رئيس جامعة حلوان الأهلية: نهتم برفع الوعي البيئي للطلاب    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد عبد الحليم محمود بالشرقية (فيديو)    لأول مرة، إطلاق التاكسى الطائر فى موسم الحج 2024    متوسط أسعار كاوتش السيارة مقاس 16 في مصر ..تبدأ من 3 آلاف جنيه    صوامع الشرقية تستقبل 511 ألف طن قمح من الموردين    المشاط تشارك في اجتماع اللجنة الاستشارية للتمكين الاقتصادي والاجتماعي للمرأة    رئيس مدينة الأقصر يتابع عملية استقبال طلبات التصالح على مخالفات البناء    إصابة 11 جنديا إسرائيليا بلسع الدبابير في غزة    قصة غلاف| «تايم» ترصد انتفاضة الجامعات الأمريكية ب«عدسة الصحفيين الطلاب»    فانتازي.. أفضل 5 لاعبين للجولة المزدوجة "Double Gameweek 37" بالدوري الإنجليزي    غياب مبابي عن إعلان قميص باريس سان جيرمان الجديد    بيرسي تاو يحصد جائزة أفضل لاعب في اتحاد دول جنوب إفريقيا    أمن الأقصر يضبط عنصرا إجراميا بحوزته كيلو حشيش و1500 جرام بانجو    حفاران حطما الجدران.. كيف ساهمت مياه الشرب في إخماد حريق الإسكندرية للأدوية؟- صور    رضا البحراوي يتصدر تريند اليوتيوب ب "أنا الوحش ومبريحش" (فيديو)    نادية الجندي تعزي كريم عبد العزيز في وفاة والدته وتوجه رسالة له    سنوات الجرى فى المكان: بين التلاشى وفن الوجود    الأدلة 60 صفحة.. توضيح مهم لمفتي الجمهورية بشأن التعامل مع البنوك    قائمة بأشهر الأدوية الناقصة في السوق    وزير الصحة: ميكنة منظومة المواليد والوفيات والتطعيمات بنسبة 100%    وزير الري يلتقى المدير الإقليمي لمكتب اليونسكو بالقاهرة    ضبط المتهمة بإدارة كيان تعليمي دون ترخيص في سوهاج    حملات مكبرة لإزالة المباني المخالفة والتعديات على الأراضي الزراعية بالشرقية    هشام آمنة: بدء تشكيل لجان محلية للمناطق الساحلية بالمحافظات    الكشف الطبي بالمجان على 1282 مواطنًا في قافلة طبية بدمياط    مواعيد قطارات القاهرة إسكندرية المكيفة 2024 بعد التعديل لموسم الصيف    دعاء الجمعة للمتوفي .. «اللهم أنزله منزلا مباركا وأنت خير المنزلين»    الجيش الإسرائيلي و"حزب الله" يتبادلان القصف    انطلاق فعاليات القوافل التعليمية لطلاب الثانوية العامة بالشرقية    في محكمة الأسرة.. حالات يجوز فيها رفع دعوى طلاق للضرر    رد فعل محمد عادل إمام بعد قرار إعادة عرض فيلم "زهايمر" بالسعودية    قصف مدفعي إسرائيلي يستهدف منطقة اللبونة في بلدة الناقورة جنوبي لبنان    "لديه ذبذبة".. مهاجم الزمالك السابق يتحدث عن فرص الزمالك للفوز بالكونفدرالية    الاستغفار والصدقة.. أفضل الأعمال المستحبة في الأشهر الحرم    رحلة مبابي في باريس تنهي بمكالمة الخليفي    "يا عزيز عيني" فانتازيا أسطورية تحكي عن إيزيس وأوزيريس بطنطا    هنا الزاهد وشقيقتها فرح يرقصان في حفل زفاف لينا الطهطاوي (صور وفيديو)    تجنب 4 أطعمة لتقليل خطر الإصابة بالسرطان    مصرع وإصابة 4 أشخاص في اصطدام سيارة بكوبري في الغربية    «التنمر وأثره المدمر للفرد والمجتمع».. موضوع خطبة الجمعة اليوم بالمساجد    حماس: الكرة الآن في ملعب الاحتلال للتوصل لهدنة بغزة    القسام تعلن مقتل وإصابة جنود إسرائيليين في هجوم شرق رفح الفلسطينية    فضل يوم الجمعة وأفضل الأعمال المستحبة فيه.. «الإفتاء» توضح    الإسكان تناقش آليات التطوير المؤسسي وتنمية المواهب    10 علامات ابحث عنها.. نصائح قبل شراء خروف العيد    مصرع