تعرف على أفضل أنواع سيارات شيفروليه    جامعة كولومبيا تعلن تعليق نشاط الناشطين المؤيدين للفلسطينيين    موعد صرف مرتبات شهر مايو 2024.. اعرف مرتبك بالزيادات الجديدة    إسرائيل تقرر خفض عدد المطلوب الإفراج عنهم لدى حماس    قوات الاحتلال تقتحم بلدة عنبتا شرق طولكرم    مباراة من العيار الثقيل| هل يفعلها ريال مدريد بإقصاء بايرن ميونخ الجريح؟.. الموعد والقنوات الناقلة    مائل للحرارة والعظمى في القاهرة 30.. حالة الطقس اليوم    ظهور خاص لزوجة خالد عليش والأخير يعلق: اللهم ارزقني الذرية الصالحة    تعرف على أسباب تسوس الأسنان وكيفية الوقاية منه    السيطرة على حريق هائل داخل مطعم مأكولات شهير بالمعادي    حبس 4 مسجلين خطر بحوزتهم 16 كيلو هيروين بالقاهرة    ثروت الزيني: نصيب الفرد من البروتين 100 بيضة و 12 كيلو دواجن و 17 كيلو سمك سنوياً    هل أكل لحوم الإبل ينقض الوضوء؟.. دار الإفتاء تجيب    العميد محمود محيي الدين: الجنائية الدولية أصدرت أمر اعتقال ل نتنياهو ووزير دفاعه    نيويورك تايمز: إسرائيل خفضت عدد الرهائن الذين تريد حركة حماس إطلاق سراحهم    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    طيران الاحتلال يجدد غاراته على شمال مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    محلل سياسي: أمريكا تحتاج صفقة الهدنة مع المقاومة الفلسطينية أكثر من اسرائيل نفسها    مجلس الدولة يلزم الأبنية التعليمية بسداد مقابل انتفاع بأراضي المدارس    حماية المستهلك: الزيت وصل سعره 65 جنيها.. والدقيق ب19 جنيها    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30 أبريل في محافظات مصر    تعرف على موعد إجازة عيد العمال وشم النسيم للعاملين بالقطاع الخاص    العثور على جثة طفلة غارقة داخل ترعة فى قنا    نظافة القاهرة تطلق أكبر خطة تشغيل على مدار الساعة للتعامل الفوري مع المخلفات    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    فتوى تحسم جدل زاهي حواس حول وجود سيدنا موسى في مصر.. هل عاصر الفراعنة؟    شقيقة الأسير باسم خندقجي: لا يوجد أى تواصل مع أخى ولم يعلم بفوزه بالبوكر    بين تقديم بلاغ للنائب العام ودفاعٌ عبر الفيسبوك.. إلي أين تتجه أزمة ميار الببلاوي والشيح محمَّد أبو بكر؟    د. محمود حسين: تصاعد الحملة ضد الإخوان هدفه صرف الأنظار عن فشل السيسى ونظامه الانقلابى    تراجع أسعار النفط مع تكثيف جهود الوصول إلى هدنة في غزة    فيديو| مقتل 3 أفراد شرطة في ولاية أمريكية خلال تنفيذ مذكرة توقيف مطلوب    أستاذ بجامعة عين شمس: الدواء المصرى مُصنع بشكل جيد وأثبت كفاءته مع المريض    مفاجأة صادمة.. جميع تطعيمات كورونا لها أعراض جانبية ورفع ضدها قضايا    رسميا.. بدء إجازة نهاية العام لطلاب الجامعات الحكومية والخاصة والأهلية بهذا الموعد    حكم الشرع في الوصية الواجبة.. دار الإفتاء تجيب    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    النيابة تنتدب المعمل الجنائي لبيان سبب حريق شب داخل مطعم مأكولات سوري شهير بالمعادي    السجيني: التحديات عديدة أمام هذه القوانين وقياس أثرها التشريعي    بمشاركة 10 كليات.. انطلاق فعاليات الملتقى المسرحي لطلاب جامعة كفر الشيخ |صور    ميدو: عامر حسين ب «يطلع لسانه» للجميع.. وعلى