رئيس اليمن الأسبق يتحدث عن اغتيال الغشمى وتداعياته السياسية    قديروف: العاصمة الشيشانية غروزنى تعرضت لهجوم بطائرة مسيرة أوكرانية    ترامب يفوز بالنسخة الأولى لجائزة فيفا للسلام    توقعات طقس السبت 6 ديسمبر: انخفاض ملحوظ في الحرارة وتحذيرات من أمطار ورمال مثارة    أول ظهور للنجم تامر حسنى بعد أزمته الصحية (صور)    البشعة جهاز كشف الكذب عند القدماء.. وهم اكتسب صدقه مع الزمن    رئيس اليمن الأسبق يكشف تفاصيل إجبار سالم ربيع على الاستقالة    كيف أتجاوز شعور الخنق والكوابيس؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    القومي للمرأة يهنئ الفائزين بجوائز التميز الحكومي والعربي وأفضل مبادرة عربية    الزمالك يواصل الاستعانة بالناشئين لتعويض الغيابات    تذبذب الأوقية بالبورصة العالمية.. ومجلس الذهب يكشف عن توقعات 2026    "مسيحي" يترشح لوظيفة قيادية في وزارة الأوقاف، ما القصة ؟    وزارة العمل: وظائف جديدة فى الضبعة بمرتبات تصل ل40 ألف جنيه مع إقامة كاملة بالوجبات    القيادة المركزية الأمريكية توجه الشكر لقوات الأمن السورية لهذا السبب    ليلي علوي تكشف سبب وصول أمير المصري للعالمية    كواليس تحضيرات نسمة محجوب ومنى زكي لأغاني أم كلثوم بفيلم «الست»    14ألف دولة تلاوة    السفير الفلسطينى بالقاهرة ل «أخبار اليوم»: موقفنا متطابق مع الموقف المصرى ونثمّن جهود الرئيس السيسى فى دعم القضية الفلسطينية    مصل الإنفلونزا وأمراض القلب    تفاصيل تخلص عروس من حياتها بتناول قرص حفظ الغلال بالمنيا بعد أشهر قليلة من زوجها    البريد المصرى يتيح إصدار شهادة «المشغولات الذهبية» من مصلحة الدمغة والموازين    الإسماعيلي يفوز على الإنتاج الحربي بهدف وديا استعدادا للجونة    الرئيس الأمريكي يصل إلى مقر حفل سحب قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 46 مليون جنيه خلال أسبوع    إعلامي سعودي ينصح صلاح بالرحيل عن ليفربول    تايمز: مصر تسعى لاستعادة حجر رشيد لخروجه من البلاد بشكل غير قانونى    تأجيل محاكمة طفل المنشار وحبس المتهم بالاعتداء على طالب الشيخ زايد.. الأحكام × أسبوع    الأمم المتحدة تدعو لتحقيق شامل ومحاسبة المسئولين عن جرائم الأسد والهجمات الإسرائيلية في سوريا    الصحة: فحص أكثر من 7 ملايين طالب ضمن مبادرة رئيس الجمهورية للكشف المبكر عن «الأنيميا والسمنة والتقزم» بالمدارس الابتدائية    رئيس مصلحة الجمارك: نتطلع إلى نقلة نوعية في كفاءة وسرعة التخليص الجمركي للشحنات الجوية    حلمي طولان: تصريحي عن الكويت فُهم خطأ وجاهزون لمواجهة الإمارات    تموين المنوفية تضبط 4 أطنان أعلاف مجهولة وتحرر 231 محضرًا خلال يومين    جامعة حلوان تنظّم ندوة تعريفية حول برنامجي Euraxess وHorizon Europe    مخالفات جسيمة.. إحالة مسؤولين بمراكز القصاصين وأبو صوير للنيابة    جامعة المنصورة الأهلية تشارك بمؤتمر شباب الباحثين لدول البريكس بروسيا    الزمالك يترقب قرار اتحاد الكرة بشأن قضية زيزو.. واللاعب يجهز للتصعيد    شركة "GSK" تطرح "چمبرلي" علاج مناعي حديث لأورام بطانة الرحم في مصر    الصين وفرنسا تؤكدان على «حل الدولتين» وتدينان الانتهاكات في فلسطين    لجنة المسئولية الطبية وسلامة المريض تعقد ثاني اجتماعاتها وتتخذ عدة قرارات    «الطفولة والأمومة» يضيء مبناه باللون البرتقالي ضمن حملة «16يوما» لمناهضة العنف ضد المرأة والفتاة    لمدة 12 ساعة.. انقطاع المياه غرب الإسكندرية بسبب تجديد خط رئيسى    طريقة استخراج شهادة المخالفات المرورية إلكترونيًا    لتعزيز التعاون الكنسي.. البابا تواضروس يجتمع بأساقفة الإيبارشيات ورؤساء الأديرة    "قبل ساعة الاستجابة.. دعوات وأمنيات ترتفع إلى السماء في يوم الجمعة"    خشوع وسكينه....