ضابط شرطة إثر اصطدام «ملاكي» ب«جمل» على الطريق ببني سويف    463 ألف جنيه إيرادات فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة في يوم واحد بدور العرض    شخص يطلق النار على شرطيين اثنين بقسم شرطة في فرنسا    نشوب حريق بمصفاة نفط روسية بعد هجوم أوكراني بالمسيرات    لمواليد 10 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    الناس بتضحك علينا.. تعليق قوي من شوبير علي أزمة الشيبي وحسين الشحات    أول مشاركة للفلاحين بندوة اتحاد القبائل الإثنين المقبل    3 فيروسات خطيرة تهدد العالم.. «الصحة العالمية» تحذر    عبد الرحمن مجدي: أطمح في الاحتراف.. وأطالب جماهير الإسماعيلي بهذا الأمر    مايا مرسي تشارك في اجتماع لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب لمناقشة الموازنة    ما حكم كفارة اليمين الكذب.. الإفتاء تجيب    اللواء هشام الحلبي يكشف تأثير الحروب على المجتمعات وحياة المواطنين    نهائي الكونفدرالية.. تعرف على سلاح جوميز للفوز أمام نهضة بركان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"يا ماشي لبيتك شيل معك غيرك".. مبادرات لتخفيف أزمة المواصلات بالخرطوم
نشر في مصراوي يوم 14 - 11 - 2019

"يا ماشي لبيتك، شيل معك نفرين!"، هتاف تصدح به حناجر شباب يعترضون سير مركبات خصوصية في شوارع الخرطوم لإقناع سائقيها بأن يقلّوا معهم مجّاناً ركّاباً ينتظرون منذ ساعات وسيلة نقل في ظلّ أزمة مواصلات خانقة تعاني منها العاصمة السودانية.
وإذا كانت المواصلات أزمة مزمنة في السودان، لا سيّما في العاصمة، فهي تفاقمت في الآونة الأخيرة بسبب عوامل عدّة أبرزها تهالك حافلات النقل العام، وغالبيتها مملوك لأفراد، وخروج قسم منها من الخدمة جرّاء ارتفاع أسعار قطع الغيار - إن وُجدت - وشحّ الوقود ورداءة الطرق وتدهور سعر العملة.
قبالة مسجد بحري الكبير بالعاصمة السودانية، يقف الحاج أبو أحمد وسط مئات من الركاب ينتظر وسيلة نقل تنهي ساعات انتظاره الطويلة للعودة إلى منزله في أمّ درمان على الضفّة الأخرى للنيل.
"لا أقوى على الركض"
ويقول السبعيني ذو اللحية القصيرة البيضاء بلون عباءته وعمامته لوكالة فرانس برس، "أنتظر منذ ساعتين! مرّت حافلات كثيرة لكنّني لم أستطع ركوب أيّ منها لأنّني مسنّ لا أقوى على الركض أو التدافع ولا أملك المال لأستقلّ سيارة أجرة أو حتى توك توك".
أمامه، وسط طريق تملؤها الحفر وعلى جانبيها طبقة كثيفة من الرمال، يقف شبّان يردّدون هتافات بينها "أُقسِم، أُقسم، أُقسم... هنجيب عربات عربات... عربات وكمان روزات (باصات)".
هؤلاء هم "شبّان المبادرة" الذين كانوا جزءا من ثورة جمعت ملايين السودانيين على حكم الرئيس عمر البشير قبل أن يطيح به الجيش في أبريل. وكانت المواصلات واحدة من الأزمات التي أطلقت شرارة الانتفاضة الشعبية.
ويقول أحدهم ويدعى حسن سيف الدين (27 عاماً) "أطلقنا هذه المبادرة لكي نساعد الناس على العودة إلى بيوتهم".
ويضيف وقد توقفت أمامه شاحنة صغيرة بيضاء أقلّت في صندوقها الخلفي أكثر من عشرة ركاب "نطلق هتافات مثل: يا ماشي لبيتك، شيل معك غيرك، إرفع معك أمك، وصّل معك أختك! هناك سائقون يتجاوبون معنا. نحن نعطي الأولوية للنساء والأطفال والعجزة".
ويستبق بعض السائقين محاولة استيقافه بإشارة من بعيد بسبابته نحو الأسفل، ما يعني أن المكان الذي يقصده قريب، فيكمل سيره بدون توقف، بينما يتوقف آخرون بكل طيبة خاطر، مرحبين بالمبادرة وبركابهم.
