كانت الساعة تدق السادسة مساءً يوم السبت الماضي.. مسئولو الصحة وقتها كانوا داخل غرفة العمليات المنعقدة على مدار الساعة في الأقصر، بعد أن جرى تجهيز سيارات الإسعاف والطائرة التي ستنقل حاملي فيروس "كورونا" الموجودين على متن الباخرة السياحية "A SARA" إلي الحجر الصحي في مستشفي النجيلة بمرسي مطروح، فكل شئ على ما يرام ولم يتبق سوى اختيار الطبيب الذي سيرافقهم. أخصائيون بالطب الوقائي غالبيتهم موجودين داخل الباخرة وعددهم لا يسمح بأن يؤدي أي منهم مهمة المرافقة للمرضى.. اتصالات مكثفة للاختيار وفي وسط النقاشات المحتدمة داخل الغرفة التي حضرها الدكتور علاء عيد، مساعد وزيرة الصحة للطب الوقائي، والدكتور السيد عبدالجواد، وكيل وزارة الصحة في الأقصر، اقترح الدكتور بكري عبدالستار منسق عام التأمين الصحي للمستشفيات بمديرية الشئون الصحية أن يؤدي هو المهمة. "مصراوي" تواصل هاتفيا مع الدكتور بكري عبدالستار الذي لا زال في الحجر الصحي بمرسي مطروح ليروي تفاصيل قراره ورحلته برفقة 45 حاملًا لفيروس كورونا بينهم 18 أجنبيا و27 مصريًا حينها من طاقم عمل الباخرة. قال الدكتور بكري عبدالستار :"عندما ظهرت بؤرة لفيروس كورونا علي متن الباخرة السياحية كلنا تحركنا وعقدنا غرفة عمليات في مستشفى الأقصر العام لإدارة الأزمة ثم أجرينا مسحا طبيا ل 11 على الباخرة وفي اليوم الثاني ظهرت نتيجة عينات المقيمين على متنها فكانت 33 حالة إيجابية بالإضافة إلي ال12 ثبت سلبية عينات 11 منهم بالمسح الأخير". يضيف عبدالستار:" وفور صدور نتائج التحاليل صدر قرار بنقل حامل الفيروس للحجر الصحي في مرسي مطروح ونظرا لعدم كفاية المتواجدين وعند وصول الطائرة وبوجود جميع القيادات الصحية والانتهاء من التجهيزات لنقل المرضى شعرت لحظتها أنه لابد أن اتحمل المسئولية بمرافقة 34 حاملًا للفيروس لأن بقائهم في المركب يزيد من احتمالية زيادة العدد لذا قررت أن أرافقهم وأبلغت وكيل وزارة الصحة بالأقصر بقراري". وعن تفاصيل رحلته برفقة حاملي الفيروس قال:" أنا كنت حاسس إننا عايشين جوه فيلم رعب أبقى كداب لو قلتلك مخوفتش كلنا كنا خايفين أول 10 دقايق مروا عليا داخل الطيارة كانوا أصعب لحظات حياتي لكن ربنا ثبتني ومررت للاطمئنان على الحالات اللي معايا واتكلمت مع واحد واحد وشوفتهم محتاجين إيه وفضلنا نضحك ونهزر لحد ما وصلنا لمرسي مطروح". يتابع :"أول ما وصلنا مرسي مطروح شاهدت استعدادات كبيرة وتعامل مع الأمر باحترافية في كل حاجة من الإسعاف والاصطف المسئول عن العزل وقتها شعرت فعلا بالسعادة إني قمت بالدور ده ولو حصل الموضوع ده تاني هعمل كده برضه". يضيف :"كان في حالة إيمان وثبات إنفعالي وضا بالمكتوب ولم يعترض أحد". وقال عبدالستار:" أنا موجود حاليًا في العزل السلبي في المستشفي الفندقي مع ال11 حالة السلبية أخضع مثلهم للعزل الصحي وعلى تواصل هاتفيا يوميًا معهم لكن لا نرى بعض، ولاحظت أنهم واخدين الموضوع ببساطة وبيهزروا خلاص وبنضحك والحمد لله واحنا كلنا كويسين بس لازم نخلص فترة العزل ال14 يومًا وربنا يعديها على خير". وأضاف عبدالستار:" أنا مبلغتش حد خالص لما أخدت القرار وزميلي كان معايا وقلت له يبلغ أهلي أول ما الطيارة تتحرك لأني أنا عارف إن الموضوع ممكن يتقابل بالرفض والخوف منهم". يستطرد:"مكنتش عامل حسابي في ملابس لكن هنا الدولة وفرت لنا كل حاجة بنطلبها". وأنهى كلماته بقوله:" أنا عاوز أقول حاجة للناس كلها يا جماعة القصة بسيطة ومش مستاهلة كل الذعر ده يا جماعة اطمنوا أغلب الحالات اللي كانت إيجابية خفت تلقائيا وتحاليلها الأخيرة طلعت سلبية الحمد لله".