مصطفى بكري: مصر موقفها واضح ومع حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره    أخبار الاقتصاد اليوم: وفاة رجل الأعمال عنان الجلالي مؤسس سلسلة فنادق هلنان العالمية.. بنك إنجلترا يثبت سعر الفائدة الرئيسي.. وأسعار السلع الغذائية بالأسواق    بعد ارتفاع أسهمها اليوم.. نيفيديا تواصل تصدر أكبر الشركات قيمة عالمياً    بوتين «لا يستبعد» احتمال تزويد كوريا الشمالية بأسلحة    زعيم جماعة الحوثي: استهدافنا 8 سفن حربية وتجارية قبالة سواحل اليمن هذا الأسبوع    كومان قبل قمة هولندا ضد فرنسا: نعلم ما ينتظرنا غدا    ضيوف خادم الحرمين الشريفين من حجاج قطاع غزة: المملكة خففت آلامنا وحققت آمالنا بالحج    يورو 2024| ظهر مرتديًا واقي وجه بعلم بلاده.. مبابي يقترب من المشاركة أمام هولندا    السياحة : نتابع حركة تفويج الحجاج إلى المدينة وتسكينهم بمقرات إقامتهم    قبل انطلاق دورته ال19.. كل ما تريد معرفته عن مهرجان موازين الدولي    صفارات الإنذار تدوى فى عدة مناطق بالجليل الأعلى شمال إسرائيل    في ذكرى وفاته.. الشيخ محمد صديق المنشاوي"صوتٌ لا ينطفئ"    «في بيتنا مسرح» عرض مسرحي في احتفالات ثقافة أسوان بعيد الأضحى    موعد نهاية إجازة عيد الأضحى 2024 للموظفين والعاملين بالدولة    "الزكاة والضريبة": 30 يونيو آخر موعد لإقرارات المنشآت المتجاوزة توريداتها السنوية 40 مليونًا    عاجل.. الكويت تقطع الكهرباء يوميًا بعد زيادة الأحمال وارتفاع الحرارة    كوهين: إذا انقطعت الكهرباء لساعات في إسرائيل فسينقطع التيار الكهربائي لشهور في لبنان    "أحببتكم وأخترتكم".. الأنبا ميخائيل يرسم شمامسة جددا بكنيسة الملاك بحلوان    بعد القرار الرئاسي بترميمه، جولة داخل ضريح الشيخ الشعراوي بمسقط رأسه بدقادوس (صور)    مصرع أم وطفلتها أسفل عجلات القطار بمركز ديروط بأسيوط    محافظ الدقهلية يكشف حقيقة قطع الأشجار بحديقة عروس النيل والحدائق العامه بالمنصورة    مصرع شابين في حادث انقلاب سيارة بدمياط    مدرب بيراميدز: استحققنا الفوز على بلدية المحلة    الشباب والرياضة: أكثر من 13.5 مليون مواطن ترددوا على مراكز الشباب في عيد الأضحى    منها «الجوزاء».. مواليد 4 أبراج فلكية من السهل إرضائهم    نجل الشيخ الشعراوي يوجه الشكر للرئيس السيسي لاهتمامه بحل مشكلة ضريح والدى    ضربة الشمس القاتلة.. كيف تسببت درجات الحرارة في وفاة مئات الحجاج؟    انفراجة فى توافر الأدوية بالصيدليات.. تحرير سعر الصرف ساعد فى تأمين النواقص    مجازر الغربية تستقبل 1186 رأس ماشية خلال أيام عيد الأضحى المبارك    فرحة العيد لسه مكملة.. إقبال على الملاهي بحدائق كفر الشيخ للاحتفال    الأقصر.. توقيع كشف طبي على المواطنين في أرمنت ضمن خدمات عيد الأضحى    ما حكم زيارة أهل البقيع بعد الانتهاء من أداء مناسك الحج؟.. الإفتاء توضح    "تجاهلوا الرد".. أتشمبونج يهدد الزمالك بشكوى جديدة    رابطة الأندية: إحالة تقرير حكم مباراة الزمالك والمصري للجنة الانضباط    نتائج الصف التاسع اليمن 2024 صنعاء وزارة التربية والتعليم بالاسم ورقم الجلوس بالدرجات.. موقع www yemenexam com    تنسيق الجامعات.. تعرف على برنامج التصميم المعماري والعمراني المستدام بجامعة حلوان    سرايا القدس: نخوض اشتاباكات عنيفة مع جنود الاحتلال في رفح    عودة بطولة الأفروآسيوية.. مواجهة منتظرة بين الأهلي والعين الإماراتي    هيئة الدواء المصرية توضح العلاقة بين تناول اللحوم والإمساك    رومانيا: تبرعنا لأوكرانيا بمنظومة باتريوت مشروط بحصولنا من الناتو على مثلها    عاجل.. موقف وسام أبو علي النهائي من المشاركة أمام الزمالك في القمة    إنهاء قوائم الانتظار.. إجراء مليونين و245 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة    وفد من الأهلي يعزي أسرة نورهان