المسؤولين مطالبته بالصمت    المتحدث باسم الحوثيون: استهدفنا السفينة "سيكلاديز" ومدمرتين أمريكيتين بالبحر الأحمر    «المقاطعة تنجح».. محمد غريب: سعر السمك انخفض 10% ببورسعيد (فيديو)    تصريح زاهي حواس عن سيدنا موسى وبني إسرائيل.. سعد الدين الهلالي: الرجل صادق في قوله    ضبط 575 مخالفة بائع متحول ب الإسكندرية.. و46 قضية تسول ب جنوب سيناء    مصطفى عمار: القارئ يحتاج صحافة الرأي.. وواكبنا الثورة التكنولوجية ب3 أشياء    عفت نصار: أتمنى عودة هاني أبو ريدة لرئاسة اتحاد الكرة    بعد اعتراف أسترازينيكا بآثار لقاح كورونا المميتة.. ما مصير من حصلوا على الجرعات؟ (فيديو)    ما رد وزارة الصحة على اعتراف أسترازينيكا بتسبب اللقاح في جلطات؟    ليفاندوفسكي المتوهج يقود برشلونة لفوز برباعية على فالنسيا    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    توفيق السيد: لن يتم إعادة مباراة المقاولون العرب وسموحة لهذا السبب    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    برلماني يطالب بالتوقف عن إنشاء كليات جديدة غير مرتبطة بسوق العمل    تموين جنوب سيناء: تحرير 54 محضرا بمدن شرم الشيخ وأبو زنيمة ونوبيع    خليل شمام: نهائى أفريقيا خارج التوقعات.. والأهلى لديه أفضلية صغيرة عن الترجى    تقديم موعد مران الأهلى الأخير قبل مباراة الإسماعيلى    بالرابط، خطوات الاستعلام عن موعد الاختبار الإلكتروني لوظائف مصلحة الخبراء بوزارة العدل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل أراك| (5).. الثلاثاء الأحمر في سجن عكا (بروفايل)
نشر في مصراوي يوم 17 - 07 - 2020

نادي المنادي ليجتمع الناس في اليوم المشهود؛ قَدمت الجموع من شتى بقاع فلسطين، دخل من استطاع إلى ساحة القلعة، تلك التي على أبوابها انهزمت جيوش نابليون دون اقتحام عكا، صارت اليوم سجن للاحتلال البريطاني، يُزج فيه كل مقاوم للمستعمر وينال جزاءه، مثلما حدث مع رفاق ذلك النهار؛ فؤاد، محمد، وعطا. ثلاثة رجال وقفوا ومن حولهم حراس السجن، راحوا يستقبلون الوافدين، يمر الحاضر معزيًا لهم ثم يمضي. هل يحضر الميت عزاءه؟.. في صباح 17 يونيو 1930 فعلها الشبان الثلاثة، ارتدوا ملابس حمراء اللون، كالتي تُعطى للمحكوم عليه بالإعدام، لكنهم لم يكونوا كأي سجين يواجه مشنقة الموت.
محمد جمجوم مع عطا الزير، فؤاد حجازي عز الذخيرة. انظر المقدر والتقادير
من بين 26 فلسطينيًا وقعوا في قبضة أمن الانتداب البريطاني، أصدر القضاء الحكم بتأييد إعدام ثلاثة، على أن يكون ذلك نهار الثلاثاء من يونيو، بعد انتصاف الشهر بيومين، وأما السبب؛ قال البريطانيون إن محمد خليل جمجوم وعطا الزير من مدينة الخليل، وفؤاد حجازي من صفد تسببوا في مقتل عدد من اليهود، وهم مَن اشعلوا المظاهرات في البلاد وقاوموا السلطات، وأما الحقيقة؛ فكانت لرد الفلسطينيون عن هَبّتهم أمام حركة التهجير الصهيونية التي أصبحت ظاهرة للعيان بينما تغرس يديها في الأرض بلا رادع.
كانت المكيدة الصهيونية تحاك كل ليلة، فيما تغلي صدور الفلسطينيين على الجمر، من جنوب البلاد لشمالها، شرقًا وغربًا. 12 عامًا والانتداب البريطاني يجثم على النفوس، ومعه طامع متسلل في وضح النهار وعتمة الليل، بلغ حد تهجير 7 آلاف عائلة فلسطينية من 25 قرية مع عام 1929.
