وزير «الصحة» يعتمد خطة التأمين الطبي الشاملة لإنتخابات مجلس النواب 2025    محافظ الإسكندرية يتفقد مقار اللجان الانتخابية استعدادًا لانتخابات مجلس النواب    أوقاف شمال سيناء تناقش "خطر أكل الحرام.. الرشوة نموذجًا"    مدبولي: استثمرنا نصف تريليون دولار في البنية التحتية.. وحياة كريمة تغطي 60 مليون مواطن    المعهد القومي للاتصالات يعقد مؤتمر لدور الذكاء الاصطناعي فى دعم التنمية المستدامة    أهالي «علم الروم»: لا نرفض مخطط التطوير شرط التعويض العادل    فحص إسرائيلي يؤكد تسلم رفات الضابط هدار جولدن من غزة    الخارجية الباكستانية تتهم أفغانستان بالفشل في اتخاذ إجراءات ضد الإرهاب    مانشستر سيتي يكتسح ليفربول بثلاثية في الدوري الإنجليزي    تموين القاهرة: التحفظ على كميات كبيرة من الدقيق المدعم وتحرير 339 مخالفة    التصريح بدفن جثمان معلم أزهري قُتل أثناء الصلاة داخل مسجد بقنا    13 فيلما مصريا في الدورة ال46 لمهرجان القاهرة السينمائي    نجوم الفن يقدمون واجب العزاء في والد الفنان محمد رمضان    قراءة صورة    «ما تجاملش حد على حساب مصر».. تصريحات ياسر جلال عن «إنزال صاعقة جزائريين في ميدان التحرير» تثير جدلًا    هل يجب على الزوجة أن تخبر زوجها بمالها أو زكاتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    هل يجوز الحلف ب«وحياتك» أو «ورحمة أمك»؟.. أمين الفتوى يُجيب    محافظ الغربية في جولة مفاجئة بمستشفى قطور المركزي وعيادة التأمين الصحي    عمرو سعد وعصام السقا يقدمان واجب العزاء في والد محمد رمضان    غدًا.. وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة فى لقاء خاص على القاهرة الإخبارية    التصريح بدفن جثمان معلم أزهري لقي مصرعه أثناء أداء صلاته بقنا    قتل وهو ساجد.. التصريح بدفن جثة معلم أزهرى قتله شخص داخل مسجد بقنا    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    هل يذهب من مسه السحر للمعالجين بالقرآن؟.. أمين الفتوى يجيب    زيلينسكي يفرض عقوبات ضد مسئولين روس بينهم رئيس صندوق الإستثمار المباشر    حفاظا على صحتك، تجنب الإفراط في تناول الخبز والسكريات ومنتجات الألبان    افتتاح قمة الاتحاد الأوروبي وأمريكا اللاتينية وسط قلق بسبب التحركات العسكرية الأمريكية    شريف فتحي يشارك في الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة بالسعودية    الخبرة تحسم الفائز.. الذكاء الاصطناعي يتوقع نتيجة نهائي السوبر بين الأهلي والزمالك    استعدادات أمنية مكثفة لتأمين انتخابات مجلس النواب 2025    حزب السادات: مشهد المصريين بالخارج في الانتخابات ملحمة وطنية تؤكد وحدة الصف    بيحبوا يثيروا الجدل.. 4 أبراج جريئة بطبعها    الخزانة الأمريكية ترفع العقوبات عن الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب    أخبار السعودية اليوم.. إعدام مواطنين لانضمامهما إلى جماعة إرهابية    الشروط الجديدة لحذف غير المستحقين من بطاقات التموين 2025 وتحديث البيانات    توقيع مذكرة تفاهم لدمج مستشفى «شفاء الأورمان» بالأقصر ضمن منظومة المستشفيات الجامعية    راحة 4 أيام للاعبي الاتحاد السعودي بعد خسارة ديربي جدة    المستشارة أمل عمار تدعو سيدات مصر للمشاركة بقوة في انتخابات مجلس النواب 2025    محافظ بني سويف ورئيسة المجلس القومي للطفولة والأمومة يفتتحان فرع المجلس بديوان عام المحافظة    زلزال قوي يضرب الساحل الشمالي لليابان وتحذير من تسونامي    المشاط: ألمانيا من أبرز شركاء التنمية الدوليين لمصر.. وتربط البلدين علاقات تعاون ثنائي تمتد لعقود    علاج مجانى ل1382 مواطنا من أبناء مدينة أبو سمبل السياحية    أحمد سعد يتألق على مسرح "يايلا أرينا" في