ناصر التي لقيت مصرعها بعد مباراته مع الاتحاد السكندي    ياسر الهضيبي: ثورة 30 يونيو ستظل نقطة مضيئة في تاريخ مصر    التعليم الفلسطينية: أكثر من 600 ألف طالب بغزة حرمهم الاحتلال من استكمال الدراسة    إجراء اختبارات إلكترونية ب147 مقررًا بجامعة قناة السويس    ضبط عاطلين بحوزتهما كمية من مخدر الحشيش بالمنيرة    5 ملايين في 24 ساعة.. ضربة جديدة لتجار السوق السوداء    7 ضوابط أساسية لتحويلات الطلاب بين المدارس    مصدر: لا صحة لإعلان الحكومة الجديدة خلال ساعات    في يومهم العالمي.. اللاجئون داخل مصر قنبلة موقوتة.. الحكومة تقدر عددهم ب9 ملايين من 133 دولة.. نهاية يونيو آخر موعد لتقنين أوضاعهم.. والمفوضية: أم الدنيا تستضيف أكبر عدد منهم في تاريخها    تركي آل الشيخ عن فيلم عمرو دياب ونانسي عجرم: نعيد ذكريات شادية وعبدالحليم بروح العصر الجديد    لمرضى القلب العائدين من مناسك الحج.. إرشادات من المجلس الصحى السعودى    طواف الوداع: حكمه وأحكامه عند فقهاء المذاهب الإسلامية    عاجل - "الإفتاء" تحسم الجدل.. هل يجوز أداء العمرة بعد الحج مباشرة؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 20-6-2024    هل يسمع الموتى من يزورهم أو يسلِّم عليهم؟ دار الإفتاء تجيب    الركود يسيطر على سوق الذهب وإغلاق المحال حتى الإثنين المقبل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تونس: الصدامات القبلية مظهر لضعف الدولة أم أدوار مضادة للثورة؟
نشر في مصراوي يوم 16 - 07 - 2011

أعلنت وسائل اعلام تونسية هذا الأسبوع ان السلطات فرضت حظرا للتجول ليلا في مدينة قفصة جنوب تونس، وذلك في أعقاب اشتباكات وقعت بين سكان محليين في سوق شعبي أدت إلى جرح العديد من المواطنين، واضطرت قوات الجيش للتدخل لتفريق المشتركين في المصادمات. وليست هذه المرة الأولى التي تشهد فيها المنطقة اشتباكات منذ قيام الثورة التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي في 14 يناير/كانون الثاني الماضي. فقد شهدت منطقة المتلوي المجاورة لمدينة قفصة بدورها خلال شهري مار/ذار ومايو /ايار الماضيين اشتباكات على خلفية نزاعات بين سكان محليين من انتماءات قبلية وعروشية مختلفة.
وتأتي هذه الأحداث بشكل يتعارض مع انتظارات التونسيين وأجواء التآزر التي سادت فيما بينهم إبان الثورة وبعدها، وقد ظهر ذلك إبان هروب بن علي عندما شكل الأهالي لجانا شعبية تحمي أمن الأشخاص والممتلكات، لكن يبدو أن هذه النظرة قُضوت في ظل ما حدث في الفترة الأخيرة من أحداث دامية بين عروش في مدينة المتلوي المنجمية وقفصة عاصمة الولاية(المحافظة)الواقعة جنوب غرب تونس.
ويخشى محللون من تطور هذه الصراعات المحلية إلى ما يشبه نزاعات"طائفية" تهدد النسيج الاجتماعي في تونس وتدفع نحو زيادة انغلاق بعض الجهات ودخولها في «غيتوهات» اجتماعية و جغرافية، كما تقول الباحثة التونسية إقبال الغربي.
ومن جهته يعتقد الناشط النقابي فاتح بويحي في منطقة المتلوي بأن تجاوز هذه الصراعات إذا تم حل المشاكل الاجتماعية والقائمة وتشجيع مبادرات المصالحة بين فئات السكان المتصارعين والاعتماد على المجتمع المدني لتوعية السكان بمفهوم الدولة المدنية الحديثة والتخلي عن النعرات القبلية.
شغب ونعرات قبلية
فقد عاشت مدينة قفصة قبل يومين أحداث شغب ومصادمات بين سكان محللين استعملت خلالها السيوف والمدى والعصي والحجارة، وشلت تلك الأحداث الحياة الاقتصادية والادارية في المدينة. وقبل أشهر قليلة شهدت مدينة المتلوي أعمال شغب بين السكان بسبب الاحتقان المتواصل بين عروش المنطقة، ما اعتبره عدد من المحللين بعودة مظاهر "النعرات القبيلة" التي كانت سائدة قبل استقلال البلاد والتي كانت تغذيها سلطات الاستعمار الفرنسي، حيث كانت القبلية هي البنية الاجتماعية والسياسية المهيمنة في المجتمع التونسي.