منذ وعد بلفور عام 1917، لم يعد للخوف ولا التخفي مكان لدى الإسرائيليين؛ مع وهج شمس أغسطس من عام 1929، تحديدًا في اليوم الرابع عشر، دعت حركة صهيونية باسم بيتار للتوجه إلى حائط البراق -الجدار الغربي للمسجد الأقصى- لإحياء معتقدهم "هدم هيكل سليمان"، لكن الفلسطينيين تصدوا لهم، إلا أنه باليوم التالي زادت الأعداد؛ تصل مسيرة كبيرة لليهود إلى الأقصى، ترفع علم الصهيونية –إسرائيل، وتتغنى ب"هتكفا"ما عرف بعدها بالنشيد القومي الإسرائيلي.
قامت الدنيا ولم تقعد في ربوع فلسطين، وما كان جمجوم وحجازي وعطا عنها ببعيد، وقعت النار في قلوب الشباب كما فعلت بالأهالي؛ مع اليوم التالي، وعقب صلاة الجمعة بالأقصى، اندلعت ثورة في البلاد شرارتها "البراق" لذا حملت اسمه، خرجت المسيرات ووقع الاشتباك بين الفلسطينيين والصهاينة.
أسبوعان داميان، راح اليهود يفسدون في الأرض، يقتلون إمام مسجد في يافا، ينهبون المخازن والدكاكين في صفد ويعتدون على آخرين، في المقابل يهاجم الفلسطينيون المستوطنات ويردون عما يقع من اعتداء، بلغت ذروة الأحداث في الخليل وصفد، فيما يبدو البريطانيون كحائط صد، لكن الحقيقة أنهم كانوا ركن شديد لبني صهيون.
اعتقلت القوات البريطانية قرابة 800 فلسطينيًا، من بينهم جمجوم، عطا وحجازي، في اليوم ذاته، 8 سبتمبر 1929 أُغلقت الزنازين على الشبان الثلاثة. تسعة أشهرانقضت على رفقاء السجن في عكا، انتظروا بعدها ميلاد جديد، وقد كان.
صدرت الأحكام جزافًا بحق المعتقلين، إعدامات تطول العشرات، خففت على الجميع باسثناء الرفاق الثلاثة، فيما خرج حكم وحيد بشأن يهودي يُدعى "خانكِن" اُتهم بقتل أسرة فلسطينية، لكن لم يُنفذ، فقط أُودع السجن قبل أن يُفرج عنه، أما جمجوم، الزير، وحجازي بات مصيرهم محتوم؛ الإعدام في وضح النهار والناس شهود.
ويقول محمد أنا أولكم ويقول حجازي أنا أولكم ما نهاب الردى ولا المنونَ
في ساحة سجن القلعة بعكا، شمال غرب فلسطين، نُصبت المشانق وحُدد ميعاد الحكم في الثامنة صباحًا، على أن تنفذ الأحكام تباعًا، مع كل ساعة يعلق رفيق. دخل الصحفيون وجمع من الناس، كبار وصغار، و تراص أخرون خلف الأبواب، تنوح الأهالي منتظرين لقاء أبنائهم بعد شهور لكن جثث هامدة، تصيح والدة الزير "عطا يا زينة الشباب"، فيما يكتم شقيقي حجازي ووالدته أنينهم اتباعًا لوصيته "السكينة والهدوء.. البكاء ممنوع قطعيًا. يجب الزغردة والغناء واعلموا أن فؤادًا ليس بميت بل هو عريس ليس إلا".
الوقت ينقضي لكن وقعه كالجبال. ثلاث ساعات أرادها البريطانيون أن تكون عِبرة لكل فلسطيني تسول له نفسه الاعتراض، فليس بالضرورة أن تكون زعيمًا لتُعدم، ولا فرق في ذلك بين متعلم مثل جمجوم وحجازي و مزارع كعطا، لكن الرفاق الثلاثة حولوا الساعات إلى ملحمة؛ عيد استعدوا له بالرقيق من الكلمات، فيما طالب جمجوم بالحناء ليُخضب يداه بها هو ورفيقه الأعزب حجازي، وما كان عطا بأقل صمود.
