لم يكد يمر 21 يومًا على وداع الشاب "علي بكري" لأهله في قرية السعيدية باحثًا عن "لقمة العيش"، حتى عاد إليهم الخبر فاجعة. تحولت 6 قرى (ترسا، نقاليفة، الرافعي، أبو ناعورة، السعيدية، وعليوة) بمركز سنورس في محافظة الفيوم إلى سرادق عزاء مفتوح، بعد تأكد نبأ مصرع 8 من شبابها في حادث مروري مروع بمدينة جدة السعودية، لا يزال اثنان من ضحاياه يصارعان الموت. تفاصيل الرحلة الأخيرة كشف الدكتور شريف عيد، أحد أقارب الضحايا، تفاصيل اللحظات الأخيرة، حيث كانت سيارة نقل تقل 10 عمال مصريين في طريقهم لمقر عملهم بجدة. وأثناء محاولة السائق الدوران للخلف على أحد الطرق الرئيسية، اصطدمت بهم سيارة نقل ثقيل، ما أسفر عن مصرع 8 عمال في الحال، وإصابة اثنين آخرين بإصابات خطيرة نُقلا على إثرها للمستشفى. قصص مبتورة وأحلام لم تكتمل تنوعت قصص الضحايا لكن النهاية كانت واحدة. يروي "عيد" مأساة ابن قريته "ترسا"، الضحية عيد رمضان غياض (42 عامًا)، الذي سافر ليعول زوجته وأبناءه الأربعة (جميعهم في مراحل التعليم)، لكنه فارق الحياة تاركًا خلفه أسرة بلا عائل. وفي مشهد مأساوي آخر، يسرد الدكتور أحمد برعي قصة الشاب علي بكري عبد الله الجابري من قرية "السعيدية"، الذي غادر مصر منذ 21 يومًا فقط ليعمل في مهنة "مبيض محارة"، فلم يمهله القدر ليجني ثمار غربته. وقد خيم الحزن على قرية "نقاليفة" التي فقدت اثنين من شبابها سافرا سويًا قبل 4 أشهر، وهما: أحمد عبد العليم عبد الله (31 عامًا)، متزوج وأب لثلاثة أطفال، وإسلام سعيد عبد الحميد (23 عامًا)، اللذان خرجا سعيًا وراء الرزق. وتضمنت قائمة الضحايا أيضًا: عبد الرحمن سعيد محمد سليمان من قرية "الرافعي"، وعمرو محمد سيد حسان من قرية "أبو ناعورة". استغاثة لعودة الجثامين وفي خضم الصدمة، وجه الحاج أحمد عبد الفتاح، من أهالي قرية نقاليفة، نداءً إنسانيًا عاجلًا للرئيس عبد الفتاح السيسي، مطالبًا بتدخل الدولة لإعادة جثامين الضحايا. وأكد "عبد الفتاح" أن الأسر المكلومة تعيش مأساة مضاعفة؛ ألم الفقد، والعجز المادي عن تحمل تكاليف نقل الجثامين، قائلًا: "الأهالي لا يملكون المال، وكل أملهم أن يدفنوا أبناءهم في قراهم بجوار آبائهم وأجدادهم".