حكاية ديربي (8)- غضب "المادونينا" بدأ بانشقاق "إنتر ميلان" عن جسد "إيه سي ميلان"

ثنائي إنجليزي يؤسس لنادي في مدينة "ميلانو" بالعام 1899، لكن نظرًا لجنسية المؤسسين اتخذ النادي الاسم بالإنجليزية: "ميلان"، قبل أن تحتد على السطح نزعة قومية في إيطاليا، وتوجه نحو إقصاء الأجانب لحساب أهل البلد الأصليين، لتكون النتيجة بعد خلافات وانشقاقات تأسيس نادي "إنتر ميلان" في العام 1908 منافسًا ل"إيه سي ميلان"، وبداية لصراع تاريخي بين الناديين في أقدم وأقوى الديربيات في العالم.
"في هذه الليلة الرائعة تهدينا السماء ألوان شعارنا الأسود والأزرق.. سيكون اسمه العالمي (إنترناشيونال) لأننا أخوة في هذا العالم"
كتبت تلك الكلمات في البيان التأسيسي للنادي الوليد.. ولنشأته قصة.
كان نادي "ميلان لكرة القدم والكريكت" قطبًا وحيدًا في مدينة "ميلانو الإيطالية"، قبل أن ينشب صراعًا بين أعضاء النادي ال44 حول الاعتماد على لاعبين أجانب، ففي حين رفضت الأغلبية وجود أجانب بين صفوف الفريق مطالبة بنادي إيطالي خالص. رأت الأقلية أن إقصاء الأجانب نوعًا من التمييز والعنصرية ووجودهم يضيف إلى النادي ويقوي صفوفه، لينتهي الخلاف بإعلان مجموعة من اللاعبين الإيطاليين والسويسريين انفصالهم عما سمي فيما بعد "إيه سي ميلان"، وتكوينهم لنادي "إنترناسيونالي ميلانو" الذي عرف فيما بعد ب"إنتر ميلان".
ذاك الانشقاق أسس لتباين في الصورة والتوجهات، حصل مشجعي "إنتر ميلان" على لقب البرجوازيين، حيث كان مناصريه من الطبقات العليا في إيطاليا، أصحاب المال والأعمال الأجانب، حيث شوهد جمهوره يحضر إلى المدرجات بالسيارات الخاصة، بينما ناصر "إيه سي ميلان" الكادحين والعمال، وكانت وسيلة مواصلتهم الوحيدة إلى الملعب هي الترام.
للديربي أسماء عديدة؛ ديربي ميلانو؛ لانقسام مشجعي مدينة ميلانو الإيطالية بين الناديين، وديربي الغضب؛ تعبيرًا عن حدة الصراع بين لاعبي الفريقين في الملعب ومشجعيه خارجه، وديربي "ديلا المادونينا"؛ تكريمًا لتمثال مريم العذراء الموضوع على قمة كاتدرائية ميلانو، أحد المعالم الرئيسية في المدينة، والذي يطلق عليه "المادونينا".
رغم الصراع الخشن، والتنافس الشديد، ووصم اللاعبين ممن ينتقل بين الناديين بالخائن، كانت هناك استثناءات، مررها الجمهور رغم عدم امتنانه لها، كانتقال السويدي "زلاتان إبراهيموفيتش" من "إنتر ميلان" إلى "إيه سي ميلان"، والإيطالي "أندريا بيرلو" من "إنتر ميلان" إلى "إيه سي ميلان"، والهولندي "كلارينس سيدورف"، والفرنسي "باتريك فييرا".
لكن الشغب الجماهيري لا يغيب عن الديربي أبدًا.
كانت النتيجة تشير لتقدم "إيه سي ميلان" برباعية نظيفة في مباراة جمعتهما في العام 2001، قبل أن يقتحم مشجع لنادي "إنتر ميلان" الملعب ويتوجه صوب لاعبي الفريق المتقدم مطالبًا إياهم بالتوقف عن تسجيل الأهداف، لكن مباريات الديربي لا ترحم أبدًا، واصل المتقدم تسجيل الأهداف، لتنتهي المباراة بسداسية نظيفة.
بربع نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2005، كان "إيه سي ميلان" متقدمًا بهدف حتى الدقيقة 30، قبل أن يُلغي الحكم هدف التعادل لنادي "إنتر ميلان"، ويثار غضب جماهيره، حد إلقائهم الألعاب النارية على رؤوس لاعبي "إيه سي ميلان"، وإصابة حارس الأخير البرازيلي "ديدا"، ليضطر حكم المباراة إيقافها في الدقيقة 72، وعدم استكمالها على ملعب "سان سيرو"، واعتبار "إنتر ميلان" خاسرًا بنتيجة 3-0.