تحولت ساحة الموت إلى حلبة سباق، بدأت المسيرة بأصغرهم، ابن مدينة صفد، رحل حجازي أمام عيون رفيقي السجن، لم يهتز فؤاد أي منهما، بل فاجأ جمجوم الجميع بكسر قيده والتقدم نحو المشنقة، ليزاحم عطا، الذي كان محدد له الرحيل في الساعة الثانية. استمر ولدا مدينة الخليل في التسابق حتى فاز جمجوم، وبقى صاحب الخامسة والثلاثين ربيعًا. في العاشرة صباح يوم الثلاثاء خطا عطا نحو الردى -الموت- مبتسمًا حال أصدقائه، فلم يغمض أي منهم عيناه، نظروا جميعًا إلى السماء ضاحكين مستبشرين ثم مضوا.
كله لعيونك يا فلسطين
انقضى الثلاثاء بأرواح الفرسان الثلاثة، وأمنية كتبوها ليلة الإعدام "رجاؤنا إلى الأمة العربية في فلسطين أن لا تنسى دماءنا المراقة وأرواحنا التي سترفرف في سماء هذه البلاد المحبوبة، وأن تذكر أننا قدمنا عن طيبة خاطر أنفسنا وجماجمنا لتكون أساساً لبناء استقلال أمتنا وحريتها"، وباليوم التالي، خرج عدد جريدة اليرموك بإشارة تحمل وصف "مستعجل، يتصدره عنوان رئيسي عما وقع في سجن عكا، ودعوة "أحيوا ذكرى يومهم هذا من كل عام"، لكن الفلسطينيين لم ينتظروا طويلاً؛ التأمت الصفوف ثانية، واندلعت الثورة الكبرى عام 1936.
في باحة مقابر عكا الإسلامية، يرقد رفقاء المشنقة، تصطف قبورهم الخضراء كما كانوا في الدنيا، وبالترتيب الأول المُقدر لهم في ساعات إعدامهم، فؤاد، عطا، جمجوم. سقطت مدينة عكا حال مدن فلسطين عام 1948، صارت توصف بالأراضي المحتلة، هُجر الكثير، فيما ظلت أجساد الفرسان باقية.
كانت أمنية الرفاق الثلاثة ألا يطويهم النسيان، وتحقق مرادههم مرتين، في قصيدة الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان، ظل اسمها يصف ذلك اليوم "الثلاثاء الحمراء"، وأما الثانية، ففي كلمات لشاعر فلسطيني يسمى نوح إبراهيم، يُوصف بشاعر الثورة الفلسطينية، خطها بعد أيام من رحيلهم، وغنتها فرقة تراث باسم "العاشقين" في الثمانينيات، لتظل الأجيال تتحاكى بما كان "من سجن عكا طلعت جنازة محمد جمجوم وفؤاد حجازي.. جازي عليهم يا شعبي جازي المندوب السامي وربعه وعمومه".
Ahmed AlNasser . a style="color: #cccccc; text-decoration: none;" title="from Acre" 3ka" prison-Alashqin Band فرقه العاشقين-من سجن عكا" href="https://soundcloud.com/ahmed1nasser/from-acre3ka-prison-alashqin" target="_blank" rel="noopener noreferrer"from Acre"3ka" prison-Alashqin Band فرقه العاشقين-من سجن عكا
المصادر:
* سلسلة الأفلام الوثائقية: النكبة
* مركز المعلومات الوطني الفلسطيني (وفا)
* مقال من سجن عكا 17-6-1930 فوق ساعات المشانق دراسة في قصيدة "الثلاثاء الحمراء" لإبراهيم طوقان/ الكاتب المتوكل طه
* مركز ومتحف أبو جهاد لشؤون الحركة الأسيرة
* موقع رحلات فلسطينية المسرد الزمني
اقرأ أيضًا:
هل أراك؟ (1).. حصّادين الأرض المقدسة (بروفايل)
هل أراك؟ (2).. كانت تسمى عيون قارة الفلسطينية (بروفايل)
هل أراك؟ (3) زارعو الألغام في سوق حيفا (بروفايل)
هل أراك؟ (4) يوم أن حملت معلمة فلسطينية السلاح (بروفايل)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.