بعدما أثار سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، الجدل مؤخرا حول الصلاة خلف الراديو أو التلفزيون، حيث ذكر أن صلاة التراويح تجوز وراء الراديو أو التلفزيون حسب المذهب المالكي، على الرغم من صراحة فتوى دار الإفتاء المصرية بعدم جواز ذلك، خالف الهلالي آراء الازهر ودار الإفتاء في العديد من القضايا والآراء والفتاوى، إلى حد جعل مجمع البحوث الإسلامية في أحد الخلافات يصدر بيانًا رسميًا يرد به على ما ذكره الهلالي، وفي التقرير التالي يرصد مصراوي أبرز محطات الخلاف بين الهلالي وبين الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية: فتاوى كورونا.. الهلالي: الخوف من الإصابة يبيح الإفطار حيث أكد الهلالي في مداخلة هاتفية مع الاعلامي عمرو أديب ببرنامج الحكاية، قبيل رمضان، أن الخوف مبرر لصوم رمضان قائلًا إن الله تعالى قال "لا يكلف نفسًا إلا وسعها"، مؤكدًا الاستطاعة شرط لوجوب التكليف، ففي حالة الفوبيا والخوف يجب أن يترك الأمر للناس تسهيلًا عليهم، فمن لم يستطع الصيام خوفًا من المرض فله أن يفطر، وقال الهلالي: "مجرد الخوف من المرض يُجيز الإفطار فخوف الإنسان من المرض يدفع عنه الفرض وهذا في كل المذاهب ماعدا المالكية". وردت دار الإفتاء مباشرة على ما ذكره الهلالي عبر منشور على صفحتها الرسمية على الفيس بوك: "مجرد الخوف من الإصابة بفيروس كورونا ليس مسوغًا للإفطار"، أما مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية فقد أصدر بيانًا أكد فيه ان صوم رمضان واجب ولا علاقة له بالوقاية من كورونا حيث ذكر المركز: "في ظلِّ ما انتشر في بعض وسائل الإعلام مِن أحاديثَ تُبلبِل الرَّأي العامَّ، وتخالف ما أصدَرَته المُؤسَّسات الدِّينيَّة الرَّسميَّة والمعنيَّة بخصوص صوم رمضان ؛ يُؤكِّد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية فتواه السَّابقة -سيَّما وأنَّه لم يجدّ في الأمر جديدٌ- أنَّه لا يجوز الإفطار في رمضان هذا العام إلَّا لصاحب عُذر مُعتَبر، وأنَّ خوف الإصابة بڤيروس كُورونا ليس مُسوِّغًا لإفطار رمضان، لا شرعًا ولا طبًّا". أكبر وأبرز الأزمات.. الهلالي: المصريون جميعهم مسلمون في أواخر عام 2014 أثيرت زوبعة من الجدل بسبب فتوى للهلالي في أحد اللقاءات التلفزيونية مع الإعلامي عمرو أديب، حيث أكد الهلالي في تلك الحلقة أن المصريين جميعهم مسلمون فمنهم 98 % مسلمون، و2% مسلمون أيضًا لأنهم مسلمون، وقال الهلالي في حديثه مع عمرو أديب إن المسلم هو من سالم وليس من نطق الشهادتين، فكل من قال لا إله إلا الله صار مسلمًا، "كونه يؤمن بسيدنا محمد أو يؤمن بسيدنا عيسى ويكتفي هذا أمر يرجع لقناعته وهيتحاسب يوم القيامة على قناعته وهو وسلامة نيته..إذًا المصريين كلهم مسلمون". وأثار حديث الهلالي الجدل على وسائل التواصل الاجتماعي حينها، وأصدر مجمع البحوث الإسلامية بيانًا رسميًا يرد فيه على ما قاله الهلالي وحذر في البيان ما وصفه ب "الأفكار الضالة المنحرفة" وأبدى البيان استياء المشاركين فيه من تصريحات أحد المنتسبين للأزهر الشريف، والمقصود الهلالي بالتصريحات السابقة، ونص البيان على أن: "هذا الزعم يُنبِئ عن فكرٍ منحرفٍ فيه مخالفةٌ جريئةٌ للنصوص الصريحة من الكتاب والسُّنَّة؛ ففي القرآن الكريم آياتٌ كثيرةٌ تدلُّ دلالةً صريحةً على أنَّ الشهادتين والاقرار والنطق بهما معا هما الأصل الأول من أصول الإسلام، وبغيرهما لا يكون الشخص مسلمًا، ولا تجري عليه أحكام المسلمين"، وفند البيان ما استدل به الهلالي على رأيه في تلك الحلقة تفنيدًا مفصلًا، ثم تعجب البيان من تمسك الهلالي بهذا الرأي الذي وصفه ب "الشاذ"، قائلًا: "العجيب أنَّ هذا القائل تمسَّك برأيٍ شاذٍّ تطرَّق إليه ابن حجر فيما لا يزيد عن أربع كلماتٍ ثم أبطله في تحليل علمي دقيق استغرق العديدَ من الصفحات التي تدلُّ على هذا البطلان". وتبرأ الأزهر في بيانه من تلك الأفكار التي وصفها بالشاذة ودعا المجتمع إلى عدم الانخداع بها أو الالتفات