"أمطار الثلاثاء".. كيف تحول فيس بوك إلى "منصة إدارة أزمة"؟

فيما يشبه خلية إدارة أزمات، تحول موقع فيس بوك أمس، إلى منصة تحذيرات ونصائح وإرشادات، بعدما سقطت أمطار على عدد من محافظات مصر، أمس الثلاثاء، وتسببها في شلل مروري، وغرق سيارات، وأزمات لمواطنين.
فمع تصاعد حدة الأمطار، لم يكن بوسع خالد مصطفى سوى مراقبة ما يحدث وتحذير المقربين منه على صفحته الشخصية، تماما مثلما فعل المئات غيره على مواقع التواصل.
نشر خالد محمود على صفحته أكثر من خريطة، توضح أماكن الزحام في القاهرة الكبرى، وحذر المقربين منه من السير في طرق بعينها، واجتهد في البحث عن صور نشرها رواد فيس بوك تؤكد ما يقول، وكان التفاعل معه على مدار ساعات كبيرا بعكس التفاعل العادي على صفحته.
يقول الرجل إن هدفه في النهاية هو مساعدة الذين قد لا يرون كافة ما ينشر على فيس بوك بشأن الطرق: "ده اللي أقدر أعمله، هيا حاجة بسيطة، بس في النهاية يمكن تفيد".
يحكي الشاب الذي يتمنى أن تكون استعدادات الحكومة للأمطار القادمة أفضل مما كانت عليه في التجربة الأولى أمس.
كان الدكتور إبراهيم عطا المتحدث باسم هيئة الأرصاد، حذر من استمرار هطول الأمطار على جميع المحافظات، مشيرا إلى أنه تم إخطار جميع المحافظات بتوقعاتها بشأن موجة الطقس غير المستقرة، والتي ستمتد للجمعة: "وإن لم تكن أمطار الأربعاء أشد من الثلاثاء ستكون مثلها على أقل تقدير".
لكن تلك الاستعدادات لم تكن كافية أمام مشهد السيارات وهي أسفل أحد الأنفاق تحيط بها المياه من كل جانب، فالتقطت ريم رضوان مقطعي فيديو، لتوضيح المعاناة التي يمر بها سائقو السيارات وسط تجمعات المياه، ليحصل المقطعان على مشاهدات كثيرة تخطى أحدهما ال100 ألف وتخطى الآخر 50 ألفا، وبمشاركة وصلت إلى 3400 مرة، ودونت ريم على صفحتها رسالة تحذيرية "محدش ينزل أنفاق".
داخل إحدى المجموعات المهتمة بشؤون السيارات والسائقين، كانت المنشورات لا تتوقف، يحذر أحدهم من النزول في طريق بعينه، وينصح آخر بالمكوث في البيت وعدم النزول إلا للضرورة، ويحاول كل شخص تصوير نفسه في الأماكن المزدحمة، لحث الآخرين على عدم النزول في تلك اللحظات، أو على أقل تقدير عدم التحرك في نطاق أماكن بيعنها، وكان نفق العروبة بمدينة مصر الجديدة، واحدا من أبرز ما التقط له المئات صورا وهو مغلق بسبب المياه، قبل أن تدفع المحافظة بسيارات لشفط المياه، وصل عددها إلى 30 سيارة وفق تصريح للواء إبراهيم عوض المتحدث باسم محافظة القاهرة.
كانت وزارة التنمية المحلية أعلنت في بيان لها، أنها اتخذت كافة الإجراءات اللازمة لرفع مياه الأمطار المتراكمة في بعض الأنفاق والشوارع الرئيسية بالأحياء، والتي تسببت في إعاقة حركة المرور وسير المواطنين في الشوارع والطرق، وأنها دفعت بسيارات شفط المياه في مناطق بنطاق المنطقة الشرقية بأحياء مدينة نصر شرق، ومصر الجديدة، وشارع صلاح سالم، ونفق العروبة، وطريق النصر أمام النصب التذكاري، وميدان الشهيد هشام بركات، وطريق النصر مع عباس العقاد، حيث جرى الدفع ب80 سيارة لشفط المياه وجارٍ التعامل مع الأزمة، وهي أماكن كانت جميعها لها صور على مواقع التواصل ينشرها المئات لتحذير المواطنين من التحرك عليها، بينما كان آخرون يستفسرون عن طرق بعينها، ما إذا كان السير بها متاحا أو به صعوبة، كما فعل أحمد حسين الذي سأل "طريق الرجوع من شرم الشيخ، إلى نفق أحمد حمدي في أي مشاكل مطر ولا الدنيا بيس".
هبوط جزء من الطريق الإقليمي، لمسافة 150 مترا وبعمق 30 مترا بسبب هطول الأمطار، كان سببا في قرار الإدارة العاملة للمرور بإغلاق الطريق بمناطق الكيلو 25.
أحمد نصر، صور الطريق ونشر صوره التي أخذت آلاف التفاعل، ليخبره أحد معارفه أنه كان في طريقه إلى هناك للسفر، لكنه وبعد رؤية الصور سيعود إلى منزله مرة أخرى.
دور مواقع التواصل لم يتوقف عند ذلك الحد، إحدى المدارس جعلت من صفحتها الشخصية منصة لطمأنة أولياء الأمور الذين علق أطفالهم في زحام المواصلات، فكانت تنشر لهم تباعا موقعهم عبر الGPS ، وسط متابعة أولياء الأمور لكافة التحركات وحتى أعلنت الصفحة عودة آخر الطلاب إلى منزله، وكان أول ما نشرته في ال7:13 مساء أمس، أن أتوبيس مدينة نصر عالق بشارع النصر منذ ساعتين، بينما كان المنشور الأخير لعودة آخر طالب في تمام ال9:40 مساء، وكان أولياء الأمور يطلبون من خلال التعليقات الطمأنة على ذويهم فتجيبهم الصفحة، وتعتذر لهم عن التأخير الخارج عن إرادتها، وما إن وصل الأطفال جميعا إلى منازلهم كانت تعليقات أولياء الأمور تشكر صنيع القائمين على المدرسة وعلى الصفحة، التي تابعت معهم كل ما يحدث. حسابات أخرى كانت تنشر عناوين تعطل أتوبيسات مدارس بها أطفال، ظلوا لساعات طويلة بلا أكل ولا شرب، لتخبر من في محيطهم بمساعدتهم ولو بأشياء بسيطة.