ألمانيا.. صور    رئيس الجامعة الفيوم يستقبل فريق الهيئة القومية لضمان جودة التعليم    رئيس البورصة: 5 شركات جديدة تستعد للقيد خلال 2026    ضبط تشكيل عصابي لتهريب المخدرات بقيمة 105 مليون جنيه بأسوان    امتحانات الشهادة الإعدادية للترم الأول وموعد تسجيل استمارة البيانات    «زي كولر».. شوبير يعلق على أسلوب توروب مع الأهلي قبل قمة الزمالك    وجبات خفيفة صحية، تمنح الشبع بدون زيادة الوزن    مئات المستوطنين يقتحمون باحات المسجد الأقصى والاحتلال يواصل الاعتقالات في الضفة الغربية    قافلة «زاد العزة» ال 68 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    انتخابات مجلس النواب 2025.. اعرف لجنتك الانتخابية بالرقم القومي من هنا (رابط)    الزمالك كعبه عالي على بيراميدز وعبدالرؤوف نجح في دعم لاعبيه نفسيًا    التشكيل المتوقع للزمالك أمام الأهلي في نهائي السوبر    طولان: محمد عبد الله في قائمة منتخب مصر الأولية لكأس العرب    معلومات الوزراء : 70.8% من المصريين تابعوا افتتاح المتحف الكبير عبر التليفزيون    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    أحمد جعفر: تريزيجيه اكتر لاعب سيقلق دفاع الزمالك وليس زيزو وبن شرقي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حين صارت الحياة منصة "سوشيال" كبيرة ! ..
نشر في مصراوي يوم 14 - 10 - 2022

تحول دال كبير في قدرة البشر في مختلف أرجاء الكون على الحكي في كل وقت ومكان وبلا حدود سوى ما يضعونه لأنفسهم مختارين، ثم ينمو كل ذلك أو بعضه أو حتى يسكن أو يصمت بما يراه الجمهور قابلا المتابعة والتشجيع فيزداد حضورا وصخبا أو ما يراه دون ذلك فيخبو رويدا وتأفل معه سيرة من يكتبون، رهان جديد "عصري" على ذائقة الجمهور وتفضيلاته مهما كان رأي من ينتقدونها، حيث يصعد ويهبط المحتوى وصانعوه بمعدلات الإقبال لكل تدفق نوعي من هذا المحتوى المنهمر عبر جغرافيا البشر، وحينئذ صارت فعلا لا كلاما تاريخيا قديما ماثلة تطبيقا كون الدنيا حقا قرية صغيرة في عدسة منصات التواصل الاجتماعي تجمع بين الشرق والغرب وبين كافة الأيديولوجيات ولا تفرق بين ألوان وأعراق ولا مذاهب وإنما يجتمع في ساحتها في رحابة وتسامح كما لم تعرف البشرية قط في تاريخها الطويل.
تكلم حتى أراك، ثم ضع تويتاتك وبوستاتك حتى أعرفك، ومن الشير واللايك ستتضح الصورة أكثر، وعبر توالي الأيام عبر التايم لاين سيكتمل رسم المعالم، هكذا علمتنا تجربة وحكمة منصات التواصل ومضت بنا، فرادى ومجموعات، ومنها عرفنا -لمن شاء أن يحلل ويدرس- تاريخ تحولات البشر بل والأمم ونوع الأفكار التي يلبسها البعض وعيا وقصدا، صدقا وزيفا، عبورا سريعا أو بقليل أو كثير من دوام، فشكلت سماوات منصات التواصل مصدرا يرتشف من أمطار حديثها وكلامها كثير من الناس حتى اعتقد كثيرون أنها صانعة صورة الحياة وأنها هي العالم بما يضمه من الأخبار وكل الحوادث وأنها بيت عموم الحكايات وأن ما سوى ذلك سدى أو يقرب من ذلك.
هكذا مضت منصات التواصل تصنع الأحداث وتؤطر القضايا، فتبرز ما تشاء بعد أن يحبه الناس جمّاً أو يفضلونه قليلا أو حتى يسخروا منه، في فضاءات اتساعات المنصات قد تجد كلاما ضخما وبكاء جما وتفاخرا بالحيازات وخواطر وتوقعات وحكايات وكذبا وصدقا ومآسي وتهريجا وكثيرا من دعاية تحتاج تاريخا لتفنيدها منحك الله العمر المديد، من صور النجمات يرحن ويمشين على السجادات الحمراء إلى بعض ما تقشعر له الأبدان ألما ويأسا، هل قليل علينا إذا ونحن نرى كل تلك التباينات متتالية متلاحقة ومتزامنة أن نفكر كثيرا فنحتار ويتخللنا بعض حزن شفيف؟
تتغذى بحيرات منصات التواصل بما يجود به مطر العواطف وتكبر بها، وتمضي لتكدس مشاعرنا آثارا جانبية شاركنا جميعا في صنعها.
