بضاعة أتلفتها الأمطار.. حكايات بائعين مع عاصفة التنين (صور)

علمت حمدية أحمد عن أجواء طقس الخميس الماضي، لكنها لم تستطع التزام منزلها كونها تعمل بائعة في السوق يومي الاثنين والخميس "ومعنى إني منزلش إني لازم استنى للأسبوع الجاي"، لم تُدرك أن الأمور ستسوء إلى هذا الحّد، في التاسعة من صباح أول أمس وبينما تفترش السيدة الخمسينية بضاعتها، فوجئت بموجة من الهواء الشديد وأمطار تزيد حدتها وتفوق قدرتها على لملمة أشياءها، حتى تلفت صناديق مُنتجاتها "حاجات بحوالي 400 جنيه، نزلت عشان مخسرش قوت يومي، خسرت كل حاجة".
كان حال سوق العرب في مدينة شبرا الخيمة يُرثى له، لا سقف يقي الرؤوس سقوط الأمطار المتتالي، فيما امتلأت الشوارع بالمياه، بالكاد ابتلع البائعون عجزهم، هرول كل منهم يحمي منتجاته المُباحة لعاصفة التنين "وبدأنا نفتح البلاعات ونجيب جرادل نزيح المياه بنفسنا"، لم يفكر أحمد عبدالرحمن في تلك اللحظة سوى "ميحصلش أي ماس كهربائي ونبعد المياه عن أي عِمدان نور أو بلوكات كهرباء".
قبل 16 عامًا بدأ عبدالرحمن العمل في السوق بائعًا للفاكهة، اعتاد على تقلبات الطقس "لكن زي يوم الخميس ده مشوفتش في حياتي"، رابط الشاب العشريني أمام مكانه "كدة كدة الزرع باظ خلاص"، وضع غطاء بلاستيكي ليحمي ما تبقى لكن دون نتيجة "خسرت بضاعة ب3 آلاف جنيه"، لا يخشى سوى أنه يشتري الفاكهة "على الذمة، يعني بشتريه من التاجر وأكتب وصل أمانة على نفسي وأما أبيع بديله فلوسه".
حتى مغرب يوم الخميس ظل عبدالرحمن في الشارع يحمي برفقة باقي البائعين المكان "لما روّحت البيت اتفاجأت بوضعه"، إذ يسكن في الطابق الأخير "لقيت السقف بينزل مياه على البيت والحاجة اتبهدلت".
رغم كل تلك الأجواء فوجئ البائعون بوجود زبائن تتجول في السوق تشتري على عجل "الخميس هو يوم الطبيخ في البيت المصري، فكل ست بيت بتلاقيها بتنزل تشتري حاجتها"، غير أن مع حلول الظهر اختفت الأقدام من مُحيط المكان.
لم تقوَ تغريد علي على شراء احتياجاتها الخميس الماضي "اليوم ده يعتبر خزين الأسبوع كله"، ما إن خطت أقدامها خارج المنزل "لقيت الجو صعب تمشي فيه فرجعت على طول وقضيناها أي حاجة اليومين دول"، مع صباح اليوم السبت كانت الأحوال الجوية أفضل حالًا من الأيام المنصرفة رغم ما تركته الأمطار من أرض طينية يصعب التحرك فيها "مش هقدر أستنى أكتر من كدة عشان أجيب خضار أطبخه".
على طاولة خشبية وضعت حمدية باقي بضاعتها من الخُضار، في صباح اليوم بدت الحركة اعتيادية كأي يوم سبت داخل أرجاء المكان، وقف أحدهم يسألها عن شراء خَس، أفردت له حزمتين فقط لا غير ما تبقوا لها من البضاعة المنكوبة ليرد عليها الرجل "معندكيش غيرهم دول شاكلهم بايظ"، ثم يتركها جالسة في حيرتها.
رغم زوال موجة الطقس السيء إلا أنه ألقى بظلاله على حال البائعين اليوم السبت، يحكي حسنين العوضي بائع طماطم بالجُملة "بيتنا اتخرب، عربية محمِلة 500 عِدايه باظت خالص"، تحتوي كل "عِدايه" على 25 كيلو طماطم، فيما تشاركه أم محمد نفس الهّم حينما أغرقت المياه عربتها التي تحمل الثمرة ذاتها "المياه بتطري الطماطم وبتصفّر الزرع، المطر عدم لنا كل الزرع اللي معانا"، فيما حاولت تعويض خساراتها بالتواجد اليوم وسط البائعين، تغمر الشمس بضاعتها، يزداد إيمانها بأن "ربنا هيعوضني عشان خاطر عيالي"، تنوي المكوث داخل المكان حتى المساء "مش مهم لإمتى، المهم أروّح بفلوس لولادي".