احتشد ألوف المصريين في ميدان التحرير بوسط القاهرة ومدن أخرى يوم الجمعة للمطالبة بالاسراع بالاصلاحات السياسية وبمحاكمة المسؤولين السابقين في حكومة الرئيس المخلوع حسني مبارك الذي يواجه اتهامات بالفساد والقتل. وشدد المحتجون على محاكمة من قتلوا المتظاهرين الذين سقطوا خلال الانتفاضة التي أسقطت مبارك في فبراير شباط وزاد عددهم على 846 قتيلا في القاهرة وعدد من المحافظات. وساندت معظم الجماعات والاحزاب السياسية ومن بينها جماعة الاخوان المسلمين - أكثر الجماعات السياسية تنظيما في مصر - الدعوة الى تنظيم احتجاجات يوم الجمعة في مختلف أنحاء مصر. واكتظ ميدان التحرير عن اخره قبل صلاة الجمعة مما أنبأ بأن الاحتجاج هو الاكبر منذ الاطاحة بمبارك يوم 11 فبراير شباط. ولاول مرة في مظاهرة بعد سقوط مبارك تولت لجان من المتظاهرين تفتيش القادمين الى ميدان التحرير قبل أن يدخلوا الميدان والتأكد من أنهم لا يحملوا أسلحة. واحتشد ألوف المتظاهرين في مدن الاسكندريةوالسويسودمياطوالمنياودمنهور وشرم الشيخ التي ينزل مبارك في مستشفى للعلاج بها في انتظار محاكمته التي ستبدأ في الثالث من أغسطس اب. وطالب مئات المتظاهرين أمام مستشفى شرم الشيخ الدولي بطرد مبارك من المدينة مرددين هتافات تقول "يللا (هيا) يللا يا مبارك اطلع بره" و"بيقولوا عنده اكتئاب علشان يهرب م الحساب" و"أول مطلب لجنوب سينا رحيل مبارك من أراضينا". وقال المتظاهرون انهم غير متأكدين من وجود مبارك في المستشفى لكن الحراس منعوا متظاهرا من الدخول قال انه يريد أن يتأكد من وجود مبارك. ودرجت صحف محلية على نشر تقارير عن اصابة مبارك (83 عاما) بالاكتئاب خلال تطورات قضيته المتهم فيها ولداه علاء وجمال أيضا بتهم تتصل باستغلال النفوذ والرشوة. ونشر في صحف محلية أكثر من مرة أن مبارك غادر شرم الشيخ وهي أهم مدن محافظة جنوبسيناء الى السعودية لكن المجلس الاعلى للقوات لمسلحة نفى ذلك. وقالت لافتة في ميدان التحرير الذي كان مركزا للانتفاضة التي استمرت 18 يوما وأطاحت بمبارك بعد 30 عاما في السلطة "القصاص من قتلة الشهداء". وقالت لافتة أخرى "الثورة ما زالت مستمرة ولن تدرك النجاح الا بعد محاكمة السفاحين والفاسدين". واحتج أقارب القتلى واخرون هذا الاسبوع بعد أن أفرجت محكمة بكفالة عن عدد من ضباط الشرطة يواجهون المحاكمة بتهمة قتل المتظاهرين. وفي الاسكندرية على البحر المتوسط قال خطيب الجمعة الشيخ أحمد المحلاوي الذي ينتمي لجماعة الاخوان المسلمين في مسجد القائد ابراهيم "لا يملك أي أحد التنازل عن دماء الشهداء الذين نزلوا الى الميادين ودفعوا حياتهم ثمنا لمبادئهم." وقال "نحن في حاجة لمراجعة أنفسنا." وردد نشطاء وأعضاء في أحزاب سياسية ونقابات مهنية في المدينة هتافات تقول "بلطجية بلطجية هي وزارة الداخلية" و"معتصمين معتصمين مسلمين ومسيحيين" و"يا طنطاوي كفاية عليك.. ثقة الشعب اتهزت فيك" في اشارة الى المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد منذ اسقاط مبارك. كما هتفوا "اللي لسه بيحمي مبارك عمره ما يحمي داري ودارك". وقتل عشرات المتظاهرين خلال الانتفاضة في الاسكندرية. وفي مدينة السويس تجمع ألوف المتظاهرين في ميدان الاربعين ووضعوا