أبرز اذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    حريق مصعد عقار بطنطا وإصابة 6 أشخاص    جامعة الإسكندرية تحصد لقب "الجامعة الأكثر استدامة في أفريقيا" لعام 2025    بعد انقطاع خدمات Cloudflare.. تعطل فى موقع Downdetector لتتبع الأعطال التقنية    وزير الكهرباء: تعظيم مشاركة القطاع الخاص بمجالات الإنتاج والتوزيع واستخدام التكنولوجيا لدعم استقرار الشبكة    لقاءات ثنائية مكثفة لكبار قادة القوات المسلحة على هامش معرض إيديكس    الأهلي يلتقي «جمعية الأصدقاء الإيفواري» في افتتاح بطولة إفريقيا لكرة السلة سيدات    محافظ الجيزة: توريد 20 ماكينة غسيل كلوي ل5 مستشفيات بالمحافظة    طريقة عمل السردين بأكثر من طريقة بمذاق لا يقاوم    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 5 ديسمبر 2025    مصر ترحب باتفاقات السلام بين الكونجو الديمقراطية ورواندا الموقعة بواشنطن    كيف تُحسب الزكاة على الشهادات المُودَعة بالبنك؟    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    الحصر العددي لانتخابات النواب في إطسا.. مصطفى البنا يتصدر يليه حسام خليل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في مهرجان الصعيد.. صوت المسرح عالٍ ب"السمسمية والبنات"
نشر في مصراوي يوم 21 - 10 - 2019

تغير حال المدينة، لم تكن بتلك الحيوية خلال العام الحالي، لكنّ مهرجان الصعيد للمسرح خلق أجواءً مُبهجة، فيها الصغير والشاب والعجوز، الرجال والنساء، "مجانين" المسرح والجمهور العادي، كُلهم اتفقوا على محبّة أبوالفنون، وعاشوا ثلاثة أيام مُتوهجة في مدينة أسيوط.
في الدورة الرابعة لمهرجان الصعيد للفرق الحرة، الذي تنظمه جمعية أصدقاء أحمد بهاء الدين، فتح قصر ثقافة أسيوط ذراعيه للجميع، الذين قدموا من شتى المحافظات، في الفترة بين 10 إلى 12 أكتوبر الماضي، حيث عُرضت 8 مسرحيات مُختارة من 30 عرضًا رأته لجنة المشاهدة الخاصة بالمهرجان، في جولتها داخل محافظات الصعيد.
خلال الثلاثة أيام الواقعة داخل قصر ثقافة أسيوط، كان لا شيء يحدث سوى مشاهدة المسرح والحديث عنه، حالة من النشاط يتفاعل بها الحُضور مع كل عرض، نقاشات عقب كل مسرحية، ابتسامات بدت على وجه لجنة تحكيم العروض كلما وجدوا جرأة في طرح القضايا داخل المسرحيات، وكلما شاهدوا عرضًا استثنائيًا، ونظرة لامعة داخل أعين الممثلين والممثلات مع كل كلمة إيجابية تُوفّي جهدهم المبذول رغم قلة الإمكانيات داخل المسرح في الصعيد، كانت رحلة ممتعة لا تزل آثارها داخل نفوس الجميع.
داخل قصر ثقافة أسيوط الواقع بميدان سعد زغلول، المحاصر بالحواجز من الاتجاهات الأربعة، منعًا لوجود حركة سير بالمنطقة، كانت العروض المسرحية تُؤدى ليل نهار، التوقيت غير مهم، فرغم هدوء المدينة ليلًا إلا أن قصر الثقافة ازدحم بالجمهور الواقف أمام باب المسرح الشتوي في الحادية عشر مساء، بينهم كانت واحدة من ممثلات فرقة تياترو من الوادي الجديد، التي تشارك لأول مرة بالمهرجان برفقة فرقتها التي أدت مسرحية "أوضة الفيران"، فيما تتذكر المرة الأولى التي صعدت فيها على خشبة المسرح "لقيت الناس بتصقف لي، اتبسطت أوي"، ومنذ تلك اللحظة بدأ مشوارها مع المسرح.