إليها. سعد الهلالي يشكك في فرضية الحجاب.. والإفتاء تحسم أثار سعد الدين الهلالي قضية الحجاب أكثر من مرة في السنوات الماضية، وفي أكثر من لقاء تحدث الهلالي عن الحجاب مشككًا في صحة فرضيته، قائلًا أن القرآن لم يذكر فرضية الحجاب صراحة ولكنها نصوص يستنبطها منه العلماء، وهذا الاستنباط ليس معصوم، فمن الممكن الاستدلال على فرضية الحجاب من القرآن ، وكذلك من الممكن الاستدلال على فرضية الحشمة من القرآن، وأيضًا من الممكن الاستدلال على عدم فرضيته من القرآن الكريم وذلك في قوله تعالى: "يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ"، وأيضًا في قوله: "يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ"، حيث قال الهلالي: "يابني آدم تشمل الرجال والنساء..ويواري سوءاتكم لم تحدد ما هي السوءة...وكذلك قوله: ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهره منها، فهذه الآيات يفسرها البشر فهي قابلة للمناقشة". وقد أكدت دار الإفتاء المصرية في أكثر من فتوى رسمية على فرضية الحجاب، ومن ذلك فتوى الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية السابق التي اصدرها عام 2017 والتي تنص على أن حجاب المرأة المسلمة فرضٌ على كلِّ مَن بلغت سن التكليف، "فعليها أن تستر جسمَها ما عدا الوجهَ والكفين، وزاد جماعة من العلماء القَدَمَين في جواز إظهارهما، وزاد بعضهم أيضًا ما تدعو الحاجة لإظهاره كموضع السوار وما قد يظهر مِن الذراعين عند التعامل، وأمّا وجوب ستر ما عدا ذلك فلم يخالف فيه أحد من المسلمين عبر القرون سلفًا ولا خلفًا؛ إذْ هو حكمٌ منصوصٌ عليه في صريح الوحْيَيْن الكتاب والسنة، وقد انعقد عليه إجماع الأمة". وذكرت دار الإفتاء الأدلة القاطعة على وجوب الحجاب ومنها قوله تعالى: "وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ"، قال الإمام القرطبي في "الهداية إلى بلوغ النهاية" (8/ 5071): [أيْ: وليلقين خمرهن، وهو جمع خمار على جيوبهن، ليسترن شعورهن وأعناقهن] اه. ومن الأدلة أيضًا حديثُ أنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَتَى فَاطِمَةَ رضي الله عنها بِعَبْدٍ كَانَ قَدْ وَهَبَهُ لَهَا، قَالَ: وَعَلَى فَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ثَوْبٌ؛ إِذَا قَنَّعَتْ بِهِ رَأْسَهَا لَمْ يَبْلُغْ رِجْلَيْهَا، وَإِذَا غَطَّتْ بِهِ رِجْلَيْهَا لَمْ يَبْلُغْ رَأْسَهَا، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ مَا تَلْقَى قَالَ: "إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكِ بَأْسٌ، إِنَّمَا هُوَ أَبُوكِ وَغُلَامُكِ" رواه أبو داود. حيث أوضحت الفتوى أن ذلك الحديث صريحٌ في وجوب تغطية الرأس؛ وذلك "لتحرُّج السيدة فاطمة رضي الله عنها من كشف رأسها حتى تغطي رجلها، ولو كان أحد الموضعين أوجب من الآخر في التغطية، أو كانت تغطية أحدهما واجبة وتغطية الآخر سنة، لقدَّمَتِ الواجبَ بلا حرج". فتوى الطلاق الشفوي: طلاق المصريين لا يقع لأنهم يقولون "طلاء" يتزعم الهلالي الفريق القائل بعدم وقوع الطلاق الشفوي على إطلاقه، على الرغم من ان الأزهر ودار الافتاء، فحسمت هيئة كبار العلماء بالأزهر الجدل وأقرت أن الطلاق الشفوي يقع، وأصدرت بيانًا، في فبراير 2017، أقرت فيه: "وقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانَه وشروطَه، والصادر من الزوج عن أهلية وإرادة واعية وبالألفاظ الشرعية الدالة على الطلاق، وهو ما استقرَّ عليه المسلمون منذ عهد النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وحتى يوم الناس هذا، دونَ اشتراط إشهاد أو توثيق" . وقد ذكر الهلالي أن هناك رأيا ما قال به إلا واحد بالمائة من الفقهاء وان الدكتور علي جمعة يفتي به قائلًا: المصريين لا يقع لهم طلاق لانهم يقولون علي الطلاء بالهمزة مش بالقاف، فبعض الشافعية قالوا لابد أن يكون الطلاق بالقاف لا بالهمزة، وأكد الهلالي: "احنا بندور على الرأي الشاذ دلوقتي عشان البيت ما يتخربش"