لم تكن تعلم سلمى بهجت، الطالبة الجامعية في مدينة الزقازيق، أن رفضها لشاب زعم حبه سيقودها إلى فاجعة هزت مصر بأكملها عام 2022. من هنا بدأت فصول قصة "فتاة الشرقية" المأساوية، والتي تكشفت تفاصيلها تباعًا أمام القضاء، لتنتهي اليوم بقرار نهائي من محكمة النقض بإعدام قاتلها، إسلام محمد. كان إسلام زميلًا لسلمى في الجامعة، وزعم أنه يكن لها مشاعر عاطفية، لكن سلمى وأسرتها رفضوا هذه العلاقة لما رأوه من "شذوذ في أفكاره وسوء سلوكه"، بحسب بيان النيابة العامة، هذا الرفض لم يتقبله إسلام، وتحول في عقله المريض إلى رغبة جامحة في الانتقام. لم يكتفِ إسلام بالتهديدات التي أرسلها لسلمى وبعض أفراد أسرتها، بل بدأ في التخطيط لجريمته بدقة، بعدما راقب تحركاتها، وعلم بمواعيد ترددها على الجريدة التي كانت تتلقى فيها تدريبات، وفي يوم 8 أغسطس 2022، سبقها إلى العقار، واشترى سكينًا من أحد المحال القريبة، وتربص بها في مدخل المبنى، وما إن وصلت، حتى انقض عليها وسدد لها 19 طعنة قاتلة، وفقًا لما ذكره محامي الضحية. شاهدة العيان الأولى في القضية كانت صديقة مقربة لسلمى، وكانت تتدرب معها في نفس الجريدة، كشفت اللحظات الأخيرة قبل وقوع الجريمة، وكيف اتصلت بها سلمى وطلبت منها النزول لمقابلتها على سلم العقار، وبينما كانت الصديقة تنزل، صعقت برؤية إسلام يمسك بالسكين وينهال طعنًا على صديقتها، وهو يردد عبارات بشعة مثل "موتي يا فاجرة"، كما كشف ممثل النيابة العامة خلال مرافعته. بعد القبض على إسلام، اعترف بجريمته خلال استجوابه في تحقيقات النيابة العامة، وكرر اعترافه أمام هيئة المحكمة في أولى الجلسات، قائلًا ببرود: "أيوة يافندم كنت بحبها وتخلصت منها". لكن دفاع المتهم حاول التشكيك في سلامة قواه العقلية، مطالبًا بعرضه على مستشفى الأمراض النفسية، واستند الدفاع إلى واقعة حجز المتهم في مصحة لمدة عشرة أيام بناء على رغبة والده. خلال ثالث جلسات المحاكمة، فجر ممثل النيابة العامة مفاجآت جديدة، كشف عن تعاطف المتهم مع قاتل نيرة أشرف، مشيرًا إلى أنه "شبه نفسه به وتشجع لتنفيذ جريمته بقتل سلمى بهجت، بسبب تعاطف البعض مع قاتل نيرة أشرف وتداول معلومات خاطئة". وأضاف أن المتهم بدأ يحذر سلمى بأنها ستنال جزاء "فتاة المنصورة" (نيرة أشرف) إذا ابتعدت عنه، وظل يتتبعها لتنفيذ مخططه. كما وصفت النيابة المتهم بأنه "ملحد ويسيطر عليه حب التملك والاستحواذ حتى سيطر الشيطان عليه وهيأ له خيالات وهمية"، وأشارت إلى أنه كان ينوي تنفيذ الجريمة في حرم الجامعة يوم مناقشة مشروع تخرج سلمى، مستلًا "مطواة" على غرار جريمة نيرة أشرف، إلا أنه فشل في ذلك اليوم بسبب وجود والد سلمى معها. وكشفت النيابة عن تفاصيل مكالمة هاتفية بين المتهم ووالدته عقب ارتكاب الجريمة، حيث أخبرها بفعلته، كما أكدت أن المتهم كان "شابًا ساخطًا على مستوى معيشته وغير راضٍ عن أسرته، وسعى لجذب الناس من حوله للظهور والاختلاف، ووجد نفسه مع أصدقاء السوء وقرأ في الأفكار الشاذة والمعتقدات الضالة". حسم تقرير مستشفى الأمراض العقلية بالعباسية الجدل حول سلامة قوى المتهم العقلية، وأكد التقرير بشكل قاطع أنه "لا يوجد لديه في الوقت الحالي ولا وقت الواقعة محل الاتهام أي أعراض تدل على وجود اضطراب نفسي وعقلي، ولا ينقصه الإدراك والاختيار وسلامة قواه العقلية ويستطيع التمييز والحكم الصائب للأمور ومعرفة الخطأ والصواب ما يجعله مسئولًا عن الاتهام المنسوب إليه". بناءً على الأدلة القوية واعتراف المتهم وتقرير الطب النفسي، أصدرت محكمة جنايات الزقازيق حكمها بالإعدام شنقًا على إسلام محمد، ولم يرتضِ دفاع المتهم بهذا الحكم، وتقدم بطعن أمام محكمة النقض، واليوم، جاء قرار محكمة النقض ليؤكد حكم الإعدام، رافضًا طعن الدفاع، وبهذا القرار النهائي، يُسدل الستار على القضية التي هزت قلوب المصريين. اقرأ أيضًا: لحظة النطق بالحكم.. كيف ظهر المتهم بقتل سلمى بهجت فتاة الشرقية داخل القفص؟ الإعدام شنقًا لقاتل سلمى بهجت فتاة الشرقية