وتبدأ ساعة الذروة المسائية في الخرطوم في الرابعة بعد الظهر مع انتهاء دوام الموظفين والطلاب وتستمرّ أحياناً لغاية الثامنة مساء. وزاد من حدّة الأزمة الفارق الشاسع بين السعر البخس لتذكرة الحافلة المحدّد قانوناً (5 جنيهات أي أقلّ من 10 سنتات) والتسعيرة التي يحدّدها سائقو التاكسي "على مزاجهم" في غياب عدّادات أو تعرفة محدّدة.
وفي بلد يقلّ فيه معدّل الدخل الفردي اليومي عن دولارين، أصبح ركوب سيارة الأجرة ترفاً بالنسبة للطبقة الكادحة.
وفيما تلُوح من بعيد حافلة كبيرة زرقاء فارغة يندفع العشرات باتجاهها، تبقى سحر رمضان، الثلاثينية التي تحمل على كتفها رضيعتها، في مكانها، فهي تعلم أنّ لا حظّ لها بالظفر بمقعد.
وتضطر الحافلة الى التوقّف في وسط التقاطع مع تقاطر الركاب دفعة واحدة، ولا تنفع كلّ محاولات شرطي المرور ببزّته الكحلية وصافرته التي تصمّ الآذان في جعل الركّاب يتريثون.
إلى متى؟
أقلّ من دقيقة، ويتكدّس الركّاب في الحافلة جلوساً ووقوفاً، فتنطلق. ولكن هذا لا يمنع بعض الشبّان من الركض خلفها وإكمال محاولتهم لركوبها، بينما الحافلة تواصل سيرها وقد مالت بشدة نحو اليمين من وطأة الحمولة الزائدة، لكأنّها على وشك أن تنقلب.
وسارت رقيّة النور (24 عاماً) سيرا على الأقدام لمدة ساعتين من جامعة الخرطوم حيث تدرس إلى هذه المحطة، علّها تركب حافلة توصلها الى منزلها بمنطقة الثورة، معتبرة أن فرصها في هذه المحطة أفضل. لكنها بقيت على الطريق.
وبصوت مرتفع ونبرة غاضبة تقول طالبة آداب اللغة الصينية وقد غطّت رأسها بحجاب برتقالي شفاف "وضعُ البلد سيّء! خرجنا في تظاهرات ولا حلّ، أصبحت (السلطة) مدنيّة ولا حلّ، ولغاية الآن الوضع مستعصٍ. هل سيظلّ وضع المواصلات هكذا؟ هل سنظلّ نعاني؟".
ووعدت الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله حمدوك بمعالجة أزمة المواصلات سريعاً عبر خطة تشمل خصوصاً استيراد حافلات وإصلاح تلك المعطّلة وتأهيل طرق رئيسية وتعزيز الرقابة وتفعيل سكك الحديد. وبانتظار حصول ذلك أمرت الأحد جميع الوزارات والمؤسسات والقوات الأمنية والعسكرية "بتسخير آلياتها لنقل المواطنين مجاناً".
لكن رقيّة التي يستغرقها مشوار العودة لمنزلها يومياً ثلاث أو أربع ساعات تعوّل أكثر على المبادرات الفردية. وتقول "لو أقلّ كل سائق نفرين أو ثلاثة معه لحلّت الأزمة. شباب المبادرة يحاولون إقناع السائقين بذلك لكنّ بعض هؤلاء مفترون، يروننا ويكملون سيرهم".
وإذا كان "شبان المبادرة" يحاولون عبر الهتاف إقناع سائقي المركبات الخصوصية بنقل الركاب، فإنّهم يستخدمون لغة أخرى لإقناع سائقي الحافلات، فلا يتوانون عن إجبارهم على تغيير وجهاتهم لكي يقلّوا معهم أعداداً أكبر من الركاب ولمسافات أطول.
ويقول سائق إحدى الحافلات نزار دفع الله (32 عاماً) بانزعاج واضح "كنت متّجهاً إلى ناحية المصرف فأجبرني شبّان المبادرة بالقوّة على الذهاب إلى الكوبري".
ويضيف "حالة الطرق سيّئة والمحروقات شحيحة والزحمة خانقة، وكلّ هذا يقلّل من عدد رحلاتنا اليومية فيقلّ ربحنا، بينما ترتفع أسعار قطع الغيار".
لكنّ "شبان المبادرة" يقولون إنّ سائقي الحافلات يلتفّون على سعر التذكرة الثابت بتقصير مسافة الرحلة، بحيث بات الراكب يستقلّ أحياناً أربع حافلات للوصول إلى منطقة كان يصل إليها بحافلة واحدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.