صور قتلى الانتفاضة في المحافظة على منصة خطابة. ورددوا هتافات تقول "هنوريهم الغضب.. هنعلمهم الادب" و"ايدي في أيدك بالحديد.. ثورة من أول وجديد". ويوم الاربعاء رشق المئات من سكان السويس - التي شهدت أحد أكثر الاحداث عنفا خلال الانتفاضة - مباني حكومية بالحجارة في رد فعل على اخلاء سبيل الضباط على ذمة القضية. وردد المتظاهرون في المدينة اليوم هتافا يقول "يسقط يسقط المشير". ومع ذلك تقدمت قوات من الجيش حاملة صناديق من الورق المقوى بها زجاجات مياه مثلجة وزعتها على المتظاهرين. وظل طنطاوي وزيرا للدفاع لنحو عقدين من الزمن في عهد مبارك وما زال يشغل المنصب. وقال ايهاب محمد محمود (36 عاما) الذي يقوم بتفتيش الداخلين الى ميدان التحرير "نريد أن نغير كل شيء. النظام القديم أفسد كل شيء. نريد تغيير الحكومة والمسؤولين والمشير أيضا. المشير جزء لا يتجزأ من النظام القديم." لكن متظاهري جماعة الاخوان التي تريد أن يوفي الجيش بوعده المتعلق باجراء الانتخابات التشريعية في سبتمبر أيلول تجنبوا الهتاف ضد طنطاوي. وتتوقع الجماعة أن تحصل على عدد كبير من مقاعد مجلسي البرلمان الشعب والشورى. وكما كان الحال في الاحتجاجات السابقة منذ سقوط مبارك كان للالاف الذين تجمعوا مطالب سياسية لكن ساد مزاج احتفالي أيضا اذ اصطحب اباء أولادهم الذين رسموا العلم المصري على وجوههم بألوانه الحمراء والبيضاء والسوداء. وقال الاعلامي حمدي قنديل في كلمة بالميدان "أخطأنا عندما غادرنا الميدان (بعد سقوط مبارك) قبل أن تتحقق أهداف الثورة." وتطالب عدة جماعات بالاعتصام في ميدان التحرير اعتبارا من يوم الجمعة. وفي مدينة دمياط التي تقع على البحر المتوسط شارك المئات في مظاهرة في ميدان الساعة رددوا خلالها هتافات تقول "لن نساوم على دمك يا شهيد.. القصاص هو الحل الوحيد" و"اقتلوا فينا كمان وكمان تحيا الثورة في الميدان" و"هاتوا فلوسنا من الحرامية.. مصر تبقى مية المية". ومنذ اسقاط مبارك صدرت أحكام بالسجن والغرامة وبرد مئات الملايين من الجنيهات (عشرات الملايين من الدولارات) ضد وزراء ومسؤولين في حكومة مبارك ورجال أعمال. وفي مدينة المنيا عاصمة محافظة المنياجنوبيالقاهرة نظم المئات مسيرة الى مبنى المحافظة ورددوا هتافات يقول أحدها "يا شهيد نام واتهنا احنا في نار وانت في جنة". وحملوا صور أربعة من أبناء المحافظة سقطوا قتلى في الانتفاضة. وشارك ألوف من أعضاء جماعة الاخوان المسلمين والنشطاء في مظاهرة في مدينة دمنهور عاصمة محافظة البحيرة بدلتا النيل. وقال بيان لائتلاف شباب الثورة "تمر الايام والاسابيع ويتعاظم القلق في نفوس المحبين لهذا الوطن... ازاء ما يلمسونه من تباطؤ وتراخ في الحسم واجتثاث جذور الفساد." ووضع الائتلاف قائمة طلبات من بينها الدعوة لفصل ضباط الشرطة الذين استخدموا العنف ضد المحتجين واقالة مسؤولين في الحكومة الجديدة أخفقوا في تنفيذ الوعود الثورية. كما دعا الائتلاف الى وقف محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية. وأطلقت عدة تسميات على مظاهرات يوم الجمعة أبرزها "جمعة الثورة أولا" و"جمعة تحديد المصير". (شارك في التغطية سعد القرش وسعد حسين في القاهرة) من محمد عبد اللاه وياسمين صالح