يرغب العراق في استعادة دوره كلاعب "كبير" في السوق النفطية العالمية بعد ثلاثة عقود من الحروب والعقوبات الدولية وتراجع الاستثمارات في هذا القطاع، رغم الخلافات بين الحكومة المركزية في بغداد واقليم كردستان حول قانون النفط والغاز. ولاستدراج العروض الكبيرة لجولة تراخيص جديدة لاستثمار 12 موقعا استشكافيا من النفط والغاز في عدد من محافظات العراق، نظمت وزارة النفط العراقية مؤتمرا في عمان بحضور ممثلين عن 46 شركة عالمية في مجال الطاقة. وقال وزير النفط العراقي عبد الكريم لعيبي في كلمته خلال افتتاح المؤتمر الترويجي لجولة التراخيص الرابعة "نسعى مع الشركات العالمية للوصول الى انتاج ثلاثة ملايين برميل من النفط الخام يوميا نهاية العام الحالي والى تصدير اكثر من 2,5 مليون برميل من النفط الخام يوميا العام القادم". واوضح انه "يجري تنفيذ خطة غير مسبوقة في تاريخ الصناعة النفطية العراقية يتم خلالها مضاعفة انتاج العراق من النفط والغاز لاكثر من اربع مرات وبناء بنى تحتية عملاقة تستوعب تلك الزيادات بالاضافة الى مشاريع مهمة ستجعل من العراق مصدرا مهما للطاقة في العالم". واضاف ان "ايراداتنا النفطية خلال هذا العام ستتجاوز 80 مليار دولار مما سيضمن سد اي عجز في الموازنة". وتحدث الوزير العراقي عن مشاريع تجري حاليا في البنى التحتية النفطية ستمكن العراق من رفع صادراته النفطية، وقال "هناك مشروع من ثلاث مراحل يتم خلاله مد ثلاثة انابيب بحرية وخمس عوامات تصديرية ورابط للميناءين التصديريين: العمية والبصرة ما سيعطينا مرونة كاملة للتصدير سواء من موانئنا الحالية او العوامات الخمس في طاقة ستتجاوز خمسة ملايين برميل في اليوم". وبحسب الوزير فان "المرحلة الاولى من المشروع ستنجز في كانون الاول/ديسمبر القادم حيث ستضيف لنا طاقة تصديرية بحدود مليون برميل يوميا ستمكننا من تصدير كل النفط المنتج ان شاء الله". واضاف "بنينا انبوبا آخر بريا بطول 105 كلم وبطاقة اكثر من مليون برميل ربطنا فيه مستودعات الزبير 1 و2 (اقصى جنوب العراق) الى ميناء الفاو (اقصى جنوب العراق) مباشرة". من جهته، اكد عاصم جهاد الناطق الرسمي باسم الوزارة لوكالة فرانس برس "نحن نتوقع زيادات سريعة في انتاج النفط العراقي خلال السنوات القليلة القادمة". واوضح انه "من المقرر حسب خطة الوزارة ان يصل الانتاج في العام القادم الى 3,3 مليون برميل يوميا و4,5 مليون برميل يوميا في عام 2013 و6,5 مليون برميل يوميا في عام 2014". واضاف جهاد ان "الشركات النفطية العالمية العاملة في العراق قطعت شوطا كبيرا وبدأنا نقطف ثمار عملها من خلال زيادة في الانتاج وصلت الى اكثر من 400 الف برميل في اليوم وفي وقت قياسي". وينتج العراق حوالى 2,7 مليون برميل من النفط يوميا، ويقوم بتصدير حوالى 2,1 مليون منها. ويطمح هذا البلد الى انتاج حوالى 12 مليون برميل في اليوم في غضون ست سنوات، مقابل 2,7 مليون حاليا، ما سيجعله ثاني منتج في اوبك. وقد وقعت الوزارة لهذا الغرض عقودا مع شركات عالمية لتطوير عشرة حقول كبيرة. ويعتمد اقتصاد العراق، الذي شهد اكتشاف اول حقل نفطي في مدينة كركوك عام 1925، بصورة رئيسية على النفط الخام، الذي تمثل عائداته قرابة 90 في المئة من عائدات البلاد. ورغم طموحات المسؤولين العراقيين باحداث زيادات في الانتاج برزت من جديد الى السطح مشكلة الخلافات بين الحكومة المركزية في بغداد واقليم كردستان حول قانون النفط والغاز. وقال وزير النفط العراقي لوكالة فرانس برس على هامش المؤتمر ان "حكومة اقليم كردستان اوقفت اليوم (الاحد) ضخ النفط من حقول الاقليم لمنظومة الصادرات النفطية الوطنية من دون معروفة الاسباب". واوضح ان "هذا يشكل خسارة للاقتصاد العراقي ويلحق ضررا كبيرا بالشعب الكردي خصوصا والشعب العراقي عموما". وقال مصدر نفطي عراقي فضل عدم الكشف عن اسمه ان "صادرات اقليم كردستان التي كانت تبلغ معدلاتها 150 الف برميل من النفط الخام يوميا، انخفضت في الاسبوعيين الماضيين الى حوالى 55 الف برميل في اليوم. وكان المسؤولين الاكراد وعدوا بايصال انتاج النفط في الاقليم الى 200 الف برميل بنهاية العام الحالي. ويرجح ان يكون سبب وقف الضخ هو خلاف الاقليم مع الحكومة المركزية في بغداد حول قانون النفط والغاز. دانت حكومة الاقليم الاثنين الماضي مشروع قانون النفط والغاز الذي وافقت عليه الحكومة المركزية في بغداد، وطالبت بسحبه. وقالت حكومة كردستان في بيان ان "رئاسة كردستان العراق تدين هذه المناورة وتطلب من مجلس الوزراء سحب هذا المشروع فورا لانه مخالف للدستور". واضاف البيان "اننا ندعو رئيس البرلمان الى رفض هذا المشروع الذي قدمته الحكومة والى مواصلة العمل التشريعي (على مشروع القانون المقدم في 2007) عبر الاخذ في الاعتبار تعديلات كافة الاطراف بما في ذلك تحفظات التحالف الكردي". ووافقت الحكومة العراقية في 28 اب/اغسطس على مشروع قانون حول النفط والغاز يرمي الى تنظيم انشطة ابرز مورد في البلاد بعد سنوات من الخلافات حول هذا الموضوع. والمشروع الذي يحتاج ايضا الى موافقة البرلمان، يتعين ان يدير قطاع المحروقات ويوزع مسؤوليات الانتاج بين بغداد والمحافظات. وتاخر التصويت على مثل هذا القانون منذ 2007 بسبب خلافات بين الحكومة المركزية في بغداد التي تامل في ان تكون لها اليد الطولى على ادارة موارد البلاد النفطية وبين السلطات في كردستان المنطقة الغنية بالمحروقات، التي تعتزم الاحتفاظ بالسيطرة على ثروتها.