رغم قلة الإمكانيات في مسرح الصعيد، إلا أن فاروق حسين لم يملّ يومًا منه، فهو ممثل مسرحي في فرقة أسيوط القومية منذ 25 عامًا، وعضو اللجنة التنظيمية بالمهرجان منذ دورته الأولى، يستبشر حسين خيرًا بالدور الذي يقوم به المهرجان "زمان كانت الإدارة بتحب المسرح وكنا بنروح مهرجانات برة أسيوط ونكسب، دلوقت بيقولولنا مش عايزين وجع دماغ"، فيما يتذكر الرجل الأربعيني أدواره قديمًا في العديد من المسرحيات أمثال "دون كيشوت"، و"هاملت"، و"باب الفتوح"، كما حصل في إحدى السنوات على جائزة أفضل ممثل عن دوره في "زيارة عزرائيل".
رغم شعور اليأس الذي يراوح حسين أحيانًا، لكنه لا يستسلم له، يرى المهرجان بشرى خير في تنشيط حال المسرح بالصعيد "الإدارة بقى فيها ناس فاهمة وبتحب مسرح، وبقى فيه مهرجانات زي دي وزي مهرجان سين خاص بالصعيد بردو"، ما يجعل نَفْس حسين أكثر تفاؤلًا هو تواجد الجمهور العادي لمشاهدة المسرحيات "صحيح هما قليلين عشان الدعاية قليلة بس فيه ناس بتحب تحضر" وخارج حدود قصر الثقافة لا توجد سوى بعض اللافتات المحيطة بالمنطقة تُعلن عن وجود المهرجان.
لم تحتاج السيدة "زينب" إلى دعاية، فهي واحدة من جيران قصر الثقافة، مما ساعدها على معرفة الفاعلية الفنية بسهولة، تحمّست للحضور لأنها تُحبّ المسرح، وشجّعها على ذلك أيضًا كون العروض مجانية، فقدمت برفقة أبنائها وتشكيلة من التسالي لتزجية الوقت.
لم ينتهِ طموح حسين للمسرح بالصعيد، يُمنّي نفسه بتحسّن الإمكانيات "عايزين غرف نعمل فيها بروفات، وعايزين نلاقي خشبة مسرح مُجهزة بالمزيكا والإضاءة نتدرب عليها"، كما يرغب في رؤية عروض كوميدية أكثر "قليل لما بقى بيتعمل مسرح كوميدي، رغم إن الكوميديا أصعب من التراجيدي"، كما يتمنى المزيد من الدورات التدريبية لهواة المسرح.
قلة الإمكانيات هي ما تُواجه فرقة حواديت أيضًا، القادمة من مركز فرشوط بمحافظة قنا، ورغم ذلك يُحاولون، تارة بالجهد الزائد وتارة بالسخرية، "في فرع قصر الثقافة عندنا مفيش مسرح، عشان كدا بنروح نمثل على مسرح مركز الشباب، صحيح فيه مسامير بس أهو موجود"، يقولها عضو الفريق "محمد الحلواني" ضاحكًا، يتحلى الممثلون الشباب بخفّة الدم، فهي سلاحهم في وجه الإحباط.
يعتمد الفريق على التمويل الذاتي، كباقي الفرق الحرة المشاركة "احنا كلنا بنشتغل وواخدين المسرح هواية"، يذكر عضو الفريق "جوزيف خيري"، لذا يروا أن المهرجان فرصة مميزة لهم، حيث يهتم مهرجان أحمد بهاء الدين بتقديم الدعم المالي للعروض المشاركة، لتصل لشكلها النهائي وقت إقامة المهرجان، ويحرص الفريق على المشاركة في كل دورة، كما يضيف العضوان "بلال الصارف" و"محمد الطمير".