في ساحات منصات التواصل تمضي الحياة يوم مر ويوم حلو ولو تأخر كثيرا، وعلي زواياها وعبر بروفايلاتها تتجلى الحكمة مقطرة، وأيضا الزهد وافرا، ويتنزل التقي جما في بعض أحاديث الناس ممن تعرف جيدا ولا تتحير كثيرا!، بينما العموم يصنعون بفرجتهم ومتابعاتهم وأيضا لايكاتهم بروزاً لأحداث وقضايا تصير "تريندات" يطلع عليها ضوء الشمس فتسيل تماما كما مكعبات الزبدة، هنا بشر الكون وبكامل وعيهم يصنعون زوايا النظر للأمور ويبنون بحضورهم نجوما ثم يأكلونهم عجوة بإدانات في الواقع نسوها وهم لازالوا يقتاتون خبز يومهم على المنصات، ليكتمل حضور الازدواج ممارسة نفسية وسلوكا، وتتجلى "التقية" في هذا الاتجاه وعكسه في ثوب عصري "سوشيالي" الطابع فريد.
حقا إن منصات التواصل هي ما يصنعه روادها وساكنو جغرافيتها بها، وهو ما يحتاج إلى دراسات كثيرة متلاحقة ومهمة ولا غنى عنها تتابع تغيرات ما أصاب سيكولوجيا وسلوك عموم البشرية حين صارت منصات التواصل سكنا – وكما تقول الإحصاءات الدولية – مجال العيش وموطن حياتهم الأصلي، حين يرفعون حدثا أو شخصا ليكون محورا ثم يخفضون غيره أو ينسونه فإذا انتبهوا أنكروا ما فعلوه سابقا، ليبقى السؤال الذي لم يعن كثراً بإجابته شمولا وفهما، ومن واقع نمو منصات التواصل في حياة البشر ألا وهو هل هي وتعبيراتها استطلاع طوعي بشأن اهتمامات الناس وما ينشغلون به ويفضلونه؟، حتى لو كان بسيطا وتافها في نظر البعض، أم أنه اصطناع لاهتمامات تحدث بمعزل عنهم، وتُغذي لهم بحكم كثافة حضورها لدى بوستات الآخرين؟.
جمعت منصات التواصل في فرادة تاريخية غير مسبوقة كما وكيفا بين مدونات ورأي النخب على اتساع دائرتها وبين مدونات عموم وآحاد الناس، أولئك الذين لايعرفهم سوى الأقربون منهم والأصدقاء، وأدخلت الجميع في بث فوري ومباشر وجماعي يحمل فيها التأثير من يملك الحكمة أو الطرفة أو الصورة الأبهى أو فرادة طرح المأساة أو الملهاة.
القضية المهمة التي يكشفها ويبلورها ضخامة تمدد نفوذ منصات التواصل إنما تكمن في محدودية أداء وتأثير كثير من وسائل الإعلام قياسا بها، حين تأخر طرحها وخفتت جاذبية عرضها وافتقدت سبق وإبداع الطرح، فاضطرت أو سهل عليها النقل والتبعية لما تطرحه منصات التواصل بمرها قبل حلوها، وأحيانا بسذاجتها قبل جديتها، ففضل الناس كثيرا الأصل، وظلت تساؤلات في العالم أجمع تطفو لتسأل عن شروط صناعة المحتوى المهني وكيفية العمل على بناء ثقة الرأي العام.
انتقال المبادرة من الميديا إلى منصات التواصل في كثير من أرجاء الصناعة في العالم تحول مهم كبير سيستمر كثيرا، هو تعبير عن أزمة متعددة الأبعاد في آداء وسائل الإعلام وسياقات عملها، تحتاج إلى بناء إطار جديد للعمل والصناعة وأنماط داعمة لاستمرار مهنة الإعلام بشروط عصرية لا تتجاهل انتقادا او تقليلا أثر ودور وتشكلات صناعة منصات التواصل ومحتواها ثم يجدر ألا تقلدها.
تستمر الحياة ويظل الناس على منصات التواصل هائمين، يشاهدون ويقرأون، يثرثرون ويخطبون، فإذا استيقظوا استعادوا بعضا من ذاكرة وخاصموا كثيرا مما كان من سيرتهم التي تشكلت حكايات وخيالات على صورة ماء بحيرات منصات التواصل التي تظل رغم ذلك تتدفق يقظة ومنامًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.