاق نفسه؟! ، ثم همّا مش بيقولوا الجواز زى البطيخة محدش يعرف دى حمرا ولا قرعه إلا لما يفتحها.. ده أنا حتى اشتريت إمبارح بطيخة لقيتها حمرة.. ولما دُقْتِها لقيتها ماسخة! ، يعنى حتى البطيخ بيغشوا فيه، يبقى الجواز مش ها يخُمُّوا فيه!! ، يعنى أنا ممكن اتجوز واحده أعرفها كويس وتكون قرعة وممكن تكونى إنتى حمرة وأحسن منها ميت مرة! ضحكت وعلت ضحكتها، واستطردت قائلاً: ثم هاقلك حاجة.. كلنا فينا الخير والشر ولو دورتى فى قلب أكثر البشر شراً هاتلاقى نقطة خير فيه، ولو دورتى فى قلب أطيب الناس هاتلاقى نقطة شر.. بدا عليها الاقتناع أكثر بل بدا وكأنها ستقبل عرضي.. ولكنها قالت : طب والمستوى الاقتصادى والتعليمى؟ دى حاجات نسبية يعنى الغنى فيه الأغنى منه، والفقير فيه الأفقر منه، وحتى لو كنتى أمية.. العَلاَم لا ينتهى عند عمر معين وممكن تتعلمى وتاخدى دكتوراه. مش يمكن أكون مجنونة ولا عندى مرض لعين.. ( بعد الشر يعنى) وحتى لو كنتى سليمة وزى البمب مش يمكن... ( بعد الشر يعنى) تجيلك الأمراض دى بعد الجواز.. حد ضامن حاجة ؟! طب مش لازم نعرف بعض الأول.. أنا حتى معرفش اسمك؟ مش يمكن تكون نصاب؟! وشكلك كده فعلاً! اتسعت إبتسامتى وقلت :وتضمنى منين إنى أقلك الصدق؟ هاسأل عليك. مش يمكن أكون فعلا نصاب وأزور كل حاجة وأغيّر كل الحقايق. يعنى مش هاعرف أوصل للحقيقة؟! وحتى لو وصلتى للى إنتى شايفاها حقيقة يمكن تطلع سراب، وبيقولوا: إن الحقيقة ليها أكثر من وجه ولو عرفتيها فعلا هاتتجننى!! إنتا فعلا جننتنى بعد الشر عليكى أنا عايز أتجوزك مش أجننك.. طب والحب!! توقفت لحظة ثم قلت: هاتحبينى أوعدك بكده ومش كده وبس وأنا كمان هاحبك!! إزاى؟! التعود يكفي.. يعنى لما تلاقينى كل يوم قدامك طول الليل والنهار مش هاتحبينى؟! مستحيل متحبنيش .... المنطق بيقول: إنك هاتتعودى عليا وهاتحبينى حب التعود، يعنى من الآخر هاتدمنينى، إنتى ليه حبيتى قبل كده ابن الجيران وزميلك فى الجامعة مع إنه أكيد مش الأفضل أو الأجمل أو الأكثر طيبة.. أكيد لو دوّرتى هاتلاقى الأحسن. بس ده اللى كان قدامى بالظبط وأنا هأكون اللى قدامك طب ليه مستَنّاش، وعلى رأيك يمكن ألاقى الأحسن؟ لأننا كلنا الأحسن ومفيش حد أحسن من حد، لو بصيتى للناس نظرة شمولية من كل الجوانب هاتلاقى إن كلهم متساويين، يعنى الغنى هاتلاقيه مشغول البال خايف على فلوسه والفقير هاتلاقيه مرتاح معندوش اللى يخاف عليه.. تقدري تقولى مين فيهم الأفضل. عندك حق ، بس برضه الناس هاتقول عليا إيه، إزاى أتجوز بالطريقه دى. الناس عمرها ما هاتسكت عنك إلا لما تموتى وحتى لمّا تموتى ممكن بعضهم يجيب فى سيرتك. يا سلاااااام يعنى الحكاية بسيطة للدرجة دى. وأسهل كمان .... ها إيه رأيك يا آنسة تتجوزينى؟! *** يا أستاذ أصحى فوووق ... نازل فين؟! .. انتبهت لصوت الآنسة الرقيق بجوارى وهى توقظنى، أبتسمت وقلت لها: هنا .. شكرا ربنا يكرمك بابن الحلال. بدت عليها علامات الاستغراب من الدعاء وقالت: ميرسي ! نزلت من الحافلة ولاتزال الابتسامه معلقة على شفتى والسؤال يلح على ذهنى: تتجوزينى يا آنسة؟!