داخل العروض المسرحية لم يكن العنصر النسائي فارض لسيطرته، هناك مسرحيات خلت من الإناث، والبعض احتوت على واحدة أو اثنتين، مثل عرض "تسمحيلي بالرقصة دي" الذي أدته فرقة الحواديت، الذي ضمّ فتاتين، واحدة منهما هي "حنان بدر"، والتي تُمثّل هي وزوجها "ملاك عبد النور"، لا يتقبل المجتمع داخل فرشوط تمثيل الفتيات بالمسرح "إنها تشتغل عادي، لكن تمثل مسرح مش مقبول عندنا، بيشوفوه تضييع وقت"، رغم ذلك فإن العديد من أهل المدينة يحبون مشاهدة المسرح "ساعات الصالة بتبقى مليانة على آخرها"، يعترض الحديث عضو آخر "محمود جابر".
رغم قلة عدد الفتيات داخل الفرق المسرحية، لكنهم طُرحوا كقضية داخل العروض، حيث ناقشت مسرحيتان المشكلات التي تتعرض لها الفتيات وما يُمارس عليهن من ضغوط في الصعيد، وكان العرضان هما "تسمحيلي بالرقصة دي"، و"العرايس" لفرقة ويكيبديا من أسيوط، والتي كانت فيها النسبة الكاسحة من عدد الممثلاث، فالفرقة كلها من الفتيات ما عدا المخرج، شغلت مسرحية "العرايس" النقاد الحاضرين، فاحتدمت النقاشات داخل الندوة التعقيبية للمسرحية، وبين وجهات نظر مختلفة طُرحت، ونظرات إعجاب بجرأة الممثلات على طرح القضية، وسط ذلك كانت واحدة من ممثلات العرض تستمع للنقاش هامسة لنفسها "يارب بابا يخليني أكمل تمثيل".
كل المسرحيات كانت تُعرض داخل المسرح الشتوي، باستثناء واحدة، فعرض "تغريبة" لفرقة إبداع من رأس غارب غيّرت من حال المهرجان، عند باب قصر الثقافة كانت الأعين خارجه تتطفل لرؤية ما يحدث بالداخل، حتى أن الأطفال الذين يلعبون حول الميدان اجتمعوا للدخول، "دا مسرح شارع".. تلك الجملة أعلن بها المنظمون عن ماهية المسرحية، حيث هناك يفرش الممثلون شبكة الصيد على الأرض، يضعون الصدف والقواقع البحرية، وبالجوار كان واحد من الفريق يصنع قهوة الجبنة-المشروب التقليدي لديهم-، كل تلك الأجواء صنعت حالة من البهجة في النفوس، بجانب أغاني ومواويل عُزفت على آلتي السمسمية والجالون.
جلس الممثلون في نصف دائرة، وأمامهم صفين من الجمهور يجلس على سجاد، كانت ليلة استثنائية، خرج منها الجمهور شاعرًا بالطرب والونس من عرض حاكى تراث قديم، لمدينة كان مصدر رزقها الأساسي هو الصيد.
بين الحضور كان يجلس المخرج أسامة عبد الرؤوف، عضو لجنة المشاهدة والمدير الفني للمهرجان، داخله شعور بالفرحة لما وصل إليه العرض، حيث يقوم المهرجان بتطوير النصوص مع الفرق المشاركة، حتى يصل إلى شكله النهائي، يُشاركه في الشعور ذاته مدير المهرجان، المخرج شعبان المنفلوطي، فتلك الدورة لها خصوصيتها داخل نفسه، حيث يُشارك في المهرجان عروض أقوى مما كانت عليه في السابق، فيما يستبشر خيرًا للنهوض بالمسرح في الصعيد مع وجود فرق كتلك المشاركة.
ازدحم المهرجان بالعروض التي كانت وجبة مُشبعة بالفن، وعلى مدار ثلاثة أيام كان "مهاويس" المسرح في حالة من المتعة، غير أن ختامها مسك كما يقولون، حيث اشتعل المسرح بالتصفيق لكل الفائزين من الفرق المسرحية في الحفل الختامي، وبعده كانت البهجة تسري كطيف بين الجميع، الكُل يلتقط الصور تسجيلًا لتلك اللحظات السعيدة، وفي الخلفية كانت فرقة رأس غارب تعزف بآلة السمسمية، تحلّق حولها الحضور مُغنين سويًا واحدة من الأغاني التراثية للبحر الأحمر "مد الشراع العالي يابا عونك يا رحمن".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.