ويقول عدد من أهالي المنطقة أن هذه الأحداث تقف وراءها أطراف تسعى لإثارة الفتنة والفوضى من خلال بث الإشاعات، خاصة حول طريقة انتداب لشركة فوسفاط قفصة التي تشغل أغلبية أهالي الجهة، فإن هذا لم يمنع أن الأشهر الأخيرة عرفت صراعات عروشية (قبلية). ويرى حسن مرزوقي وهو إعلامي و باحث في مجال الحضارة، من مدينة الرديف التابعة إلى ولاية قفصة في حوار مع موقع دويتشه فيله :" لقد كان الصراع موجودا بطبعه في مدينة المتلوي وفي مناطق الحوض المنجمي(منطقة مناجم الفوسفاط) .لكنه كان صراعا من اجل المناصب السياسة في عهد الرئيس المخلوع بن علي ثم تحول بعد الثورة إلى صراع من اجل الخبز والبقاء. لذلك وصل إلى ذلك الحد من الضراوة".
وأضاف مرزوقي ان "الأحداث الدامية في مدينة المتلوي جاءت على خلفية حصص الانتدابات المرتقبة صلب شركة فوسفاط قفصة والتي يتمكن السكان من خلالها إلى الوصول إلى الوظائف أو المراكز المرموقة بموجب التوزيع العشائري." ويلقي المرزوقي المسؤولية في ما حصل التدخل الأمني في بداية المشاكل التي اندلعت في مدينة المتلوي، وأشار بأن المتلوي التي تحتوي اكبر احتياطي من الفوسفاط "أفرغت من نخبها و تم التآمرعليها عبر حرمانها من كل أشكال التنمية وهو ما أسس أرضية خصبة لكل الصراع الدائر فيها".
لكن وليد خالدي أستاذ الانكليزية في مدينة المتلوي يقول في حديث لموقع دويتشه فيله :"لقد جاء التدخل الأمني متأخرا جدا بعد أن سالت الدماء في المدينة، لكن الأدهى والأكثر غرابة هو أن هناك أطرافا قامت بتسليح العروش وبثت فيها الفتنة. فالصراعات كانت موجودة بشكل سلمي لكن هناك أطرافا دفعت بها نحو هذا الوضع الكارثي الذي فاجئنا جميعا وعشنا من خلاله ليالي من الرعب والخوف ." في إشارة لقوى من بقايا نظام الرئيس الخلوع قد تكون وراء تأجيج مشاعر الغضب لدى السكان، بهدف زرع حالة الانفلات الأمني في البلاد.
غابت الدولة فحضرت "العروشية"
ويقول الباحث في الحضارة حسن مرزوقي أن بورقيبة وبعده زين العابدين بن علي حاولا السيطرة على العروش في جنوب البلاد التونسية من خلال السيطرة على كبارها و إقحامهم في العمل السياسي والصراع من اجل المناصب السياسية .لكن ذهب الحزب وبقي مفهوم الصراع . ولئن وظفت الدولة العروشية لخدمة سياستها والدفاع عن الحزب الواحد، غير أنها لم تنجح على ما يبدو، في الحفاظ على مفهوم الدولة لدى السكان المحليين الأمر الذي فتح الباب للصراع القبلي كي يطفو من جديد على السطح .
ولعل هذا ما ينحو بالنقابي فاتح بويحي من "عرش بويحي" احد ابرزعروش مدينة المتلوي إلى أن يصرح في حوار له مع موقع دويتشه فيله :"المشكلة في المتلوي هي غياب الوعي وغياب مؤسسات المجتمع المدني التي يمكن أن تحمي من التأثر الكبير بالتحريض الذي تعرضت له العروش في مدينة المتلوي. فكثرة البطالة والتراكمات التاريخية من تهميش المنطقة جعل الأمور تصل إلى هذا الحد من الدموية..." ويستدرك بويحي قائلا إن القبلية في منطقة المتلوي كادت تندثر لكن البطالة التي تطال جل سكان المتلوي هي التي دفعت بهم إلى مثل هذا الصراع الدموي ذو الطابع العروشي.
وبرأي الباحثة إقبال الغربي فإن العائدات المالية المهمة التي تجنيها خزينة الدولة من صادرات الفوسفاط، يثير تساؤلات مشروعة لدى السكان حول حقوقهم في هذه الثروة وقالت الباحثة التونسية: "كيف ندعو شباب المتلوي إلى احترام قوانين الجمهورية وقد حرم آباؤهم من ميزاتها وجردوا من حقوقها؟ وكيف نقنع أبناء المتلوي بالحفاظ على الممتلكات المكتسبات بينما وقع التعامل مع هذه الجهات المحرومة والمنكوبة بذهنيّة الغنيمة".
وأشارت الباحثة ان منطق الغنيمة كان سائدا في تعامل السلطات المركزية مع هذه المنطقة منذ عهد حكم البايات(العثمانيون) في تونس حيث كانوا ينتزعون منها الجباية بالقوة. واضافت ان شركة فوسفاط قفصة تمت إقامتها خلال حقبة الحماية الفرنسية على أراضي منتزعة غصبا من السكان المحليين دون أدنى تعويضات ولا امتيازات، وصولا إلى الدولة الوطنيّة التي تعاملت مع أهلها على أنّهم «أهل حِراب» لا يصحّ معهم إلاّ التمييز والشدّة والتفقير والتهميش؟"
مبروكة خذير- تونس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.